امتلأت الأعمال الدرامية التي أنتجتها شركات المخابرات العامة وأجهزة الطاغية عبدالفتاح السيسي خلال رمضان الماضي على كثير من مشاهد العنف والبلطجة، حث طغت مشاهد "الشبيحة " و"البلطجة" على سيناريوهات هذه الأعمال الدرامية، ما طرح العديد من التساؤلات حول ماهية الأعمال وتأثيرها على الواقع الذى تعيشه مصر طوال 7 سنوات.هل هى بلورة لما تشهده الدولة؟ أم تكوين جزء من دولة الفوضى أو "شبه الدولة" كما سماها المنقلب السيسى فى بعض أحاديثه؟
هشام ذو الفقار، أخصائي الطب النفسي، قال إن معظم الأبحاث والدراسات التي ترصد تأثير دراما العنف والبلطجة على المجتمع تقول إن هذا النوع من الأعمال يزيد معدلات العنف في المجتمع، وتحدث الكثير من الأزمات والتشوهات النفسية لدى المراهقين والأطفال، ما يسفر عن إصابتهم بأزمات واضطرابات سلوكية، فضلا عن كونها تزيد من الاتجاهات العنيفة في السلوك لدى الشباب والمراهقين، بسبب ميل الإنسان في هذا السن إلى التقليد والمحاكاة؛ ما يؤدي إلى الكثير من الحوادث المؤسفة التي ربما يكون سببها مشهد فني قد لا يعي مقدموه خطورته على جيل أصبح متاحا أمامه مشاهدة أي شيء سواء عن طريق التلفزيون أو عبر الانترنت.
ويشدد أخصائي الطب النفسي، أنه من الخطأ تقديم البلطجة كحل درامي بديل عن القانون وتعزيز فكرة " أخذ الحق باليد " بدلا من اللجوء للقنوات الرسمية لتحصيل الحقوق، لأن الأمر سيؤثر بكل تأكيد على طريقة تفكير المشاهدين لاسيما الأطفال والمراهقين، فضلاً أن إظهار البلطجي أو القاتل بصورة الشخص الطيب في بعض الأوقات أمر خطير جدا لأنه يزيد من التعاطف مع تلك الفئة التي تدمر المجتمع في مصر، وتثير الأزمات وتنشر الجريمة والمخدرات في الكثير من المناطق المصرية، ودائما ما تكون نهايتها بيد العدالة سواء بالسجن أو العقوبة الأقسى لأنها فئة شذّت عن الطريق المستقيم في الحياة والمجتمع.
مصنع البلطجة
بدروها، قالت الناقدة فاطمة فتحي، إن الدراما يمكن أن تصبح مكانا لبث المثل الأخلاقية وموقعا مناسبا لبحث الناس عن التوعية والتربية من خلالها، حيث تعتبر أن الدراما ليس من واجبها أن تقوم بدور المصلح للمجتمع، بل هي تنقل صورة للواقع، ربما يبالغ صناعها به في بعض الأحيان بهدف جذب المشاهدين. وأضافت: لكن في النهاية ما يكتب وينقل عبر الكاميرا، موجود في المجتمع وبكثرة، فمثلا شخصيات كالتي رأيناها في مسلسل " ملوك الجدعنة " موجودة فعليا في الأحياء الشعبية وبين الطبقات البسيطة في المجتمع، مؤكدة أنه ليس من المنطقي أن نحمل انحراف المجتمع للدراما، حيث إن بذور هذا الانحراف موجودة أصلا في البعض ولن ينتظروا عملا دراميا ليصبحوا منحرفين، مشيرة إلى أن التعاطف مع شخصية البلطجي أو القاتل وليست مع سلوكه وهذا طبيعي، فالإنسان ليس شرا مطلقا في طبيعة الحال.
حال مصر بلا شك
فى المقابل، قال الباحث أمجد سعيد، عضو شبكة مراقبون، إن الأعمال الدرامية لاتخرج من واقع ما تعيشه مصر طوال الفترة الماضية. وربط سعيد بين البلطجة وأعمال العنف التى تحدث فى مصر وسيناء بالتحديد، وأن المشاهد التى منيت بها مصر من أفلام" السُبكى ومحمد رمضان" سلسال لما تشاهده فى أعمال رمضان الماضية، برغم أن حرمة الشهر الكريم كان لها حدود فى الدراما والتمثيل. واستوقف الناقد عدة أعمال منها ( اللي ملوش كبير – وملوك الجدعنة )، كونها أعلى أرقام المشاهدة رغم احتوائها على الكثير من مشاهد العنف والقتال والمخدرات والاغتصاب وغيرها، مشيرا إلى أنه رغم سلبية هذه الأفكار، إلا أن هذه الأعمال تصدر ما عرض جماهيريا، بحسب إحصائيات رسمية. وذكر أن أكثر ما يثير في هذه الأعمال أنها تحمل المشاهد إلى التعاطف مع شخصية القاتل والبلطجي، ليصبح من خلال سيناريو المسلسل المكتوب، ضحية مجتمع وحياة قاسية، مظهرة جانبا إنسانياً في داخل تلك الشخصيات، ربما لن تجده على أرض الواقع فيما يشابهها حقيقة. بحسب قوله.