ماذا وراء تلك الزيارات؟ سر اللقاءات المتكررة بين السيسي و”الكونجرس اليهودي العالمي”

- ‎فيتقارير

بصور منتشرة بلا أدنى خجل، ولقاءات علنية متتالية، يظهر الديكتاتور عبد الفتاح السيسى، زعيم عصابة الانقلاب العسكري، دعمه اللا محدود لليهود والصهيونية من الباب الرسمي لمصر وعبر بوابة العسكريين؛ حيث استقبل السيسي، قبل أيام، رونالد لاودر، رئيس الكونجرس اليهودي العالمي، وذلك بحضور عباس كامل رئيس المخابرات العامة.
وكعادة المتحدث الرسمي باسم رئاسة الانقلاب الذى خرج متحدثاً بأن اللقاء تناول استعراض بعض الموضوعات في إطار العلاقات المصرية الأمريكية، وكذلك عملية السلام في الشرق الاوسط، وعدد من القضايا التي تتعلق بمكافحة الفكر المتطرف. تأتى الزيارة وهى السابعة بين المنقلب ورئيس الكونجرس اليهودي العالمي رون لاودر، منذ 2015 ، التقى الاثنان فى فترات منتظمة كأنها جدول أو أجندة رسمية يقدم فيه تقريره حول آخر جهوده لدعم "إسرائيل" والصهيونية العالمية.

لقاءات متكررة
سبق وأن التقى السيسي ولاودر، ونائبه موشى رونين، فى يناير 2015 ، وقيل إنه للإشادة بما تضمنه خطاب السيسي حينئذ "من أفكار تحض على التسامح وقبول الآخر، ومحاربة الأفكار المتطرفة. بالإضافة إلى لقاء المنقلب مع أعضاء الكونجرس اليهودي للمرة الثانية في مارس 2017، بحضور خالد فوزي، رئيس المخابرات العامة السابق، ثم التقاهم للمرة الثالثة بعد 7 أشهر في أكتوبر 2017م. اللقاء الرابع بين السيسي، ولاودر بحضور عباس كامل رئيس المخابرات العامة أيضاً كان يوليو 2018، أما اللقاء الخامس فتم في يونيو 2019، والسادس سبتمبر 2020، قبل هذا اللقاء الأخير فى إبريل 2021م.

ماذا وراء تلك اللقاءات؟
الغريب أن تلك الزيارة واللقاء لم يكن كسابق مثلها، إذ حضر كما أشار إلى وجود رئيس جهاز المخابرات وهو مايكشف عن تطور أمنى سرى فى تلك اللقاءات المتكررة.
الموقع الرسمي لـ"المؤتمر اليهودي العالمي"(WJC)، يذكر نفسه فيقول عن نفسه أنه "منظمة أهلية يهودية بأهداف عالمية"، تأسست عام 1936، وتعتبر "الذراع الدبلوماسية للشعب اليهودي ، تدافع نيابة عن تلك الجاليات فى 100 دولة أمام الحكومات والبرلمانات والمنظمات الدولية وممثلي الأديان الأخرى. يقع مقره الرئيس في مدينة نيويورك، وله مكاتب في العديد من دول العالم، ويعتبر دعم إسرائيل من أبرز أنشطة الكونجرس اليهودي العالمي. له فروع ومراكز نشطة في دول عربية وإسلامية عدة بينها مصر وتركيا وتونس والمغرب وأذربيجان والبوسنة، إضافة للإمارات والبحرين بعد اتفاقات التطبيع الأخيرة، ما يؤكد دوره في التطبيع.

بوابة السيسي
القصة فى محكمها متشابكة، لكن تظهر حبكة خيوطها مع جميع اللقاءات والتحركات و"الإيفينت" الذى يتم بداخل مصر كل فترة، فقبل عام وبعد عقود على تهجير يهود مصر خلال أزمة قناة السويس في عام 1956، اتساقا مع مخططات الصهيونية العالمية، عاد 180 منهم من أوروبا وإسرائيل والولايات المتحدة لزيارة بلدهم الأصلي حيث زاروا كنيسا يهوديا أعيد ترميمه أخيرا.
وحضر هؤلاء مراسم دينية (إدخال أسفار توراتية إلى الكنيس والاحتفاء بيوم السبت) في كنيس تاريخي في مدينة الإسكندرية، وسط تعتيم رسمي على هذا الموضوع، الأمر الذي دعا صحيفة نيويورك تايمز إلى القول إن الحكومة المصرية تتعامل بازدواجية مع يهود مصر. دولة الانقلاب رممت المعبد اليهودي الذى تعرض للقصف خلال حملة نابوليون بونابرت على مصر عام 1798. ودفعت السلطات المصرية نحو 4 ملايين دولار لترميم كنيس الياهو هانبي، وأشرفت وزارة الآثار بالتعاون مع الجيش على ترميم المعبد الذي بلغت تكلفته أربعة ملايين دولار واستمر العمل فيه أكثر من ثلاث سنوات بعد انهيار سقفه وسلالمه عام 2016م. وأغلق الكنيس عام 2012 لأسباب أمنية في أعقاب ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك.

"التلميع والإسلاميون وحقوق الإنسان"
كثرة الزيارة أيضاً عن خبث دعوة السيسي للكونجرس اليهودى، وبحسب محسن مختار الباحث فى الشأن المصرى، فإن السيسى استغل اللقاءات للتأكيد على ضرورة مواصلة الدعم الأمريكي لنظامه، حيث نقل من قبل عن أحد أفراد الجالية اليهودية قوله إنه إن لم يحصل على دعم الولايات المتحدة قد يستعيد الإخوان المسلمون السلطة، مضيفًا أن السيسي "يتطلع بوضوح للحصول على الدعم في واشنطن".
يبدو أن هذه الجملة، التي تتكرر في أحاديث السيسي، أصبحت شعارًا لسياساته من أجل جلب دعم الغرب ومساومته عبر البوابة الإسرائيلية، فكثيرًا ما يصاحبها طلب واضح من الإسرائيليين ورجال الأعمال اليهود في أمريكا، بضرورة الضغط على الإدارة الأمريكية لمواصلة دعم السيسي. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كانت الدعوة إلى صمت الغرب عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر حاضرة بقوة، فقد كان أخرها الإعدامات التى تمت بحق العشرات من الأبرياء فى هزلية كرداسة.

صفقة القرن
اللقاءات المميزة بين السيسى والمجلس اليهودى قد لاتخرج من عدة أشياء، من أهمها " صفقة القرن"،خاصة أن السيسى يحاول التقارب مع اليهود عبر بوابة الطائفة اليهودية، وهو ما اعتبرته الوكالة انعكاسا لدفء العلاقات بين إسرائيل والحكومات في المنطقة. وربط خطوة التقارب من خلال الزيارات الحميمة وترميم التراث اليهودي بأن سلطة الانقلاب تسعى تمام التطبيع مع إسرائيل، والسعي لإظهار "أدوار مهمة" لليهود في التاريخ السياسي المصري. فضلاً عن حديث السيسى بأنه لايقف على رئيس (فى إشارة إلى رحيل الرئيس الأمريكى الأسبق دونالد ترمب)،ومن ثم دعم السيسى لليهود متواصل.

العصفورة "لاودر"
مراقبون ذكروا أن التصريحات الرسمية التى تخرج من مصر كورقة كربون بأن اللقاءات الثنائية بين السيسى والمنظمة اليهودية لا تخرج عن بحث 3 قضايا هي: السلام في الشرق الأوسط، محاربة الإرهاب والتطرف الإسلامي، التباحث بشأن عدد من القضايا الإقليمية. السياسيون ذكروا عن اللقاءات التى تجري بشكل منتظم سنويا يرجح أن دور رئيس الكونجرس اليهودي هو نقل رسائل أو تكليفات أو نصائح للسيسي وقادة عرب آخرين. كون وجود عباس كامل رئيس جهاز المخابرات المصرية في هذه الاجتماعات، بأن لها علاقة بدوره في التفاهمات مع غزة للتهدئة مع إسرائيل، حيث واكبت زيارة لاودر للمنطقة عام 2020، موجة التطبيع العربية لأربع دول مع الاحتلال، التي كان السيسي أول المرحبين بها، لذا يعتقد أنه لعب دورا فيها.