“شىء من الخوف”.. أهالي ديروط يفتحون الهويس رغم أنف “عتريس العسكر”

- ‎فيتقارير

وسط نقص شديد في المياه و تجاهل وغياب كامل لدور حكومة الانقلاب ،وعلى غرار ما حدث في رائعة ثروت أباظة " شىء من الخوف "، تجمّع أهالي قرى غرب مركز ديروط بمحافظة أسيوط، وقاموا بفتح هويس المياه عُنوة لري الأراضي العطشى، التي هلك زرعها وأوشكت على البوار، بعد إغلاق المياه عن أراضيهم لفترات طويلة لصالح محاسيب عصابة العسكر.
وفيما تنذر كارثة الملء الثاني لسد النهضة بجفاف واسع وبوار الأراضي الزراعية، يعاني المزارعون بقرية دشلوط التابعة لمركز ديروط من مشكلة نقص مياه الري، والتي تهدد ببوار الأراضي الزراعية، فيما تتمتع أراضي محاسيب الانقلاب بالرعاية وبحصتها كاملة من المياه.

لا جدوى مع الانقلاب
وقال حمدي عاطف مزارع من دشلوط :"إن نقص مياه الري بالقرية يهدد ببوار ما يقرب من 1000 فدان بناحية دشلوط قبلي ودشلوط بحري وأبو كريم، متابعا: "تواصلت مع المسؤولين بالري والزراعة لإيجاد حل للمشكلة دون جدوى".
وأضاف علي محمود مزارع: "نعاني من نقص حاد في مياه الري فكل الترع جفت ،على الرغم من أن كثيرا من الأراضي الزراعية من حولها كانت تعتمد عليها في الري".

وقال محمود أحمد مزارع إنه :"قام بسقاية الأرض بالجردل، وكثير من الزراعات ماتت بسبب "العطش"، موضحا أن :"المياه منقطعة عن الأراضي تماما منذ 15 يوما بسبب جفاف الترع"، وناشد المزارعون المسؤولين بوزارة الري بحكومة الانقلاب بالعمل على إعادة ضخ المياه لتلك الترع مرة أخرى".
فيما زعم مصدر بمديرية الري بأسيوط أن :"سبب الأزمة تزامن موسم التخضير وارتفاع درجات الحرارة، وتحجج برغبة المزارعين في التخضير في الوقت نفسه.
وأضاف أنه :"جار حل مشكلة نقص مياه الري بقرى غرب ديروط، فجرى رفع منسوب المياه 40 سنتيمترا بترعة إيراد الدلجاوي، المتفرعة من ترعة الإبراهيمية، المارة بقرية غرب ديروط".
مشيرا إلى أن :"زيادة المنسوب تستهدف قريتي دشلوط، وأبوكريم، لأنها القرى الأكثر تضررا من نقص المياه ، موضحا أنها ستصل بسرعة قرية باويط، والتي تُغذي القريتين في الموعد المحدد للمناوبة لمحافظة أسيوط".
وأطلقت سلطات الانقلاب العنان لأذرعها الإعلامية للتحذير من نقص المياه المرتقب بالتزامن مع فشل مفاوضات سد النهضة، وتحميل المواطنين مسؤولية الإسراف وعدم ترشيد الاستهلاك، وتجاهل إخفاق المسؤولين المصريين على مدار 10 سنوات في الخروج باتفاق يضمن حقوق مصر المائية.

مشايخ السيسي
وعلى غرار مشايخ السوء الذين كانوا يبررون لـ"عتريس" ظلمه لأهل القرية، وخلال اليومين الماضيين انتشرت دعوات في العديد من البرامج التلفزيونية على القنوات الفضائية الموالية للعسكر تدعو المصريين إلى الاقتصاد في استخدام المياه؛ تحسبا لأزمة شُح المياه المرتقبة في البلاد، حيث تعهدت إثيوبيا بمُضِيّها قُدما في عملية الملء الثاني للسد، لا سيما من بعض من يطلق عليهم "مشايخ السيسي" أو "مشايخ السلطان".
وفي برنامجه المُذاع على إحدى الفضائيات قال الداعية الانقلابي وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، خالد الجندي إن :"مصر مُقْدِمَة على مشكلة مياه حقيقية، وإن البلاد دخلت حيّز الفقر المائي والبعض ما يزال يسرف في مياه الوضوء، داعيا إلى ردم جميع حمامات السباحة".
الاقتراح الأكثر غرابة جاء من زميله أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، الذي اقترح استخدام "مناديل مبللة" في الوضوء لترشيد استخدام المياه في بلاده.
وأضاف خلال تصريحات متلفزة مع الإعلامي عمرو أديب :"أتمنى أن يقوم أحد العلماء باختراع وابتكار مناديل مبللة تصلح للوضوء، الأمر الذي سيؤدي إلى ترشيد كميات كبيرة من المياه المُهدرة".
وتفاعل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مع هذه الدعوات والاقتراحات التي تبشر بشح المياه في بلد يعتمد على مياه النيل بنسبة 97 بالمئة في الشرب والري والصناعة.
واعتبروا أن :"حقوق مصر المائية مسؤول عنها من يقودون البلد نحو العطش من خلال مفاوضات فاشلة لا تسمن ولا تغني من جوع، وليس المواطن البسيط، فترشيد الاستهلاك وحده لن يحل الأزمة".

مخاوف حقيقية
في السياق، قال الخبير في شؤون دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الدكتور خيري عمر إن :"هذا الكلام ليس بالجديد ولكن إعادته تأتي في ظل الأزمة الحالية المتعلقة بأزمة سد النهضة، وما يثار حولها من مخاوف حقيقية تتعلق بنقص المياه".
واعتبر أن :"أزمة إدارة المياه في مصر بعيدا عن أزمة سد النهضة هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة والشعب، ومحاولة إدراكها الآن جاءت متأخرة"، مشيرا إلى أن "البلاد تعاني من أزمة كبيرة في هدر المياه نتيجة شبكات الري والمياه المتهاكلة، والترع المكشوفة والمردومة بالقمامة، وتقاعسها عن تطوير أساليب الري".
وأكد أن :"محاولة فرض رسوم مرتفعة مقابل خدمات توصيل واستخدام المياه لن تحل الأزمة ؛لأن إضافة تلك الرسوم على عناصر الإنتاج الزراعي سيؤدي إلى نوع من التضخم وفي النهاية سوف يتم تحميلها على السلع التي يشتريها المواطنون".
وقررت سلطات الانقلاب مواجهة شُح المياه من خلال إصدار قانون الموارد المائية والري الذي وافق عليه برلمان الدم، ويتضمن عقوبات سالبة للحريات ويفرض رسوما وغرامات كبيرة على استخدام المياه للري والزراعة.
وواجه القانون انتقادات على خلفية تحميل الفلاحين أعباء مالية جديدة ،مقابل منحهم تراخيص تشغيل ماكينات رفع المياه التقليدية، وتحميلهم نسبة 10 بالمئة من قيمة تكاليف إنشاء أو إحلال وتجديد شبكات المصارف المُغطّاة، أو المصارف الحقلية المكشوفة.
من أهم ملامح القانون (131 مادة) نصّ على "السجن كعقوبة لبعض المخالفات، مثل: زراعة الأرز في المناطق غير المُقررة لذلك، وكذلك إعاقة حركة سير المياه في نهر النيل".
من جهته؛ رأى السياسي والبرلماني المصري، محمد عماد صابر أن :"الانقلاب بدأ يمرر مشروع السد كأمر واقع من خلال قيام الإعلام الداخلي بتهيئة المصريين لقبول الأزمة وكيفية التعامل معها بترشيد الاستهلاك تارة، وتحميل المواطنين مسؤولية الإسراف تارة أخرى".
وأكدأن :"المرحلة الراهنة سوف تشهد المزيد من الحملات الإعلامية الممنهجة، صنيعة الأجهزة المخابراتية، لتسويق الفشل في إدارة أزمة (ملف سد النهضة) على أنها فشل في ترشيد استهلاك المياه".
وأشار إلى أنه حان "دور مشايخ الاستبداد والتبعية من أمثال خالد الجندي وسعد الدين الهلالي ومِن خلفهم مفتي الديار المصرية الحالي والسابق، ووزير الأوقاف وغيرهم في الظهور على كل وسيلة إعلامية ؛لتبرئة العسكر من مسؤولياتهم، وإصدار فتاوى مسيسة تخدم صورة النظام ليس أكثر".