ضحاياها الغلابة والفقراء.. عصابات منظمة تتاجر بأعضاء المصريين

- ‎فيتقارير

زادت تجارة الأعضاء البشرية خلال السنوات الأخيرة؛ حيث يضطر بعض المصريين إلى بيع أعضائهم من أجل الحصول على مبلغ يكفي لقمة عيش لهم ولأسرهم، بعدما انقطعت بهم كل السبل، فلا دخل ولا مورد رزق بالتزامن مع ارتفاع الأسعار وزيادة فواتير الكهرباء ومياه الشرب وخدمات النظافة بصورة لم تَعُدْ في إمكان أكثر من 60 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر ،وفق بيانات البنك الدولى.

ويتجاهل نظام الانقلاب عمليات زراعة الأعضاء  التي تنشر إعلاناتها في الصحف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ، حتى أصبحت مافيا «أون لاين» شعارها "اتبرع واقبض"، تقوم من خلالها عصابات إجرامية مُنظّمة بالإتجار في «لحوم البشر»، سواء عن طريق نزع أعضاء أطفال الشوارع أو المتسولين ، أو استقطاب فئات من محدودي الدخل والعاطلين الراغبين في بيع أعضائهم البشرية خاصة «الكُلى».

 

3 صفحات

على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» هناك 3 صفحات تحمل اسم «متبرعين كلى مصريين»، « زرع الكلى، «متبرعين كلى بمقابل مادي» إجمالي عدد أعضائها 6766 عضوا،  شباب وشابات أعمارهم من« 22 لـ 49 عاما » يتلقفهم أطباء ووسطاء وسماسرة البشر من معدومي الضمير؛ ليتاجروا بأعضائهم مستغلين تواضع مستواهم الاجتماعي واحتياجهم للمال، دون رأفة أو رحمة بهم.

عشرات المنشورات من عرض بيع كُلى أو شراء، بأسعار تبدأ من 25 ألف جنيه فما فوق، بحسب فصيلة الدم ومدى حاجة المشتري للكلى، ويتم التفاوض مع الراغبين لبيع أعضائهم على الصفحة الخاصة للجروب ليناقشوا إجراءات عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية، وإقناعهم أن بيع هذه الأعضاء لن يؤثر على الحالة الصحية لهم، وذلك بعد حصولهم من المانحين على إقرارات موثقة بمكاتب توثيق الشهر العقاري تتضمن موافقتهم على التبرع بأعضائهم دون مقابل، ليحصل بعدها المانحون على إيصالات موقعة على بياض ؛لضمان عدم عدولهم عن بيع كليتهم أو أي عضو آخر.. وما خفي كان أعظم!

 

الفقر

عن سبب انتشار تجارة الأعضاء البشرية ،أرجعت دراسة أجرتها جامعة الإسكندرية عام 2013الأمر إلى الفقر، إضافة إلى عدم تفعيل التشريعات القانونية التي تُجرّم هذه التجارة .

وكشفت الدراسة أن 78% من المتبرعين المصريين يعانون من تدهور في حالاتهم الصحية بعد العملية الجراحية، و73% منهم يعانون من ضعف قدراتهم على أداء الوظائف والمهام الصعبة التي تقتضي جهدا شاقا.

 

جريمة

 

من جانبه قال أسعد هيكل، المحامي بالنقض :"إن عمليات الإتجار تُعدُّ مخالفة أخلاقية قبل أن تكون جريمة يعاقب عليها القانون، إذ إن مثل هذه الحالات تعمل على استغلال الحالات الفقيرة واحتياجها للمال، في مقابل التخلي عن عضو بشري، وتديرهذه التجارة عصابات إجرامية منظمة، مشيرا إلى أن هذه الأنشطة الإجرامية تشكل أعمالا خطيرة لكسب المال بطريقة غير مشروعة على حساب أجساد الضحايا، بالإضافة إلى تبعاتها السلبية على المجتمع".

وأشار هيكل في تصريحات صحفية إلى أن :"المواجهة القانونية هي أول الطرق للحد من الظاهرة المنتشرة في كل المحافظات، مشددا على أهمية الالتزام بالضوابط والمحاذير والمعايير القانونية الخاصة التي تضبط عمليات نقل وزراعة الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة من جسد إلى آخر، على سبيل التبرع فيما بين الأقارب من المصريين، كما يجوز التبرع لغير الأقارب إذا كان المريض في حاجة ماسة وعاجلة لعملية الزرع ؛بشرط موافقة اللجنة الثلاثية المُنظِمة التي تُشَكَّلُ لهذا الغرض بقرار من وزير الصحة، وفقا للضوابط وإجراءات السلامة التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون".

وأضاف أنه :"يجوز للمتبرع أو من استلزم القانون موافقته على التبرع العدول عن التبرع حتى قبل البدء في إجراء عملية النقل، بينما لا يُقبل التبرع من الطفل أو عديم الأهلية، ولا يُعتد بموافقة أبويه أو من له الولاية أو الوصاية عليه، لافتا إلى ضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية ؛لإنهاء المهازل الطبية التي تحدث في تجارة الأعضاء، وتشديد العقوبات على من يتحايل أو يتواطأ حتى ينال جزاءه الرادع".

 

إجراءات رادعة

وطالب الدكتور محمد عز العرب، المستشار الطبي لمركز الحق في الدواء :"بضرورة تفعيل قانون زراعة الأعضاء فورا؛ للقضاء على هذه الظاهرة المُحرّمة دوليا ودينيا".

وقال عز العرب في تصريحات صحفية إن :"القانون الحالي يُجيز التبرع بـ«العضو»، وبأن يكون النقل الوسيلة الوحيدة للمحافظة على حياة المتلقي أو علاجه من مرض جسيم ،ويكون فقط بين الأقارب للدرجة الرابعة، مع اتخاذ كافة الضوابط والضمانات الطبية اللازمة لسلامة المريض، كما يجوز التبرع في حالة إذا أوصى المُتوفَى بنقل أحد أعضائه للغير، بينما يُحظر البيع والشراء، على أن تُطبّق العقوبات المشددة على من يخالف القانون والدستور، وعلى كل من يشارك في تلك العمليات سواء كان مواطنا أو طبيبا أو إدارة مستشفى حكومي أو خاص".

وشدد على ضرورة توجيه رسائل إعلانية وإعلامية، بشأن ثقافة التبرع ببعض الأعضاء أثناء الحياة أو بعد الوفاة ،بموجب موافقة أو وصية مُوثّقة، للمساهمة في إنقاذ حياة من يحتاجون إلى زرع عضو ما لمواصلة حياتهم."

 

أمور مرفوضة

وأكد الشيخ علي أبوالحسن، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف،إنه لا يجوز شرعا إجراء عملية أو تجربة طبية على جسد الإنسان إلا بموافقته بنفسه، بحيث لا يتسبب ذلك في ضرر له، مع  أخذ كل التدابير لمنع الخطر في إجرائها على حياته".

وقال أبوالحسن فى تصريحات صحفية إن :"الشريعة الإسلامية حرمت كل ما يؤدي إلى إتلاف البدن وإزهاق الروح، فأَمرت الإنسان بالمحافظة على نفسه وجسده من كل ما يُهلكه، ونهت عن أن يقتل الإنسان نفسه أو يُنْزِلَ بها الأذى، وأيضا عدم المساس بالمُتوفَى حال عدم وصيته بالتبرع بأي عضو من جسده، ويحظر الإتجار بأعضائه، أو تشويهها" .

وشدد على أن :"هذه أمور مرفوضة، وانتهاك لحرمة الميت، ومخالفة لشرع الله؛ لأن جسد الإنسان ليس مملوكا لأحد، بل مُكرّم من خالقه".