رغم انزلاق عشرات الملايين تحت خط الفقر.. السيسي يتجه لرفع سعر الخبز للمرة الثالثة

- ‎فيتقارير

في تصريحات له اليوم الثلاثاء 3 أغسطس 2021م قال زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي إن الوقت حان لزيادة سعر رغيف الخبز المدعوم، مدعيا أنه لا يتحدث عن زيادة كبيرة في السعر، لكن عن أن زيادة السعر باتت ضرورة. وأضاف ــ خلال افتتاحه مصنعا غذائيا على الأرجح جرى افتتاحه من قبل ــ  أنه يجب إعادة النظر في سعر رغيف الخبز المدعم البالغ خمسة قروش مصرية (الدولار = 15.7 جنيه مصري)، مشيرا إلى أن قيمة 20 رغيفا تبلغ ثمن سيجارة واحدة. وكان اللافت في تصريحات السيسي أنه شدد على ضرورة زيادة سعر الخبز المدعم دون الخوف من ردود الفعل الشعبية.

وخلال العقود الماضية لم تستطع أي حكومة مصرية الاقتراب من سعر الخبز مطلقا  إلا في مرحلة ما بعد انقلاب 3 يوليو 2013م. فقد ظل سعر الخبز عند 5 قروش منذ انتفاضة الخبز في يناير 1977م، وظل سعر الخبز (وزن الرغيف  130 جرام) حتى الانقلاب على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013م.

وفي مرحلة ما بعد الانقلاب جرى زيادة سعر الرغيف مرتين بطريقة غير مباشرة عبر  تثبت السعر عن مستوى 5 قروش مع تخفيف الوزن من 130جراما إلى 110 جراما في منتصف 2017م. وأخيرا، في 2020، وصل الوزن إلى 90 جراما. معنى ذلك أن السيسي رفع أسعار الخبز فعليا بنحو 35% عبز خفض وزنه بذات النسبة، لكنه يتجه هذه المرة إلى زيادة سعر الخبز مباشرة وليس بطريقة غير مباشرة.

وتأتي تصريحات السيسي في وقت ترتفع فيه مستويات الفقر في مصر والتي تزيد عن 60% بحسب تقديرات البنك الدولي بخلاف نحو 15 مليونا آخرين تأثروا بشدة بفعل تفشي وباء كورونا والذي تسبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية وتسريح مئات الآلاف من العمال والموظفين.

ويمد الخبز البلدي المدعم المستهلكين بحوالي 70في المئة من احتياجاتهم النشوية والبروتينية يوميا، و52 في المئة من السعرات الحرارية التي يحتاجونها، وفق بيانات الجهاز أيضا.

وكانت الحكومة قد خفضت الدعم التمويني في الموازنة العامة الحالية بمقدار 4.5 مليارات جنيه (283 مليون دولار)، حيث أصبح 84.5 مليار جنيه (5.3 مليار دولار) في العام المالي 2020/21، بدلا من 89 مليار جنيه (5.6 مليار دولار) في العام المالي السابق. وارتفعت تكاليف المعيشة ارتفاعا صاروخيا منذ عومت مصر المعتمدة على الاستيراد عملتها الجنيه في نوفمبر 2016 لتفقد نحو نصف قيمتها، مما قلص الدخل الحقيقي لكثير من المصريين.

 

موقف مرسي من رغيف الخبز

في 21 يوليو 2012، اجتمع رئيس الوزراء وقتها، الدكتور كمال الجنزوري، بوزير التموين، الدكتور جودة عبد الخالق، ورئيس الشعبة العامة للمطاحن والمخابز باتحاد الغرف التجارية، عبد الله غراب، وذلك في مقر مجلس الوزراء المؤقت بالهيئة العامة للاستثمار. وبعد الاجتماع أعلن غراب عن أن الدكتور كمال الجنزوري “وجّه إلى البدء بدراسة توحيد سعر رغيف الخبز من 5 قروش إلى 10 قروش”، وذلك في مؤمر صحفي مشترك مع وزير التموين. ونشرت صحيفة “المصري اليوم” الخبر على موقعها الإلكتروني بالبنط الأحمر العريض في الساعة الرابعة والنصف عصرا بتوقيت القاهرة تحت عنوان: الحكومة تتجه لتحرير صناعة الخبز ورفع سعر الرغيف لـ 10 قروش.

وبعد ساعتين ونصف فقط من نشر الخبر، نفى الرئيس محمد مرسي الخبر بغضب، وقال في برنامج “الشعب يسأل والرئيس يجيب” الذي كان يذاع على إذاعة البرنامج العام في شهر رمضان عقب آذان المغرب مباشرة، “إن أسعار رغيف الخبز ستظل كما هي، وستبقى بـ 5 قروش”، ووجه كلاما حادا إلى الجنزوري المدعوم من المجلس العسكري والمكلف حينها بتسيير الأعمال قال فيه: “أدعو احترام الآخر في هذا الإطار ولا نريد تجاوزات”، وأضاف: “إن رغيف العيش الذي يحب الناس أن يأكلوه بثمنه وجودته سيتوفر للمواطنين”. وبعد ثلاثة أيام فقط من الواقعة أعلن الرئيس مرسي عن تكليف الدكتور هشام قنديل بدلًا منه.

وفي منتصف أغسطس 2012، كشف المهندس أبو زيد محمد أبو زيد، وزير التموين والتجارة الداخلية في حكومة الدكتور هشام قنديل عن إنتاج رغيف خبز مدعم بسعر 10 قروش ويزن 170 جرامًا بجانب الرغيف فئة 5 قروش، في 6 خطوط إنتاج بمجمع مخابز الطالبية بالتعاون مع وزارة الاستثمار بطاقة إنتاجية 200 طن/يوم. وصرح أبو زيد بأنه عرض الفكرة على رئيس مجلس الوزراء، الدكتور هشام قنديل، والذي طلب إعداد دارسة لتكلفة الرغيف الجديد وآلية الإنتاج في المخابز الحكومية وتحديد أسعاره تمهيدا لإقرارها.

ولكن الرئيس محمد مرسي رفض للمرة الثانية إنتاج الرغيف فئة 10 قروش حتى لا يظن الناس أنه تمهيد لإلغاء الرغيف فئة 5 قروش، وهي سياسة اتبعها الرئيس المخلوع حسني مبارك مررا لزيادة الدعم تقوم على ايجاد البديل الحسن بجانب القديم الرديء وبمرور الوقت يتم إلغاء القديم بعد تنفير المواطن منه. وأكد مرسي الاعتماد الكلي على إنتاج رغيف الخبز فئة الـ 5 قروش والإصرار على تحسين جودته. ولما سُئل الوزير لاحقا عن التجربة أجاب بأن تعليمات رئيس الجمهورية في هذه النقطة واضحة، وهي لا زيادة مليما واحدا في سعر الرغيف.