يصر نظام الانقلاب على مطاردة المصريين والتضييق عليهم خلال حياتهم، كما أنه لا يتركهم بعد الوفاة، حيث يفرض على ذويهم المزيد من الرسوم والضرائب، ويُصدر قرارات تزيد حزن أسرة المتوفى، ويصر هذا النظام على مضايقة المصريين في كل كبيرة وصغيرة، وتنغيص حياتهم وهذا في إطار خطة ينفذها هذا النظام للانتقام من الشعب وهو يتوعد الجميع بأنه لن يُبقي على شىء.
كانت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب أصدرت تعليمات لمكاتب الصحة بعدم استخراج تصاريح دفن لحالات الوفاة بعد الساعة الثالثة عصرا! ما أثار انتقادات بين المصريين الذين فوجئوا بهذا القرار الغريب! ورغم أن الحكمة التى يرددها المصريون منذ قديم الزمان تقول: "إكرام الميت دفنه".. إلا أن العاملين في مكاتب الصحة، يقولون إن القرار ليس قرارهم وإنما قرار صحة الانقلاب، وأنهم بنفذون التعليمات .
هذه التعليمات أثارت الكثير من التساؤلات لماذا لا يتواجد طبيب فى مكتب الصحة لإصدار هذه التصاريح؟ وما موقف المغتربين من وفاة أحد أقاربهم بعد الساعة الثالثة عصرا؟ وكيف يتصرفون مع المتوفى حال انتظارهم لليوم التالي؟
تصريح دفن
حول بعض الحالات التي تعرضت لهذا الموقف المؤسف، قال جمال محفوظ المقيم بالمرج:" إنه منذ شهور توفي أحد أقاربه، فذهب مسرعا إلى مكتب الصحة لاستخراج تصريح الدفن، لكن موظفي الصحة قالوا له: «مفيش تصاريح، تعالى بكرة الصبح». ما أثار حالة من الاستياء والضيق لديه خاصة وإنه المسئول عن المتوفى أمام أقاربه في الصعيد.
وأضاف: "كان موقف مؤسف وسخيف لما تكون مسئول عن جار من بلدك ومش عارف تطلع ليه تصريح دفن، والعيلة كلها جاءت إلى القاهرة، والكل منتظر انتهاء الإجراءات".
وتابع محفوظ : "انتظرت وجميع أفراد العائلة الصعيدية بالمتوفى في منزله حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى حتى استخرجنا التصريح.. وطوال الليل كانت الأمور في غاية الصعوبة حيث وضعنا المتوفى فى غرفة، وأغلقنا عليه الباب، وكل فترة نضع عليه ثلجا حتى لا تخرج منه رائحة".
إكرام الميت
لم يختلف الأمر كثيرا الأمر بالنسبة لـ"محمد سعد"، أحد أبناء محافظة سوهاج المقيم في حلوان، والذى قال:" إنه قضى ليلة من أصعب ليالي حياته مع متوفى من أقاربه، وكان هو من يتولى رعايته ةأبناءه، خاصة وأنه فى أول سنة غربة بعيدا عن المحافظة".
وأضاف سعد: "جالي خبر وفاة الشاب الساعة 7 مساء.. وذهبت لأقرب مكتب صحة لاستخراج تصريح الدفن، وقالوا لي طالما توفي بعد الساعة 3 عصرا لا يمكن استخراج التصريح، "فوت علينا بكرة".
وأشار إلى الصدمة التي أصيب بها؛ خاصة مع تذكره كيفية مبيت الأقارب الذين جاؤوا من عدة مدن لتشييع الفقيد. موضحا أنه تواصل مع أحد الأطباء المقربين له فى حلوان وعرفه بزميل له مختص باستخراج تصريح الدفن مقابل دفع مبلغ مالي.
وتابع: فى الساعة دي لو قالوا لي ادفع كل ما لديك من المال هدفع بس علشان أستر الميت وعيلته.
وتساءل سعد ماذا لو توفي أحد المواطنين فى هذه الأيام الحارة؟ وكيف تتعامل أسرته مع الجثة؟ ولماذا لا تقر حكومة الانقلاب بأن إكرام الميت دفنه؟
حالة غريبة
أما أغرب حالات الوفاة فقد شهدها شارع العشرين بمنطقة فيصل حيث توفيت سيدة، من المقرر أن تنقل إلى أسيوط لتدفن فى مقابر عائلتها، وسارع أحد أقاربها إلى مكتب صحة الهرم لاستخراج تصريح الدفن، لكن العامل الموجود بالمكتب أخبره بأن التصريح يصدر في صباح الغد.
وتسبب هذا الموقف فى صدمة كبيرة تلقاها أقارب المتوفاة، ونشبت مشاجرة مع موظف مكتب الصحة، حتى علموا أن وزارة صحة الانقلاب أعطت تعليمات لمكاتب الصحة بأن المتوفى بعد الساعة 3 عصرا لا يستخرج له تصريح دفن إلا فى اليوم التالى، وأضطر أهالي المتوفاة إلى التجمع أمام منزل المتوفاة خاصة من الصعايدة استعدادا لنقلها إلى أسيوط لدفنها في مقابر الأسرة، وانتابتهم رهبة شديدة خوفا من الانتظار في الشارع حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
وكشف ممرض بمكتب صحة الهرم، رفض ذكر اسمه، أن "صحة الانقلاب" شددت على جميع مكاتب الصحة بألا تُصدر تصاريح دفن بعد الساعة الثالثة عصرا. إلا أن العديد من المصادر أكدت أنه من الممكن استخراج التصريح في أي وقت "بعد دفع المعلوم".