يواجه قطاع السيارات في مصر أزمة كبيرة بسبب أزمة نقص الرقائق الإلكترونية وتراجع إمدادات أشباه الموصلات التي يطلق عليها "تشيباجيدون"مع تباطؤ الإنتاج وتوقف عمل مصانع هذه الرقائق في دول العالم مع تجاهل حكومة الانقلاب لمطالب التجار ما يجعلهم مهددين بخسائر غير مسبوقة.
وتسيطر على سوق السيارات حالة من الغموض سواء على المستوى العالمي أو على المستوى المحلي خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه مصر والكوارث التي تسبب فيها نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي نتيجة خضوعه لإملاءات صندوق النقد الدولي وتزايد الديون الخارجية المصرية إلى أكثر من 135 مليار دولار.
في هذا السياق اعترف خبراء السيارات أن "قطاع السيارات تلقى ضربة كبيرة؛ بسبب هذه الأزمة ما يعني تراجع المبيعات التي تعاني أيضا من التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا، بجانب حالة الركود التي تسيطر على الأسواق وتراجع القدرات الشرائية للمصريين.
وحذر الخبراء من تداعيات أزمة نقص الرقائق، مؤكدين أنها "ألقت بظلالها على السوق المحلية بعد إعلان بعض الشركات تحديد إنتاجها مؤقتا لحين حل الأزمة".
وقالوا إنها "ستؤدي إلى تفاقم أزمة قوائم الانتظار الطويلة والأوفر برايس، علاوة على قيام الشركات العالمية برفع أسعار طرازاتها".
السوق المحلي
حول هذه الأزمة وتأثيرها على السوق المصري قال المهندس حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات إن "أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي ضربت المصانع والشركات العالمية أثرت على السوق المحلي وتسببت في زيادة الأوفر برايس وتفشي قوائم الانتظار الطويلة".
وقال مصطفى في تصريحات صحفية إن "إعلان الكثير من المصانع العالمية تحديد إنتاجها أثر بالسلب على الكميات المتفق عليها لصالح الوكلاء والمستوردين في مصر، مما جعل بعضهم يعلن بالفعل عن وقف باب الحجز على بعض الموديلات لنهاية العام الجاري".
وأكد أن "مشكلة الرقائق الإلكترونية تمثل مشكلة كبيرة تهدد مستقبل سوق السيارات عالميا ومحليا، لافتا إلى أنها تتواجد في حوالي 40% من مكونات السيارة وتتحكم فيها منها التحكم الإلكتروني ووسائل الأمان والحساسات و كل الأجزاء الإلكترونية التي تدير أداء السيارة بالكامل".
وأوضح مصطفى، أن "السيارات الحديثة حاليا أصبحت تُدار بجهاز كمبيوتر يتلقى الإشارات والإنذارات من حساسات منتشرة في أنحاء السيارة ويقوم بضبط الأداء وتفعيل وسائل الأمان والحصول على أفضل أداء للسيارة".
وأشار إلى أن "السيارات الحديثة تعتمد على الإدارة بالكمبيوتر وهذا يعتمد بالتالي على الرقائق الإلكترونية التي تتلقى الأوامر وتعطي الحلول المناسبة للحصول على أقصى درجات الأمان وأفضل أداء للسيارة".
وشدد مصطفى على أن "الرقائق الإلكترونية تشكل نسبة كبيرة من عمل السيارة، مؤكدا أن العالم يشهد أزمة كبيرة من نقص تلك الرقائق نظرا لنقص التصنيع بسبب الإغلاقات المتكررة للمصانع ونظرا لاعتماد صناعات أخرى غير صناعة السيارات على تلك الشرائح الإلكترونية مثل المحمول والألعاب الإلكترونية".
احتكار الشركات
وأشار إلى أن "سبب أزمة نقص الرقائق هي الشركات التي تحتكر صناعتها حيث توجه أغلب إنتاجها إلى الصناعات الأخرى التي تطلب كميات هائلة منها مثل صناعة الموبايل والكمبيوترات وصناعات الألعاب الإلكترونية".
وكشف مصطفى أن "ما يطلبه مصنعو السيارات لا يتجاوز 20% من حجم إنتاج تلك الرقائق وتتجه 80% إلى الصناعات الأخرى، موضحا أن خطأ مصنعي السيارات أنهم لم يلجأوا إلى تخزين تلك الرقائق التي تدخل في مكوناتها العديدة لأنه لم يكن أحد يتوقع مثل هذه الأزمة ولأنها كانت تعتقد أن التخزين غير اقتصادي حيث إنه يعتبر رأس مال متوقف".
وتوقع انتهاء الأزمة مع نهاية العام الجاري أو خلال الربع الأول من 2022، مشيرا إلى بعض الدول بدأت بالتعاون مع الشركات العالمية في إنشاء مصانع لحسابها الخاص لتلبية احتياجاتها من الرقائق، وبالتالي مع حل الأزمة ستنتهي ظاهرة الأوفر برايس وتختفي قوائم الانتظار الطويلة".
الموديلات الجديدة
واعترف الدكتور صلاح الكموني، عضو الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، "بتأثر السوق المصري بأزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي تسببت في تأخير وصول بعض الموديلات الجديدة إلى السوق المحلي".
وقال الكموني في تصريحات صحفية إن الوكلاء المحليين يتنافسون على تقديم الموديلات الجديدة رغم أزمة نقص أشباه المواصلات التي تعاني منها معظم الشركات العالمية".
وأكد أن "الأزمة العالمية انعكست سلبا على السوق المصري خاصة فيما يتعلق بتقديم السيارات في موعدها، حيث تسبب في تأخر بعض الموديلات الجديدة".
وأشار الكموني إلى أن "تنوع الموديلات والطرازات أمام المستهلك المصري قد يساعده على اختيار السيارة الأفضل سعرا وجودة بالنسبة له، لافتا إلى أن تنوع السيارات يؤدي إلى زيادة المنافسة بين وكلاء السيارات وهو ما أدت الأزمة إلى تراجعه بصورة كبيرة".