في الحروب نعامة.. لماذا يتجاهل السيسي الخيار العسكري بعد رفض إثيوبيا كافة الحلول؟

- ‎فيتقارير

يتساءل المصريون عن مصير سد النهضة وعن مواجهة المطامع الإثيوبية في مياه نهر النيل ؟ كما يتساءلون عن الخط الأحمر الذي أعلن عنه عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي قبل شروع إثيوبيا في مرحلة الملء الثاني لخزانات السد ورغم انتهاء أديس أبابا من هذه الخطوة، إلا أن السيسي لم يفعل شيئا ولم يتخذ أي إجراء مضاد بل ترك الحبل على الغارب لإثيوبيا تفعل ما تشاء.

والغريب أن السيسي بمجرد صدور بيان مجلس الأمن في 15 سبتمبر الماضي والذي يطالب كلا من مصر والسودان وإثيوبيا بالعودة إلى مائدة التفاوض تحت مظلة الاتحاد الإفريقي، بدأ يلهث حول بدء المفاوضات من جديد رغم أنها من المؤكد لن تقدم شيئا جديدا في ظل إعلان إثيوبيا رفضها التوقيع على اتفاق ملزم لتشغيل وإدارة سد النهضة.

هذه الأوضاع المزرية دفعت المصريين إلى التساؤل أين حقوقنا التاريخية في مياه النيل؟ وحماية هذه الحقوق مسئولية من إذا كان السيسي هو الذي فرط فيها وباع النيل فيما عُرف باتفاق المبادئ الذي وقعه في الخرطوم عام 2015، ولماذا يرفض السيسي توجيه ضربة عسكرية للسد؟

 

دعوة مجلس الأمن للتفاوض

كان مجلس الأمن قد أصدر الأربعاء 15 سبتمبر 2021 بيانا رئاسيا يدعو فيه مصر والسودان وإثيوبيا إلى استئناف المفاوضات حول قضية سد النهضة، وذلك بعد أكثر من شهرين من اجتماعه بناء على طلب مصر والسودان لنظر شكواهما ضد إثيوبيا بشأن تصرفاتها المنفردة في هذا الملف بما يخالف الاتفاقات السابقة بين الدول الثلاث وأبرزها إعلان المبادئ الموقع في مارس 2015، وبما يعرض الأمن والسلم في المنطقة للخطر.

وتضمن البيان الرئاسي عدة نقاط يمكن تلخيصها في الآتي:

١- الدعوة للتفاوض بحسن نية وبصورة بنّاءة وتعاونية، بهدف الوصول إلى اتفاق ملزم ومقبول في إطار زمني معقول.

٢- تشجيع التفاوض تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وبمشاركة المراقبين الذين سبق وتابعوا المفاوضات، لدفعها وتسهيل حل المشاكل العالقة.

٣- التأكيد أن البيان لا يرتب أي مبادئ أو سوابق لحل المنازعات بين الدول حول المياه العابرة للحدود.

 

ضربة عسكرية

من جانبه قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد الطبيعية والمياه في جامعة القاهرة إنه "يتوقع أن يكون هناك تدخلا دوليا أكثر في موضوع أزمة سد النهضة الفترة القادمة، مؤكدا أن إثيوبيا فشلت في إتمام الملء الثاني، وبالتالي فشلت في فرض إرادتها على مصر، حيث قامت إثيوبيا بتخزين 3 مليارات متر مكعب من المياه في المرحلة الثانية من أصل 13 مليار متر مكعب".

وأضاف «شراقي» في تصريحات صحفية أن "الخيار العسكري مازال قائما، وأن كمية المياه المخزنة في السد لا تمنع من ضربه، مشيرا إلى أن إثيوبيا لن تستطيع استئناف ملء السد قبل عام، وبالتالي هناك فرصة للوصول لحل سواء من خلال المفاوضات أو من خلال توجيه ضربة عسكرية للسد".

وأكد أن "الضربة العسكرية تظل قائمة حتى لو تم تخزين 20 مليار متر مكعب من المياه في السد، لافتا إلى أن "الحديث عن اللجوء لمحكمة العدل الدولية غير منطقي، لأن ذلك يحتاج إلى موافقة جميع الأطراف".

واستبعد «شراقي» موافقة الجانب الإثيوبي على رفع الملف لمحكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أن اللجوء لمحكمة العدل الدولية كان يمكن أن يحدث عن طريق مجلس الأمن الدولي، لأن قيام مجلس الأمن الدولي برفع الملف إلى محكمة العدل الدولية لا يحتاج إلى موافقة الأطراف المتنازعة".

 

إعلان المبادىء

وعن مطالبة البعض بالانسحاب من اتفاق إعلان المبادئ قال إن "الانسحاب من هذا الاتفاق أو التمسك به لن يفيد كثيرا، مشيرا إلى أن الاتفاق يحتوي على مبادىء عامة، مثل مبادئ عدم الضرر والتعاون والاستخدام المنصف وحل الخلافات بالمفاوضات، وكلها مبادىء دولية".

وشدد «شراقي» على أن "إثيوبيا هي من خرقت هذا الاتفاق ولم تتعاون مع دولتي المصب، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق يمكن إلغاؤه بسهولة من قبل مصر، لاسيما وأنه لم تتم مناقشته حتى الآن في برلمان السيسي وإذا أُحيل إليه يمكن إلغاؤه بسهولة، لكن إلغاءه لن يغير من الأمر شيئا ولن يقدم أو يؤخر".

وعن قانون الموارد المائية والري الجديد قال «شراقي» إن "مهمة وزارة ري الانقلاب توصيل المياه للأراضي الزراعية، مشيرا إلى أن فرض رسوم مبالغ فيها على المزارعين من أجل توصيل المياه لهم ستكون له آثار سلبية على قطاع الزراعة في مصر".

وطالب دولة العسكر بالوقوف بجانب المزارع في الظروف الحالية حتى لا يضطر إلى ترك الأرض وتبويرها، محذرا من أن فرض رسوم مبالغ فيها على توصيل المياه للمزارعين سيؤدي إلى عدم تشجيع الناس على الاستصلاح الزراعي، وسيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في السوق، لأن أي رسوم سيتم فرضها على المزارع سيقوم بتعويضها من أسعار المحاصيل".

 

المجتمع الدولي

وقال الدكتور إبراهيم أحمد، أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس إن "الوصول لحل في موضوع سد النهضة عن طريق المفاوضات أو المنظمات الدولية مثل مجلس الأمن أو حتى الاتحاد الإفريقي أصبح غير ممكن، بعد تقاعس مجلس الأمن وفشل الاتحاد الإفريقي في التوصل إلى حل".

وأكد أحمد في تصريحات صحفية أنه "لا يوجد أي دور يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي الفترة القادمة، معربا عن اعتقاده أن موضوع سد النهضة وصل لطريق مسدود". مشيرا إلى أن "اللجوء لمحكمة العدل الدولية شبه مستحيل، لأن ذلك يحتاج إلى موافقة جميع الأطراف، لافتا إلى أن إثيوبيا لن توافق على تحويل الملف لمحكمة العدل الدولية".

واعتبر أحمد أن "انسحاب السيسي من اتفاق إعلان المبادئ تحصيل حاصل ولا جدوى منه، لاسيما وأن إثيوبيا هي التي بدأت بمخالفة الاتفاق ولم تلتزم ببنوده".