مانجو مرسي بـ3 جنيه ومانجو السيسي بـ50 جنيه.. ما الذي تغير؟

- ‎فيأخبار

فروق أسعار السلع والخدمات في عهد الرئيس المدني المنتخب الشهيد محمد مرسي وسفاح العسكر عبدالفتاح السيسي، لا تبررها عدد سنوات الانقلاب العسكري التي تمتد لثماني سنوات عجاف. 

خلال سنوات الانقلاب العجاف تغير وجه الحياة في مصر من الأمن والحرية والطمأنينة إلى جمهورية من الخوف والقمع والقتل، واستنزاف جيوب المصريين والتفنن في فرض الضرائب الباهظة والرسوم ورفع الأسعار.

خلال سنوات ما بعد الانقلاب تعمقت أزمات الدولة المصرية وانعكست بصورة مؤلمة على حياة عشرات الملايين من المصريين الذين هبطوا تحت خط الفقر، في الوقت الذي ازدادت فيه جمهورية الضباط غنى وثراء؛ حتى انقلبت المعادلة فباتت مصر تفتقر وجيشها يغتني وجنرالاتها باتوا مليارديرات.

تعمقت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بصورة غير مبررة لخدمة بيزنس العسكر الذي ابتلع أكثر من 60% من اقتصاد مصر، وسط إعفاءات غير قانونية ولا دستورية، حصنت أموال الجيش من أي رقابة أو رسوم، ولا حتى مشاركة في دعم الخزانة العامة للدولة عبر الرسوم أو الضرائب أو الجمارك، التي تفرض على الشركات الاقتصادية، وهو ما يسبب عجز الموازنة الضخم والذي لا يجد السيسي العاجز اقتصاديا وسياسيا عن تغطيته سوى بالديون والقروض وفرض الضرائب على المصريين.

زيادة المحصول

وكان الرئيس الشهيد قد صرح في حواره السبت 22 سبتمبر 2012 ببرنامج "حوار في مكتب الرئيس"، على شاشة الفضائية المصرية، بزيادة نسبة المحصولات الزراعية كالقمح حيث زاد نحو 1,5 مليون طن، وزيادة الأرز إلى 8 مليون طن، إضافة إلى زيادة إنتاج الفواكه كالمانجو التي زاد إنتاجها بشكل غير مسبوق وقل سعرها في الأسواق. مضيفاً «المانجو وصلت لـ3 جنيه والعويسى بـ10 والمحصول جيد».

تلك التصريحات الواقعية والعملية والأقرب لعقل المواطنين لتوضيح جهود الدولة في خفض أسعار السلع، لم ترق لإعلام العصابة من الجنرالات ورجال الأعمال الذي كان يعمل ضد الرئيس المنتخب تمهيدا للانقلاب العسكري بعد شهور، فلاكها سخرية وتقطيعا في شخص الرئيس القريب من المواطنين، والذي يحرص على التباسط مع مواطنيه. وشنت اللجان الإلكترونية حملات سوداء وهجوما واسعا على الرئيس وحاولوا ربط تصريحاته بتهكم كبير من عينة: "نحمل المانجو لمصر"، "أنا كنت بحب المشمش دلوقتي بموت في المانجا"، "أنا كنت بحب النهضة دلوقتي بموت في ‎المانجة‏.. آه المانجة".

تلك السخرية الضخمة ومحاولة النيل من الرئيس مرسي، الذي قدم للفلاح الكثير من الدعم برفع المديونيات عنه للبنك الزراعي، وقرر شراء كل المحاصيل المنتجة محليا بأسعار أكبر من الأسعار العالمية تشجيعا للفلاح وتحقيقا للأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي. تلك السخرية أو حتى الامتعاض لم نجده في 2021، حينما ارتفعت الأسعار لأضعاف مضاعفة؛ فلم يعد المواطن يجد طماطم أو مانجو.  فقد تسببت سياسات النظام العشوائية وفساد اللواءات الطافح، وتواصل استيراد المبيدات الزراعية السامة والمسرطنة والفاسدة التي أفسدت محاصيل الفلاحين، وتسبب ارتفاعات بأسعار كل السلع والمحاصيل وفي مقدمتها المانجو، التي كانت مثار سخرية في 2012، رغم انخفاض أسعارها.

 

تراجع الإنتاج

فرغم بدء فصل الصيف رسمياً منذ قرابة أسبوع في مصر، إلا أن جميع أسواقها تشهد غياباً تاماً لمحصول المانجو الذي تشتهر به البلاد، جراء تراجع الإنتاج بصورة غير مسبوقة هذا الموسم للإصابات البالغة في المحصول على مستوى الجمهورية، على خلفية تقلبات الجو والآفات المصاحبة للثمار، الأمر الذي أدى إلى سقوط كميات كبيرة منها على الأرض قبل نضجها.

وتعرض الآلاف من المزارعين في مصر لخسائر مالية فادحة وسط صمت حكومي، بسبب فقد نحو 90% من محصول المانجو الذي كان من المقرر حصاده في يونيو الجاري، نتيجة تفاقم المشاكل السنوية التي تؤثر بالسلب على إنتاجية "فدان المانجو"، ومن بينها الحشرة القشرية وذبابة الفاكهة والبياض الدقيقي، فضلاً عن "العفن الهبابي"، أو ما يطلق عليه المزارعون "الهباب الأسود".

وأنهى "العفن الهبابي" موسم المانجو الشهير في محافظة الإسماعيلية قبيل الحصاد بسبب تساقط الثمار، والذي نتج عنه خسارة ضخمة للمزارعين، لا سيما أن تكلفة زراعة الفدان تتجاوز 100 ألف جنيه على مدار الموسم، وسط اتهامات للحكومة بالسماح بتداول المبيدات الزراعية المغشوشة في الأسواق، ما أثر سلباً على الثمار.

وتوقع مزارعون ارتفاع أسعار المانجو بنسب تصل إلى 40% مقارنة بالعام الماضي للندرة في المحصول، سواء في الأنواع المصرية أو الهجينة، فضلاً عن محاولة المزارعين تعويض خسائرهم الكبيرة برفع أسعار بيع المحصول لتجار الجملة، وهو ما يرفع أسعار بعض الأنواع الشهيرة مثل "عويس" إلى 50 جنيهاً مقارنة بـ30 جنيهاً في المتوسط العام الماضي.

واتهم أعضاء ببرلمان العسكر حكومة الانقلاب بالتقصير والإهمال وعدم توفير عن توفير المبيدات الحشرية، وغياب دور الإرشاد الزراعي في الرقابة على محال بيع الأسمدة بشكل دوري، لمنع انتشار وتداول المبيدات المغشوشة.

ويبقى الفلاح هو الخاسر الأكبر، ثم المواطنون الذين لا يجدون السلع بأسعار تناسب دخولهم، وسط صمت إعلام البغال والحمير، والكتائب الإلكترونية التي لا تجرؤ على معالجة الأزمات التي تواجه المصريين بصورة موضوعية مهنية بعدما سيطرت أجهزة المخابرات على جميع وسائل الإعلام وباتت تتحكم فيما يبث أو ينشر وما لا يبث أو ينشر ؛ فضاعت الحقيقة وكثر الفساد وبات الوطن في مهب الريح.