في سنواته العجاف.. السيسي يهدر المليارات على تطوير مظهري للتعليم ويتجاهل البنية التحتية للمدارس

- ‎فيتقارير

تطوير التعليم مطلب شعبي منذ خمسينات القرن الماضي ،تستغله حكومات العسكر المتعاقبة لخداع المصريين حيث ترفع كل منها شعار التطوير وتتبنى فكرة جديدة أو فكرة مخالفة لما سبق طرحه ،وتظل تردد بعض الشعارات وتمضي سنوات ثم ينتهي الأمر لتأتي حكومة جديدة تكرر نفس السيناريو، وهكذا إنهار التعليم بفعل فاعل حيث أن نظام العسكر يتعمد عدم إعداد أجيال واعية عارفة بحقوقها وحقوق مجتمعها ؛لأن مثل هذه الأجيال ستعرف أن العسكر هم سبب كل الكوارث والمصائب التي تعانيها مصر خلال الفترة الحالية.

الخبراء أكدوا أن :"تطوير التعليم من أهم القضايا التي تمس المجتمع ،لكن ما يحدث في مصر ليس له علاقة بالتطوير الحقيقي .لافتين إلى أنه منذ سنوات طويلة كل وزير يأتي يعلن عن خطة للتطوير، وبانقضاء مدته تختفى هذه الخطة ؛لتحل محلها خطة أخرى للوزير الجديد، فعلى سبيل المثال فى عام 1988 أعلن فتحي سرور -وزير التعليم وقتها- إلغاء الصف السادس الابتدائي، وفى عام 2004 أعاده حسين كامل بهاء الدين، دون أن يعلم أحد سبب الإلغاء ولا سبب العودة، ليظل الصف السادس الابتدائي شهادة حتى عام 2017 حينما ألغاها طارق شوقي وزير تعليم الانقلاب الحالي واعتبرها سنة نقل عادية".

وأشار الخبراء إلى أن :"ما حدث مع الصف السادس الابتدائي حدث مع الثانوية العامة التي مرت بمراحل تطوير مختلفة، بدأت بإقرار نظام التحسين في عصر حسين كامل بهاء الدين، ونظام تقسيم المجموع على عامين، حتى تم إلغاؤه لتظل الثانوية العامة سنة واحدة، إلى أن جاء طارق شوقي بقانونه الجديد بإقرار نظام الثانوية التكاملية على ثلاث سنوات، وهو القانون الذى يواجه رفضا شعبيا.

مسيرة الفشل

من جانبه قال الخبير التربوي طارق رشيد، إن :"تطوير التعليم أصبح مجرد كلمة خالية من المضمون، مشيرا إلى أن فيروس كورونا جاء ليكشف الفشل في إدارة العملية التعليمية، والتي بدأت بالمعلمين، خاصة بعد قانون 155 وإنشاء الأكاديمية المهنية". مضيفا :"في السابق كانت الإدارة المركزية للتدريب تقوم بتدريب المعلمين، وبعد إنشاء الأكاديمية المهنية للمعلمين أصبحت العملية أشبه بالتجارة،

وطالب رشيد، في تصريحات صحفية، "بإصلاح العملية التعليمية والنهوض بها من كبوتها ورفع كفاءاتها وزيادة مهارات المعلمين وتحسين أحوالهم ،وشدد على ضرورة القضاء على الفساد المُتفشي في جميع الإدارات التعليمية، وإعداد مناهج متطورة تواكب العصر، والبعد عن المناهج العقيمة والتلقينية ،وأن تكون المدرسة مجهزة بأحدث الأجهزة والمباني الحديثة ،والقضاء على الكثافات الزائدة بالفصول ورعاية الموهوبين".

وتابع رشيد :"لابد من وضع خطط مستقبلية تستهدف تطوير جميع المراحل وأن تشمل عملية التطوير البنية التحتية للمدارس، والاهتمام بالموهوبين والمتفوقين لافتا إلى ضرورة تطوير دور مؤسسات البحث العلمي في مجال التعليم ما قبل الجامعى، بالإضافة إلى إصدار قانون شامل للعملية التعليمية يساهم فى رفع كفاءة جودة التعليم".

وأشار إلى أن تطوير التعليم يجب أن يتضمن الارتقاء باختيار وتدريب المدرسين والمسئولين؛ لكونهم أساس العملية التعليمية، كما أن تطوير المنظومة التعليمية يبدأ من مرحلة رياض الأطفال وحتى التعليم الجامعي، لافتا إلى أن تعديل نظام الامتحانات ليس تطويرا للعملية التعليمية ولكنها الخطوة الأخيرة لتقييم نجاح المنظومة.

وأكد رشيد أن :"الامتحانات التى تُجرى للطلبة إلكترونيا غير موائمة للمنظومة الحالية، منوها إلى أن ما يحدث حاليا مجرد تغيير وليس تطويرا للمنظومة التعليمية".

وأوضح أن :"منظومة التعليم المتكاملة تتضمن تدريبا وتنمية مهارات المعلم ومكافأته، وبالنسبة للطالب يجب أن تتسم المناهج بالثبات حتى يتمكن من الحصول على المعرفة التراكمية، وأن تكون الأسئلة لقياس استيعابه وليس عبقريته ؛نظرا للفروق الفردية بين الطلاب، كما تحتاج أيضا إلى أن تكون المدرسة مجهزة بكل التجهيزات ومعامل الكمبيوتر والعلوم وغيرها".

ضياع أجيال

وأكد الخبير التربوي د. مجدى حمزة أن :"سياسات وزير التعليم لا تحقق منظومة التطوير المطلوبة، موضحا أن مصر لا تملك رفاهية المال والوقت لتغيير أنظمة التعليم بشكل متكرر".

وقال حمزة فى تصريحات صحفية إن "ما يحدث في التعليم يدل على وجود تخبط في نظام التعليم الحالي وسياسته، مؤكدا أن الطريقة الأكثر فاعلية لتحقيق تطوير حقيقي للتعليم هي اللجوء للمجتمع المدني، وإجراء حوار مجتمعي مفتوح يشارك فيه أساتذة الجامعات والمدرسون القائمون على العملية التعليمة، والطلاب وأولياء الأمور، حتى يتسنى للوزارة وضع خطة تتناسب مع ظروف الدولة".

وأشار إلى أن :"كل ما يصدر حاليا عن "التعليم"  عبارة عن تضييع وقت ومحاولة للتغطية على فشل المشروع الحالي «التابلت» والذي كلف دولة العسكر من المال والإمكانيات والوقت الكثير جدا، كما أنه زاد من عبء أولياء الأمور والضغط النفسي على الطلاب بجانب تكلفة الإعادة الباهظة لأي فصل دراسي".، وتساءل «حمزة»: من يحاسب الوزير الانقلابي على ضياع الأجيال التي يتم التجريب فيها؟ مؤكدا أن نظام التعليم 2030 الذي طرحه الوزير الانقلابي لا أحد يعرف تفاصيله أو أهدافه".

وأضاف :"أن خبراء التعليم لا يعرفون ما هو نظام التعليم بمصر حاليا، ولا أهدافه أو كيفية تطويره، فهو نظام بلا ملامح، مشددا على أن التطوير يجب أن يبدأ بالحوار المجتمعي الذي يشارك فيه الجميع، مع التخلي عن أفكار التجريب في أبنائنا".

وأوضح أن :"طلابنا أصبحوا فريسة للدروس الخصوصية ومراكز التعليم، رغم أن وزارة تعليم الانقلاب تؤكد دائما محاربتها للمراكز والدروس الخصوصية، في حين أهملت المستوى التعليمي ؛بحجة مشروعات التطوير الجديدة التي لم تؤتِ ثمارها".

مشروع متكامل

وقال الخبير التربوي على فارس إن :"نجاح أي تطوير يجب أن يأتي بالمشاركة والحوار المجتمعي، موضحا أن التطوير لا يتم بشكل عشوائي ،وإنما يتم وفق دراسات ميدانية وليست مكتبية، أو من خلال دراسة الاحتياجات الاجتماعية ؛لأن التعليم نظام اجتماعي. مشيرا إلى أن هناك نظريات كثيرة للتطوير يجب التعرف عليها وأخذ المناسب منها".

وأشار إلى أن "الهدف من المشاركة المجتمعية هو الوقوف على كل مشكلات العملية التعليمية، والتوصل إلى حلول لها، والخروج بمشروع متكامل يستفيد من خبرات كل الأطراف المعنية بالعملية التعليمية ،بعيدا عن الأفكار الغريبة التي تُكلف الدولة ولا تفيد التعليم في شيء".