عدد السكان 102 مليون نسمة.. هل مصر على أبواب ثورة حرافيش جديدة؟

- ‎فيتقارير

أعلن جهاز التعبئة والإحصاء وصول عدد سكان مصر بالداخل إلى 102 مليون و250 ألف و421 نسمة بزيادة قدرها ربع مليون نسمة خلال 50 يوما.
وكان عدد سكان مصر سجل 102 مليون نسمة في 5 يوليو من العام الجاري.
وجاءت محافظة القاهرة على رأس قائمة أعلى عشر محافظات من حيث عدد السكان، حيث بلغ عدد سكانها 10.1 مليون نسمة.
وجاءت الجيزة في المرتبة الثانية بعدد 9.3 مليون نسمة، ثم الشرقية بعدد 7.7 مليون نسمة، ثم الدقهلية بعدد 6.9 مليون نسمة، ثم البحيرة بعدد 6.7 مليون نسمة، ثم المنيا بعدد 6.1 مليون نسمة ثم القليوبية بعدد 6 ملايين نسمة، ثم سوهاج بعدد 5.6 مليون نسمة، ثم الإسكندرية بعدد 5.4 مليون نسمة، وأخيرا الغربية بعدد 5.3 مليون نسمة.

إلا رغيف العيش
وفي الوقت الذي تستقبل فيه مصر هذا العدد من المواليد،وقد طرح المنقلب عبد الفتاح السيسي تصورا لزيادة رغيف الخبز.
ووقتها تصدر وسم (# إلارغيف_الخبز) المنصة أيضا، وتفاعل مغردون مصريون معبرين عن غضبهم جراء قرار السيسي.
وقال السيسي،إن "الوقت قد حان لزيادة سعر رغيف الخبز المدعوم، مضيفا خلال حديثه لدى افتتاح منشأة لإنتاج المواد الغذائية “مش معقولة أدي 20 رغيفا بثمن سيجارة، هذا الأمر لازم يتوقف”.
وعلق الخبير الاقتصادي ممدوح الولي على قرار السيسي قائلا إن "رغيف الخبز سلعة تمثل أمنا قوميا نظرا لأهمية الخبز الذي يملأ بطون الفقراء في ظل ارتفاع أسعار باقي أنواع الغذاء".
وبحسب البيان المالي للموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي 2021-2022 فإن منظومة الخبز تغطي 71 مليون مستفيدا بواقع 5 أرغفة للمواطن يوميا.
وتبعا لدراسة للجهاز المركزي أُجريت مؤخرا، كشفت أن 92.5% من الأسر المعرضة لخطر انعدام الأمن الغذائي تمتلك بطاقة تموينية، لكنها تعاني من عدم كفاية بعض السلع التموينية مثل الزيت الذي يكفي خُمس الأسر فقط، وفي حالة عدم كفاية الدخل، فإن ثلث الأسر تعتمد على أنواع أرخص من الغذاء للحصول على الطعام.

ارتفاع معدلات الفقر
وسبق وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، ارتفاع معدلات الفقر إلى 32.5% .
وقال رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، إن "معدل خط الفقر الكلي للفرد في مصر ارتفع إلى 735.5 جنيها".
وبحسب بحث الدخل والإنفاق فإن 37.1% من إنفاق الأسر يذهب إلى الطعام والشراب، و18.6% يوجه إلى السكن، ويبلغ قيمة الإنفاق على الصحة 9.9%، فيما انخفضت قيمة الإنفاق على التعليم إلى 4.5%".
كانت مصر طبقت وفقا لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في عام 2016 عدة تدابير تقشفية من بينها خفض دعم الوقود والكهرباء عدة مرات إضافة إلى تعويم الجنيه المصري.
ففي 3 نوفمبر 2016، حررت مصر عملتها، ليصل سعر الدولار إلى نحو 16.53 جنيها من 8.88 جنيهات.
ونتيجة لتلك الإجراءات، ارتفعت معدلات التضخم في مصر إلى مستويات قياسية غير مسبوقة خلال سنوات، ما أدى إلى تآكل قيمة الدخول الحقيقية للمواطنين، قبل أن تبدأ في التراجع دون 10% مؤخرا.

ثورة الحرافيش
وكتب الأديب العالمي نجيب محفوظ عام 1977 سلسلة رواياته الأشهر والأكثر حضورا حتى يومنا هذا، التي جاءت تحت عنوان "ملحمة الحرافيش"، حيث جسدت هَبّة أبناء الطبقة المعدمة من الشعب المصري ضد ظلم الحاكم وبلطجة القائمين على شؤون المنطقة في هذا الوقت، وتعود تقريبا إلى فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر (1822-1922).
كان البنك الدولي قد أصدر تقريرا في شهر مايو الماضي قال فيه إن "حوالي 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجا، لكنه اعتبر أن الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر تظهر علامات نجاح مبكرة".
وأكد بيان البنك الدولي أن "جهود الحكومة الإصلاحية ساعدت على تحقيق الاستقرار الاقتصادي وانتعاش النمو، وتقليص عجز الموازنة وانخفاض التضخم وزيادة الاحتياطات الأجنبية".
لكنه أكد أيضا أن "الإصلاحات الاقتصادية أثرت على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات".
ويرى بعض الخبراء أنه "رغم إيجابية الأرقام فإنها لا تغير كثيرا من واقع المصريين الذين يعانون في السنوات الأخيرة في ظل غلاء فاحش يشمل شتى السلع والخدمات، وهو ما تفاقم بعد تحرير سعر الصرف وما تبعه من برنامج إصلاح اقتصادي تضمن تقليص الدعم وفرض ضريبة قيمة مضافة".
وأدى ذلك إلى إجبار المصريين على إعادة ترتيب أولويات الشراء، الأمر الذي ترتب عليه خروج سلع عديدة عندهم في الفترة الأخيرة.

نفس الرواية في العصر الحديث
الرواية التي استعرضت قرابة عشر قصص لأجيال متعاقبة سكنت إحدى المناطق الشعبية المصرية وكانت شاهدة على حجم الظلم والطغيان وأكل حقوق الناس بالباطل واستعبادهم من "الفتوات" الموالين للحكومة الموالية للإنجليز حينها، وفي الوقت الذي يزداد فيه الضغط على الكادحين من المصريين كان معدل الاحتقان يتصاعد.
وأمام الضغوط المتزايدة وتجاهل أنّات وصراخ المعدمين من الحرافيش ( من معدومي الدخل)، إذ بهم ينتفضون فجأة ضد هذا الظلم، متخلصين من جلاديهم، في ملحمة صارت نموذجا ودرسا معبرا لكل من يظلم أو يمارس التنكيل بالفقراء من أبناء الشعب.
ورغم البعد الزمني بين الواقع الحالي والعصر الذي ظهرت فيه تلك الملاحم، فإن الأجواء تبدو متشابهة إلى حد كبير، فالتنكيل بمحدودي ومتوسطي الدخل بات منهجا رسميا، فآلاف المصريين أصبحوا بين غمضة عين وانتباهتها في الشارع، لا مأوى لهم بعدما هُدمت بيوتهم على مرأى ومسمع منهم من السلطات الأمنية والتنفيذية استجابة لقانون التصالح الجديد الذي يُخيّر المواطن بين دفع مبالغ طائلة أو إزالة بيته الذي يسكنه.
وفعلا، لقد انخفضت المداخيل الحقيقية لمعظم المصريين، هذا في الوقت الذي تستمر فيه مصر في مراكمة الديون الخارجية بينما تخضع لبرنامج التقشف الذي يفرضه عليها صندوق النقد الدولي. كان دين مصر الخارجي في فترة رئاسة الشهيد محمد مرسي 43 مليار دولار وأصبح الآن 106 مليار دولار. يستخدم ما نسبته سبعون بالمائة من الضرائب في سداد هذه الديون. أما الديون الداخلية فقد وصلت إلى ما يقرب من خمسة تريليون جنيه مصري أي ما يعادل 306 مليار دولار.