حرائق العمق الصهيوني.. ما وراءها؟

- ‎فيأخبار

خلال الأسبوعين الماضيين، وقعت خمسة حرائق وانفِجارات وتسربات نفطيّة وغازيّة سامّة غامِضَة علاوة على صاروخ ديمونا في الكيان الصهيوني (اسرائيل)؛ ما يثير الكثير من التساؤلات حول من يقف وراءها وتداعياتها. الحوادث والتّفجيرات والتّسريبات الغازيّة والنفطيّة الغامضة التي تقع في مُدنٍ استراتيجيّة مِثل حيفا وتل أبيب والرّملة تثير الكثير من التكهنات ايضا، على الرغم من ان البعض يذهب إلى أنها حوادث عرضيّة نتيجة الإهمال، وهُناك من يذهب إلى أبعد من ذلك ولا يَستبعِد أنّ مُعظَمها بفِعل فاعل، سواءً من الدّاخل (مُقاومة فِلسطينيّة)، أو من الخارج (حزب الله وإيران) وطُرُق التّنفيذ قد تكون “سبرانيّة”.
في غُضون أسبوعين أو أقل، شبّ حريقٌ في مطار تل أبيب، وآخَر في مصفاة حيفا الرئيسيّة، وتسرّب غاز أمونيا من مُستودعات في الأخيرة (حيفا)، وانفِجار ضخم في مصنع لمُحرّكات الصّواريخ في مدينة الرّملة، وانهِيار جسر أدّى إلى مقتل 45 مُتَشدِّدًا دينيًّا وإصابة 150 آخَرين، كانوا يَحتَفِلون بمُناسبةٍ يهوديّة في جبل الجرمق في الشّمال، وإغلاق جميع الشّواطئ من النّاقورة شِمالًا حتّى قِطاع غزّة جنوبًا نتيجة تسرّب لمادّة القطران النفطيّة اللّزجة السّامة.
اتّساع نِطاق هذه الحوادث، وتعدّدها في فترةٍ زمنيّةٍ قصيرة، ربّما يكون مفهومًا في دولةٍ من العالم الثّالث، وفي المِنطقة العربيّة تحديدًا، حيث الفساد والحِصارات والفقر وسُوء الإدارة والإهمال وتهميش الكفاءات، في ظِل حُكومات ديكتاتوريّة تَحكُم بالقضبة الحديديّة، ولكن أن تَحدُث وتتكاثر في “دولةٍ” تدّعي أنّها الأكثر تَقدُّمًا وثراءً في مِنطقة الشّرق الأوسط، فإنّ هذا يُثير العديد من علامات الاستِفهام حول دقّة هذا التّصنيف أوّلًا، ومُستقبل هذه “الدّولة” وقُدرتها على البقاء ثانيًا.
لم يحدث فقط فشل القباب الحديديّة فخر الصّناعة الإسرائيليّة الأمريكيّة المُشتَركة في اعتِراض الصّاروخ السّوري الذي حطّ الرّحال، وانفجر على بُعد عدّة كيلومترات من مفاعل ديمونا النّووي، أو اعتِراضها سِت صواريخ فقط من مجموع 36 صاروخًا انطلقت نحو المُستوطنات الإسرائيليّة في غِلاف قِطاع غزّة، ولكن وقعت سلسلةٍ من الحوادث الغامضة المُوثّقة، وباعتِراف السّلطات الإسرائيليّة نفسها.
احتِمال وقوف حركات مُقاومة، داخليّة (فِلسطينيّة)، أو خارجيّة (حزب الله وربّما إيران) خلف بعض هذه الحوادث، خاصّةً التلوّث النّفطي، وحرائق حيفا وتل أبيب، وتفجير معمل مُحرّكات الصّواريخ في مدينة الرّملة، “غير مُستَبعد” على الإطلاق، فالسّلطات الإسرائيليّة كشفت عن هُجومٍ “سيبراني” إيراني على حواسيب مُؤسّسات الماء والمجاري والكهرباء بعد أسابيع من حُدوثه، وتَفرِض حاليًّا قُيودًا صارمةً على نشر أيّ معلومات تتناول مُعظم هذه الحوادث لأسبابٍ أمنيّةٍ وعسكريّة.
إذا أضفنا حالة القلق المُتصاعِد في أوساط الدولة العبريّة تُجاه قُرب الحليف الأمريكي التوصّل إلى اتّفاقٍ في مُفاوضات فيينا لإحياء الاتّفاق النووي مع إيران، وإعلان بنيامين نِتنياهو فشله في تشكيل الحُكومة، وتزايد احتِمالات الذّهاب إلى انتخاباتٍ خامسة في أقلّ من شهرين، فإنّ نصيحة كُتّاب إسرائيليين لمُستَوطنيهم بالهجرة إلى أوروبا وأمريكا وكندا بسبب انهِيار دولتهم الوشيك تبدو مفهومةً، ومُقنِعَةً في الوقتِ نفسه.
صحيفة الراي الفلسطينية قالت " تتابع بفزع شديد موجها رسالة بأن تخيّلوا لو أنّ هذا الانهِيار يتم ويتزامن مع حالة نُهوض عربيّ، ومُقاومة فِلسطينيّة مُتصاعدة وبأشكالها كافّةً لإسرائيل…انسوا من فضلكم تأجيل الانتخابات الفِلسطينيّة وتواطؤ السّلطة مع الاحتِلال وتنسيقها الأمنيّ المُعيب، وراهِنوا على الشّباب المُقاوم المُرابِط في القدس المحتلّة وجِوارها، وتفاءلوا بالخير.. فالصّبر الاستِراتيجي المُعَزَّز بالتّمسّك بالثّوابت، ورفض كُل أشكال الاستِسلام والتّطبيع هي أقصر الطّرق لاستِعادة الكرامة والحُقوق المُغتَصبة، والأيّام القادمة حافِلةٌ بالمُفاجآت السّارّة".
تلك التحركات التي يجري التكتم عليها في إسرائيل تمثل بارقة أمل للمقاومة الذكية، إن كان وراءها خركات أو دول معادية لإسرائيل، أما إن كانت عفوية ووقعت بسبب الإهمال، فهو رسالة أشد تأثيرا وهي أن بيت إسرائيل مجرد بيت عنكبوت واهٍ يمكن تجاوزه والانتصار عليه بسهولة رغم الهالة الإعلامية والعسكرية الكبيرة المفروضة حولها.