لماذا لا يرتدع السيسي من تزايد مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة على القروض؟

- ‎فيأخبار

على الرغم من التحذيرات المتوالية من قبل المؤسسات المالية من مخاطر الاقتراض على المفتوح التي يتبعها نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي ونظامه، وما يتبعه من مخاطر اقتصادية جمة على الاقتصاد المصري ومن ثم الإنسان المصري، إلا أن السيسي لا يتوقف نهمه وعجزه عن إيجاد بدائل للاقتراض من الاستدانة لمشاريعه الفنكوشية والتي آخرها المونورول.

حيث كشفت مصادر في وزارة النقل بحكومة الانقلاب أن الوزارة ستحصل على شريحة ثالثة بقيمة 335 مليون دولار من القرض المقدم من بنك "جي بي مورجان" لتمويل مشروع المونوريل، خلال أربعة أشهر. وخاطبت وزارة النقل البنك للمضي قدما في الإجراءات اللازمة للحصول على الدفعة التالية والتي تأتي ضمن اتفاق القرض الذي لم تحدد قيمته الإجمالية. وكانت مصر قد تلقت الدفعة الأولى من القرض بقيمة 332 مليون دولار في أكتوبر الماضي، وحصلت مصر أيضا على الدفعة الثانية ولكنها لم تحدد قيمتها.

قروض بلا حدود

وتم توقيع اتفاق تسهيل القرض في 13 أغسطس الماضي بين الهيئة القومية للأنفاق من جهة، و"جي بي مورغان يوروب لميتد" (وكيل التسهيلات) وبنك "جي بي مورغان تشايس إن إيه" فرع لندن (المنظم الرئيسي المفوض الأولي)، ومؤسسات مالية أخرى محددة (المقرضين الأصليين) من جهة أخرى، وذلك بقيمة قدرها مليار و885 مليوناً و630 ألفاً و553 يورو (نحو 2.2 مليار دولار). وتوسعت الحكومة والهيئات التابعة لها في الاقتراض من الخارج، حيث أعلن "صندوق النقد الدولي" الثلاثاء 25 مايو 2021م، نيته تقديم تمويل إضافي لمصر بقيمة 1.6 مليار دولار، بعد موافقة مجلسه التنفيذي في الأسابيع المقبلة، لكنه قال، في المقابل، إنه ينبغي للسلطات أن تُعمّق وتوسّع ما سمّاه "الإصلاحات الهيكلية".

وأقرّ المجلس التنفيذي للصندوق، في 26 يونيو2020، برنامج مساعدات لمصر بقيمة إجمالية تبلغ 5.2 مليارات دولار، صرف منه مباشرة 2 مليار دولار، لمواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا الجديد. والشريحة التي من المنتظر أن يوافق عليها صندوق النقد، هي إضافة مبلغ 1.16 مليار دولار إلى 3.67 مليارات دولار تلقتها مصر سابقاً من الصندوق. كما يقترب البنك الأهلي ، أكبر بنك في البلاد، من اقتراض مليار دولار من مجموعة من البنوك، وفقاً لما أوردته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، أمس الثلاثاء.

وأمام دوامة الديون التي أدخل السيسي فيها مصر، حددت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية مصر ضمن 4 دول من الأسواق الناشئة الأكثر عرضة لارتفاع أسعار فائدة الاقتراض السيادي، وقدرت أنّ تلك الدول ستشهد زيادة تتراوح بين 0.9 إلى 1.3 نقطة مئوية في تكاليف الفائدة خلال العام الأول من الاقتراض. ووفقاً لوكالة التصنيف، تجاوزت مدفوعات خدمة الدين لدى مصر 30% من إيرادات الدولة في عام 2021، من دون حدوث أي تغييرات في تكاليف إعادة التمويل الحالية.

وكانت وزارة المالية قد توقعت، في مشروع موازنة العام المالي الجديد 2022/2021، أن تمثل تكلفة خدمة الدين نحو ثلث الإنفاق العام. تكمن المشكلة في جزء منها، في حقيقة الأمر، في أنّ مصر لديها جزء "كبير نسبياً" من ديونها السيادية بالعملة الأجنبية، ما يعقد قدرتها على التحكم في تكاليف التمويل. وكثفت مصر الاقتراض الخارجي والتوجه إلى أسواق الدين، بهدف توفير السيولة الأجنبية لإعادة بناء احتياطي النقد الأجنبي، حتى بلغ الدين الخارجي، حتى نهاية ديسمبر 2020، نحو 129.2 مليار دولار، من نحو 65 مليار دولار في 2016.

أكثر من 12 مليار دولار

ومن ضمن التحديات التي يراكمها السيسي فوق رؤوس المصريين، ما كشفته البيانات الرسمية، أن الخزانة المصرية مطالبة بسداد جدول ديون صعب خلال العام الجاري، يبلغ إجماليه أكثر من 12 مليار دولار. ووفق البنك المركزي المصري، فإن أصل الدين الخارجي الذى ستسدده مصر خلال 2021، يبلغ نحو 11.958 مليار دولار، بالإضافة إلى فوائد بنحو 103.76 مليون دولار. وأضاف أن مصر سددت منذ يناير وحتى أبريل من العام الجاري، نحو 7.6 مليارات دولار التزامات خارجية تتضمن أصل الدين ومدفوعات الفوائد.

وخلال الفترة من مايو الجاري، وحتى ديسمبر المقبل، ستسدد مصر 4.430 مليار دولارالتزامات خارجية، منها 54.8 ملايين دولار فوائد ديون. وحتى نهاية العام الماضي، سجلت ديون مصر الخارجية، نحو 129.195 مليار دولار. وتبلغ ديون مصر الخارجية طويلة الأجل نحو 117.237 مليار دولار، بينما تمثل قيمة الديون قصيرة الأجل نحو 11.958 مليار دولار.

ومنذ  اغتصاب السيسي للحكم  بانقلاب عسكري منتصف 2013م (كان حجم الدين حينها 46 مليار دولار)، تضاعفت ديون مصر، مسجلة ارتفاعا بنسبة 175% بحلول يونيو المقبل، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي. ويلجأ فيما يلجأ السيسي لطرق المرابين القديمة، لإطالة أجل الدين الخارجي، في محاولة لتخفيف الضغط على المحفظة المالية للبلاد. وترتب على سياسات السيسي دخول مصر دوامة الديون التي باتت تمثل عبئًا جسيمًا على الاقتصاد المصري الذي يواجه، كغيره، أزمة عالمية عاصفة سببها فيروس كورونا.

فبعد خمس سنوات مما يسمى ببرنامج “الإصلاح الاقتصادي” الذي أطلقته الحكومة عام 2016، بدعم من صندوق النقد الدولي، وما تبعه من إجراءات تقشفية تمثلت في تعويم الجنيه وخفض دعم الطاقة، وصل إجمالي الدين المحلي لأجهزة الموازنة في مصر إلى نحو 4 تريليونات جنيه بنهاية يونيو 2020، تمثل 68.6% من الناتج المحلي.

أما الدين الخارجي لأجهزة الموازنة فوصل إلى 1.1 تريليون جنيه، تمثل 19% من الناتج المحلي، ليماثل إجمالي دين أجهزة الموازنة 87.5% من الناتج المحلي، لذا تأتي مسودة ميزانية السنة الجارية بتوقعات مخصصات كبيرة لسداد الديون وفوائدها، مع الاستمرار في التقشف على العديد من أوجه الإنفاق الاجتماعي. وما يفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين، ويخصم من مخصات الصحة والتعليم والإسكان، لصالح سداد الديون، فيما يجلد السيسي المصريين بسياط الضرائب الباهظة والرسوم المتزايدة.