باحث: استحواذ الإمارات على قطاعات إستراتيجية بمصر يكرس التبعية لـ”أبوظبى”

- ‎فيأخبار
787878787878

أكد الباحث سمير عمر خلف أن "السياسات الحالية لحكومة الانقلاب إذا استمرت دون مراجعة ستورث مشكلات أعمق وهي تلك المتعلقة بالاستحواذ على قطاعات إستراتيجية متعلقة بالتعليم والصحة والإعلام". لافتا إلى أن "الاستحوذات الإماراتية على هذه القطاعات تجعل من الصعوبة بمكان الانعتاق من هذه التبعية وتضيق من مساحة ودوائر الحركة للسياسة الخارجية المصرية بحيث تصبح مصر بحاجة لوسطاء لترتيب علاقاتها بدول جوارها أو بالفاعلين من دون الدول في هذا الجوار".

وأشار "خلف"، في رداسته "العلاقات المصرية ـ الإماراتية.. حدود التفاعلات وتداعياتها" التي نشرها "المعهد المصري للدراسات" إلى أن أي حديث عن سياسات أقل تبعية يصبح على النخب المصرية أن تسأل أسئلة جدية حول: تحت أي شروط يمكن بناء سياسات خارجية مغايرة لسياسات النظم التي تقوم عليها الثورات، أو سياسات أقل تبعية وأكثر حمائية لأية ثورة أو موجة إصلاحية تعمل لصالح المصريين، وكذلك الأسئلة حول كيفية التخلص من التبعية البنيوية النابعة من حاجة مصرية مزمنة لتعبئة الموارد ، أو على الأقل إيجاد بدائل لهذه المصادر أقل كلفة.

 

تأثير على السياسات

وأكد الباحث أن أكبر تأثير للتبعية للإمارات أن كثير من أوراق مصر الخارجية تظهر من ورائها أبوظبي، فقالت: "لا تزال السياسة الخارجية المصرية خاضعة لنفس منطلقات تحالفها المستقر مع الإمارات، ومن ثم إذا أرادت أن تخطو خطوات بعيدة فعلا عن تلك السياسات فعليها أن تثبت أولا قدرتها على إدارة حوار سياسي داخلي حول قضية المياه وسد النهضة والخيارات المتاحة.

وأضاف أن لذلك تأثير على قدرة مصر على تخطي الصراع الصفري مع المعارضة في الداخل وبالذات تيارات الإسلام السياسي، فمن غير المعقول أن تسير في مصالحات خارجية مع استمرار ذلك الصراع الصفري الداخلي، وهذا ينهي بعضا من أوراق ضغط حلفائها في واشنطن ويعزز من فكرة العودة للأدوار الوظيفية النشطة السابقة، كما أن هذا التوجه مطلوب لأن الداخل أصبح مصدرا مهما للتمويل في ظل استخدام المحاور الإقليمية للمنح والمنع في معاقبة النظام.

وأوضحت الدراسة أن التأثير كان خطيرا عند محاولات اختبار الداخل كبديل في قوانين مخالفات البناء ثم الشهر العقاري ثم مؤخرا اشتراطات البناء الجديدة، لمحاولة إجبار قطاع أوسع من المصريين على المساهمة في تحمل أعباء المشروعات القومية، هذا لن يتم بالشكل المطلوب إلا إذا حدثت انفراجة سياسية تعطي أملا في المستقبل.

 

تأخر المبادرات

وتحدث الباحث في ملاحظة بنيوية أبانت هشاشة الانقلاب قائلا إنه "برغم الفرص التي تفرزها كافة الأزمات الإقليمية أمام نظام الانقلاب في مصر فإننا لم نشاهد استغلالا جيدا لهذه الفرص على مدى الأعوام الثماني الماضية بما يخدم أكثر من مصالح النظام السياسي على حساب مصالح مصر الدولة أو بالتجاهل لها على أحسن الأحوال أو حتى باعتبارها ثانوية".

وحذر من أن ذلك يكرس الطبيعة السلطوية لنظام الانقلاب ويحول دون أية محاولة جادة لتغيرات بنيوية تحد من التبعية وتنتج تفاوت أقل أو مستفيدين أكثر من هذا النظام السياسي، وبما يعزز سياسة خارجية مستقلة بتكلفة أقل.

 

فواتير الانقلاب

وألمح الباحث إلى أن التبعية لأبوظبي وتعمق الإمارات يقف وراءه الحاجة المستمرة من نظام الانقلاب المصري للمال الذي يتحصل عليه بالقروض والمنح بشكل مزمن، فقال "لا يزال الاقتصاد المصري بحاجة لمصادر تمويل دولية أكثف من السابق؛ سواء للوفاء بالالتزامات المالية المتعلقة بالديون على اختلافها، أو حتى لإتمام المشروعات القائمة ذات الكلفة العالية، أو للحفاظ على المستوى الحالي للخدمات العامة دون تدهور، ولا تزال نفس مصادر التمويل الدولي للاقتصاد المصري تتجه شرقا نحو الخليج والصين بشكل كبير.

وحذر من أنه إن "لم يحدث تغير في هذه الحاجة ومصادر تلبيتها فإننا إزاء تبعية بنيوية للأطراف وليس لمركز النظام الدولي ويصعب على النظام الحالي تجاوزها وهي صعبة على أي نظام آخر ما لم يمتلك إرادة سياسية قوية ومشروعا سياسيا بتوجهات مغايرة ومناقضة لحالة التبعية الحالية".

 

تمويل مشروط

وأكد الباحث أن أخطاء هذا النظام الكارثية في السياسة الخارجية رغم نجاحه في السنوات الأولى في تعبئة مصادر التمويل الدولية الأكثر كلفة جعلت من مصر رهينة تبعية بنيوية مصحوبة بمشروطيات خليجية في معظم تحركاتها في الإقليم بدرجات مختلفة من قضية لأخرى.

وأوضح أنه لتنعتق مصر من هذه التبعية "تحتاج السياسة الخارجية المصرية لعقد من سياسات خارجية مؤسسية ومدروسة ومخططة فقط لإعادة الأوضاع عما كانت عليه عشية تسلمه السلطة، ولا يمحوها بعض تحركات وردود فعل متأخرة على أوضاع تم تأزيمها بشكل أعمق منذ تسلمها.

وأضاف أن "معايير التبعية أصبح هناك تركز أكبر للشركاء إقليميا ودوليا بمركب تحويلات العمالة والاستثمار في الدين وأدواته والأموال الساخنة والمنح والقروض المختلفة، والاعتماد على الخارج أصبح أكثر بنيوية في ظل سلسلة المشروعات القومية الكبرى الشرهة للتمويل الضخم غير المتوفر بالداخل".

واعتبر أن الاصطفافات السابقة باتت بمواقف حدية عبئا كبيرا على أية محاولة لتحسينها التي تحتاج لسنوات يبدو هذا واضحا في العلاقات مع قطر وتركيا، ومحاولة استبدال متبوع بمتبوع آخر تبدو مكلفة أيضا.

رابط الدراسة:

https://eipss-eg.org/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%80-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7/