واشنطن تقود التماهي الغربي مع انقلاب تونس ومراقبون: يحمون مصالحهم على حساب الشعوب

- ‎فيتقارير

التاريخ القريب في مصر يوليو 2013 إبان الانقلاب العسكري في مصر على الديمقراطية الوليدة يعيد نفسه في تونس يوليو 2021، فالمواقف الغربية المنافقة بتماهي البيت الأبيض مع انقلاب الرئيس التونسي وردود الفعل الحذرة من الاتحاد الأوروبي، يشي أنهم في نقطة إمساك العصا من المنتصف رغم أن غالبية أحداث العالم العربي خرجت من مطبخهم، ينفذها ويمولها ويوظف آخرين فيها، شرطي المنطقة شيطان العرب ولي عهد أبوظبي، هروبا من شيء واحد، وهو اختيار الشعوب العربية التي لا تجتمع على باطلهم.

ففي رصد للمواقف الأخيرة قال البيت الأبيض تعليقا على انقلاب قيس سعيد "لا يمكننا حتى الآن وصف قرارات رئيس تونس بالانقلاب".
وقال متحدّث باسم الاتحاد الأوروبي "ندعو كل الجهات الفاعلة في تونس إلى احترام الدستور، والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون، ندعوهم كذلك إلى التحلي بالهدوء وتجنّب أي لجوء للعنف حفاظا على استقرار البلاد"، ودعا  الاتحاد الأوروبي لاستئناف عمل البرلمان في تونس.
ودعت روسيا إلى تسوية الخلافات الداخلية في إطار القانون، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "نأمل ألا يهدد شيء استقرار شعب ذلك البلد وأمنه".
ودعت وزارة الخارجية الفرنسية جميع القوى السياسية في البلاد الى تجنب أي شكل من أشكال العنف والحفاظ على المكتسبات الديموقراطية للبلاد".
الموقف الذي عبر عنه البيت الأبيض ليس مكشوفا فقط لدينا نحن العرب؛ بل إن واشنطن بوست الصحيفة الامريكية، قالت "على بايدن وقف انقلاب تونس وإلا ترك الساحة لأعداء الديمقراطية".
وحذر السيناتور الأمريكي جو ويلسون، في رسالة لوزير الخارجية من الرد المتماهي قائلا "مؤسف جدا عدم إدانة إجراءات قيس سعيد بصورة حاسمة، انهيار الديمقراطية في تونس سيؤدي إلى تبعات مدمرة ويزعزع الاستقرار في شمال افريقيا بكامله، وسيثبت صحة مواقف الحركات المتشددة في المنطقة من أن الديمقراطية نظام فاشل للحكم".
يخيف الغرب
وعن الردود الغربية، أكد د. خليل العناني أنها من المؤكد ستختلف إن قام الغنوشي بقرارات سعيد وكتب "فقط تخيلوا للحظة لو تم تبديل الأدوار وكان الغنوشي هو الرئيس وقام بما قام به قيس سعيّد من تجميد البرلمان ومخالفة الدستور والتهديد باستخدام السلاح مع المخالفين، ماذا سيكون رد الفعل الداخلي والخارجي عليه وبماذا سيصفون فعله؟. أترك لكم الإجابة والتعليق".

واعتبر الأكاديمي التونسي محمد هنيد أن "أشد ما يُخيف القوى الدولية هو تعايش مكونات المجتمعات العربية وتوافقها ولو في حد أدنى؛ لأن ذلك سيصيب المجتمع بالصلابة وسيفرز قوى حية قادرة على البناء لذا يصنعون كل شروط الفرقة والاختلاف والتناحر ويضخون لأجلها مليارات الدولارات".
وكتب الكاتب مهنا حمد المهنا "متى يتعلم المسلمون والعرب أن الغرب والدول الكبرى لا يؤمنون باختيارات الشعوب ولا نتائج الديمقراطية ولا يحترمونها؟، وكم هو مغفل الذي يعتقد أن الغرب سيدافع عن الأنظمة الديمقراطية في عالمنا العربي؛ لأن الغرب هومن أتى ومكن وحافظ على هذه الأنظمة الدكتاتورية؛ لأنها الوحيدة لحماية مصالحه".

فاترينة الانقلاب
ويبدو أن عينة قيس سعيد لا تكتفي بالرئاسة التي كلفه بها الشعب لفترة 4 سنوات، بل يطمح لأن تزيد، معتبرا بذلك ذكاؤه غير أن من يرى خارج الصندوق يراه مجرد واجهة يدير حانوتها الغرب، وبمساعدة من محمد بن زايد ورفاق الثورة المضادة العربية.
يقول الكاتب الصحفي وائل قنديل "في عالمنا العربي السعيد لا وجود لما يسمي انقلابات دستورية، نحن متخصصون في الانقلابات العسكرية، هذا انقلاب جنرالات يلعب قيس سعيد فيه دور الفاترينة مثله مثل عبير موسي أو عدلي منصور".
أما المشروع فكان أيضا واجهة للانقلاب، يقول أسامة رشدي عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق، "الخلاف ليس بين المشروع الاسلامي والليبرالي.. الخلاف هو مع الاستبداد والفاشية التي تتستر خلف شعارات زائفة، تخفي توحشها وديكتاتوريتها وانتهازيتها.. كل الديمقراطيات فيها اختلافات قد تكون حادة كما تابعنا الانقسامات لدى الصهاينة وأمريكا.. لكن المؤسسات منحازة للقانون وولاءها للدستور وليست عصابة".

ووصف الكاتب أحمد عبد الجواد قيس سعيد بأنه "عبارة عن طبل أجوف، صوته يشبه الضراط، لا يملك من أمر نفسه شيئا تأتيه الأوامر السامية من باريس وأبو ظبي فينفذها، لذا لابد من وأد أطماع فرنسا والإمارات والسيسي في تونس، وحتى تحسم تونس هذه المعركة، لابد من إندلاع الثورة مرة أخرى؛ لتبقى تونس أيقونة الربيع العربي".

لا لوم على النهضة
ودعت فعاليات ومكونات سياسية تونسية إلى انتخابات مبكرة، وبعضهم دعا إلى حوار وطني بين الفاعلين في المشهد، وعليه قال المحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة إن "دعوة النهضة إلى حوار وطني لإخراج البلاد من الأزمة؛ دعوة عاقلة في مرحلة صعبة كل صعيد، يكون تخفيف الخسائر مقدما على تحقيق المكاسب".

وأضاف: النهضة كانت منحازة لهموم تونس، وقدمت تنازلات لا تُحصى، وستكون الأكثر حرصا على مصالح شعبها، الأمل أن يكون الجميع على هذا المستوى من المسؤولية".
أما عيسى ماجد الشاهين فكشف أن "مكونات مجلس نواب الشعب التونسي هي كالتالي:
حركة النهضة: 54 مقعدا
الكتلة الديمقراطية: 38 مقعدا
حزب قلب تونس: 27 مقعدا
ائتلاف الكرامة: 19 مقعدا
الحزب الدستوري الحر: 16 مقعدا
الإصلاح: 16 مقعدا
تحيا تونس: 11 مقعدا
الكتلة الوطنية: 11 مقعدا
المستقبل: 9 مقاعد
بدون كتلة: 16 مقعدا

وأضاف أن "مجموع أعضاء كتلة حركة النهضة حوالي 25%  فقط من إجمالي عدد نواب مجلس الشعب التونسي، موضحا أن الإجراءات الانقلابية تعدت عدوانا صارخا على مجمل أعضاء مجلس الشعب التونسي  المنتخبين من قبل الشعب في انتخابات حرة ونزيهة".


حصر الصراع

وتابع "سعى الانقلابيون إلى حصر  الصراع مع حركة النهضة وبالأحرى مع التيار الإسلامي وتأملت أن يتطور هذا الصراع إلى مرحلة العنف لتوريط الجيش والقوات الأمنية في هذه المواجهة".
ورأى أن "حركة النهضة نجحت مبكرا في التوقف عن المظاهرات المعارضة للإجراءات الانقلابية، وتراجعت عن تصدر المشهد، معتبرا أن موقفها ذاك موقف حكيم من الحركة أفشلت به هدف الانقلاب في تحويل المواجهة الى مرحلة العنف للقيام بإجراءات أمنية دموية ضد التيار الإسلامي والديمقراطي".
وكذلك دفع هذا الموقف من الحركة إلى بروز و وضوح المعارضة الشعبية الصلبة من قبل أغلب الاحزاب السياسية وعموم الجماعات والمنظمات المدنية.
وعليه أكد أنه "لذلك أصبحت دعوة الحوار والتفاوض من أجل تراجع الرئيس المنقلب عن إجراءاته المنحرفة والمهددة للأمن والاستقرار محل اتفاق شعبي وطني واسع.
وهو ما يُفهم منه دعوة حركة النهضة التونسية إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة؛ للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، وطالب متحدثوها الجيش بالحياد".
وقال المتحدث باسم حركة النهضة خليل البرعومي لإذاعة (ديوان إف إم) التونسية "نحن لسنا في خصومة مع الجيش والأمن، ولايزال لدينا أمل من خلال الضغط السلمي والمدني أن تعود جميع الأطراف لمائدة الحوار".