ربنا الله وديننا الإسلام

- ‎فيمقالات

المؤمنُ راسخُ العقيدة قوى الإيمان ثابت الجنان ذو إخلاص وتجرّد ويقين، يؤمن بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد ﷺ نبيًّا ورسولًا، وهو على مدار الساعة على صلة بخالقه، يذكره ويدعوه ويرجوه ويطلب منه العون والثبات على دينه (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 6، 7]، ويردد فى أوراد الصباح والمساء: (أصبحنا/ أمسينا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد ﷺ، وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين)، ويخشى أن يقع فى الشرك، ومنه الخفى، فيقول: (اللهم إنى أعوذ بك من أن أشرك بك شيئًا أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه).

وكما فى المسلمين مؤمنون مخلصون ففيهم جهلاء شاردون، وهم المستهدفون من المشككين فى دين الله، الذين يطلبون منهم مراجعة عقائدهم التى اكتسبوها بالوراثة؛ بحجة «تجديد الخطاب الدينى»، والأمر فى الحقيقة لا يتعلق بتجديد أو غيره -إذ الأديان وحى الله وليست أفكارًا للمناقشة والتجديد- وإنما هو عمل من أعمال المنافقين الذين يسخرون من ديننا، سخر الله منهم؛ يهدفون إلى زعزعة الصف المسلم، وخلق الخلل والاضطراب فيه، فيلقون بالفتن والشبهات، ويظنون بالله ظن السوء، وقد امتلأت قلوبهم غيظًا على الإسلام ودعاته، فباتوا يثبِّطون المسلمين، ويشكِّكون فى دينهم، يُسدُون بذلك معروفًا للكافرين (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ) [محمد: 26].

إن هناك عشرات الأدلة على صحة الإسلام وسلامة عقيدته وأنه دين الفطرة ورسالة الأنبياء أجمعين، بالنص والعقل، لكن هذه الأدلة يجادل فيها المنافقون؛ لأنهم لا يرضون بسيادة الإسلام، ويودون لو اختفى أتباعه واستُؤصلت ملته (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ) [البقرة: 13]، (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) [الحشر: 11]. يقول ابن القيم رحمه الله: (فلله كم من معقل للإسلام هدموه، وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخرّبوه، وكم من علم له قد طمسوه، وكم من لواء مرفوع قد وضعوه، فلا يزال الإسلام منهم فى محنةٍ وبليَّة).

إن نصوص الوحى، قرآنًا وسنة، حاشدة بالأدلة على فطرية الإسلام وأنه الدين الذى ارتضاه الله لخلقه، والمؤمنون يسلِّمون شريعته التامّة لمن يخلفهم جيلًا بعد جيل، وقد حفظها الله من الزيف والتحريف (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]، فكلُّ البشر من الأساس مفطورون على التوحيد (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [الأعراف: 172]، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم: 30]، وفى الحديث القدسى: «إنى خلقتُ عبادى حنفاءَ كلَهم، وإنهم أتتهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دينهم»، ويقول ابن تيمية رحمه الله: (إن الله فطر عباده على الحق، والرسل بُعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لا بتحويل الفطرة وتغييرها).

يوقن المؤمنون بالإسلام؛ لعلمهم أنه الدين الذى لا يقبل الله سواه (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران: 19]، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85]، (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [البقرة: 130]، غير مرتابين ولا مترددين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحجرات: 15]؛ مدركون أن معرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [آل عمران: 7].

ويفخر المؤمنون بأنهم (أصحاب رسول الله، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين)، (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33]، القائل: «أشهد ألا إله إلا الله وأنى رسول الله، لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاكٍ فيهما إلا دخل الجنة»، والقائل: «لا يسمعُ بى أحدٌ من هذه الأمة، يهودىٌّ ولا نصرانىٌّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذى أُرسلتُ به إلا كان من أهل النار». ولِمَ لا يؤمنون به وقد جاء بمعجزة الأولين والآخرين (القرآن)، بأحكامه الواقعية، وشرائعه المنصفة، وأخلاقه الراقية، وموازنته بين الروح والبدن، وموافقته لصريح العقل.. ولا ينكر كلَّ هذا إلا كافرٌ أو منافقٌ صريح النفاق.