وافقت اللجنة التشريعية ببرلمان الانقلاب نهائيا علي فصل الموظفين من الجهاز الإداري للدولة بدعوى الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وهو مشروع القانون الذي يسمح بالفصل بغير الطريق التأديبي ويعطي الحكومة صلاحية فصل أي موظف في الجهاز الإداري للدولة إذا ثبت انتماؤه إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، بناء على التحريات الأمنية. وهو ما يتسق مع توجهات النظام من ناحيتين، الأولى مزيد من الانتقام بحق جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معها. والثانية، الإذعان لتوجيهات صندوق النقد الدولي بتقليل أعداد الموظفين بالجهاز الإداري للدولة من 6 إلى نحو ثلاثة ملايين موظف فقط.
ويسمح مشروع القانون الجديد لأجهزة الانقلاب فصل الموظفين المنتمين للجماعة والمتعاطفين معها، بقرار مباشر، دون عرضهم على جهات التحقيق المختصة بهذا الشأن! وقال مراقبون إن ما أقره برلمان الدكتاتور عبدالفتاح السيسي يمكنه من التخلص من كل المعارضين والمنتقدين لسياساته وإسكات وقمع الرافضين للانقلاب من ناحية، وقطع أرزاق العاملين بمؤسسات الدولة ومحاربتهم فى "لقمة عيشهم" ومصدر رزقهم من جانب آخر.
وأشارت ورقة تحليلية لموقع "الشارع السياسي" إلى أن نصوص القانون غير واضحة وقد تحمل أكثر من معنى، كما أنها قد تُستخدم للتخلص من بعض الموظفين في المؤسسات الحكومية أخطرها القرار المباشر للفصل دون عرضهم على جهات التحقيق وفق قانون الخدمة المدنية الذي اعترض عليه أغلب الموظفين، أو من خلال المحاكم التأديبية، ودون صدور أي قرار من النيابة الإدارية.
عدم دستورية
وبحسب مراقبين، يصطدم القانون بعدم الدستورية، إذ لا يمكن تمييز من هم إخوان أو غير إخوان، وهو ما سيعتمد على الوشاية والتلفيقات، ونشر الشائعات وتصفية الحسابات بين الموظفين، في حال وقوع خلافات بينهم، لا تتعلق بالأفكار، وهو ما سيجعل الكل يشي على الكل سواء صدقا أو كذبا، وهو ما يمهد للاحتراب الأهلي، إذ إن الموظف الذي سيفصل من عمله ويهدد حياة من يعولهم سيتحول إلى قنبلة موقوتة تنفجر في وجه أي أحد وبلا تمييز، ما يفاقم العنف المجتمعي، بل والاقتتال وخلق مزيد من الخصومات بين المصريين، وهو على ما يبدو هدفا للسيسي لإشغال الشعب عن كوارثهم التي يتسبب النظام فيها.
ويرى مراقبون أن التعديل الجديد، يعبّر عن إجرام منقطع النظير بحق معارضي السيسي، الذين باتوا جميعا في تقدير النظام إخوانا مسلمين وينتمون لجماعة يصنفها النظام إرهابية، بحسب التكييف القانوني لكل قضايا معارضي السيسي المتعلقة بالتعبير عن الرأي، حتى بات بعض الأقباط يدرجون ضمن تلك المسميات، من الذين يعبرون عن آرائهم على صفحات التواصل الاجتماعي.
نصوص القانون
وينص مشروع القانون الذي يروج له الانقلاب منذ أكثر من سنتين على أن هناك شروطا لفصل الموظفين بغير الطرق التأديبية مثل أن يُدرج الموظف على قوائم الإرهابيين، أو يفقد الثقة والاعتبار، أو يضر إضرارا جسيما بالإنتاج، أو يفقد أسباب الصلاحية للوظيفة، أو يمس بأمن الدولة وسلامتها. أما الفصل بالطرق التأديبية المعروفة والموجودة في قانون الخدمة المدنية فتعني فصل الموظف جزاءً له على الإخلال بمهام العمل.
كما ينص مشروع القانون على أن للحكمة الحق في أن تحكم بالتعويض بدلا من إعادة الموظف إلى عمله، وذلك إذا تقدم المفصول بدعوى قضائية لإلغاء فصله، نظرا للأسباب التي قال نص القانون إن “المصلحة العامة تقتضيها".
تصفية صندوق النقد
حكومة الانقلاب في بداية تعاقدها مع صندوق النقد على دفعات الديون التي فاقت 17 مليار دولار، منها 12 مليار قدمت كدفعات خلال 3 أعوام متتالية، وكشفت حكومة الانقلاب في ٤ نوفمبر ٢٠١٨، عن شروط نظام التعاقد الوظيفي المؤقت، الذي أقرته كبديل للتعيينات في الجهاز الإداري للدولة، في إطار خطتها الرامية للتخلص من مليوني موظف خلال العامين الماليين الحالي والمقبل، التزاماً منها باشتراطات صندوق النقد الدولي.
وطبق السيسي سياسة إقصائية لموظفي الدولة، عبر تحليل المخدرات أو أي اتهامات جنائية أو سياسية، هدفها فصل ملايين الموظفين بالمخالفة للدستور.
وزعم عبد الفتاح السيسي، في مايو 2018 إن الجهاز الإداري لدولة العسكر لا يعمل بالشكل الذي يتمناه، مشيرا إلى أن دولة العسكر تحتاج فقط إلى مليون موظف، بينما عددهم على أرض الواقع يزيد عن ذلك بأكثر من خمسة ملايين ونصف المليون، منهم نحو مليون انضموا إلى المؤسسات الحكومية تحت ضغط التظاهرات في أعقاب ثورة يناير 2011 وفق تعبيره.
https://www.facebook.com/watch/?v=1086250618216682
الخطة منذ 2016 على لسان السيسي
السيسي يمهد بيستعد لتسريح 3 مليون موظف من الجهاز الاداري للدولة رضوخا لاملاءات صندوق النقد الدولى#ارحل_يا_سيسي pic.twitter.com/jtQOLdBndM
— 🇪🇬 Rashazh 🇵🇸 (@th4ra) June 23, 2018
وقال مراقبون إن صندوق النقد الدولي اشترط على حكومة السيسي حزمة شروط مقابل القرض المقدم لمصر بقيمة 5.2 مليار دولار لمدة عام بينها التوسع في سياسة الإحالة إلى المعاش المبكر بشكل يصل بعدد العاملين ضمن الجهاز الإداري للدولة إلى 3 ملايين موظف مقابل 5 ملايين موظف.
وبالفعل، أوقفت حكومة الانقلاب التعيينات الجديدة، وأنهت خدمات العاملين بعقود مؤقتة في وزارات عدة، وطبقت إجراءات صارمة لتقييم الأداء، وفصل متعاطي المخدرات، والمنتمين لتيارات معارضة، خاصة جماعة "الإخوان" المسلمين.
وزعمت غادة لبيب، نائب وزيرة التخطيط، أن الموازنة العامة لدولة العسكر تتكلف أكثر من 300 مليار جنيه سنويًا لرواتب الموظفين فقط. وقبل ذلك، زعم محمد جميل،رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الأسبق، أن معدل الموظفين إلى المواطنين مرتفع جدًا حيث يبلغ موظف لكل 14 مواطنا، بينما يبلغ في دول نامية أخرى موظف لكل 65 مواطنا وفق تعبيره.
وبحسب تصريحات لرئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي فإن «لدينا 5 ملايين موظف في الحكومة، ونحن لا نحتاج أكثر من 40% من هذه الطاقة».
مبررات الفشل
وبدأ فصل الموظفين بشكل جماعي من عدة أماكن قبل القانون وآخرهم نحو 300 موظف بالسكك الحديدية، حيث ظهر وزير النقل بحكومة الانقلاب كامل الوزير والآلة الإعلامية للنظام مدعين أن منتمين للإخوان يعملون في هيئة السكك الحديدية وهم من وراء الحوادث التي تقع في السكة الحديد، فينا أثبت الواقع أن افشل والإهمال والتسيب وسيطرة العسكر هي الأسباب الحقيقية لتلك الحوادث، التي كان آخرها الأربعاء 9 يونيو، حيث خرج قطار جديد عن القضبان دون وقوع إصابات في استمرار لمسلسل الفشل العسكري في إدارة المرفق الحيوي.
وقبل شهور قليلة فصلت أجهزة الانقلاب 35 عاملا دفعة واحدة من شركه المقاولون العرب دون أي مستحقات. وقبل أيام، أوقفت شركة الحديد والصلب نحو 8 آلاف عامل دفعة واحدة عن العمل، بعد عرضها للبيع دون أى أعتبار لحقوق العمال، في سبيل تحقيق تقليل عدد العمال وأهداف أخرى.
وفي فبراير الماضي، قرر مجلس الادارة بشركة الإسكندرية للغزل والنسيج بالسادات والنزهة فصل324 عامل فصل تعسفى لاغلاق الشركه وتصفيتها. وأعلنت وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب فصل 1070 معلما ممن زعمت أنهم ينتمون لجماعات إرهابية، وأكدت أنها تعد قوائم أخرى للمفصولين لتنقية المدارس من الأفكار المتطرفة على حد زعمها.