نيويورك تايمز” تحذر: لهذا السبب قناة السويس قد تفقد أهميتها”

- ‎فيأخبار

حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية من أن قناة السويس قد تفقد مكانتها الدولية والإقليمية باعتبارها أحد أهم شرايين الملاحة في العالم، بسبب التحولات الكبرى في مناخ الأرض وارتفاع درجة الحرارة؛ الامر الذي يمكن أن يمثل فرصة اقتصادية كبيرة لإحدى المدن الروسية بالمحيط المتجمد الشمالي على حساب مدينة السويس المصرية.

ووفقا للصحيفة الأمريكية فإن مدينة "بيفيك"، الساحلية الصغيرة في أقصى شمال روسيا، بدأت تستفيد من ارتفاع درجة الحرارة لتحريك عجلة الاقتصاد، حيث تم بناء ميناء جديد ومحطة جديدة لتوليد الكهرباء، وأعيد تعبيد الطرق. ومع ارتفاع درجة الحرارة، توسعت الأراضي الصالحة للزراعة، وبدأ المزارعون زرع الذرة وذلك لم يكن ممكنا في السابق بسبب الطقس البارد، كما انتعش الصيد البحري في مياه المحيط المتجمد بعدما توفرت فيه الأسماك. كما فتح ارتفاع درجة الحرارة الباب لمشاريع التعدين والطاقة بالمدينة الروسية، وقد يسمح بنشاط الشحن على مدار السنة مع حاويات "جليدية" مصممة خصيصا، ما يوفر بديلا لقناة السويس عبر طريق الشمال الروسي.

وقال باحثون في المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد ومقره كولورادو، العام الماضي 2020، إن الحد الأدنى لحزمة الجليد في فصل الصيف في المحيط المتجمد الشمالي أقل بنحو الثلث من المتوسط في الثمانينات، وكلما انحسر الجليد، ظهرت الفرص للمشاريع الاقتصادية في المدينة الروسية.

وعانت "بيفيك" في السابق من فشل المشاريع التجارية، وانخفض عدد سكانها، لكن الاحتباس الحراري أعاد لها الحياة من جديد، وارتفع عدد السكان بنحو 1500 شخص. يأتي ذلك فيما بدأت مجموعة من الشركات، تدعمها الحكومة الروسية، خطة لاستثمار 735 مليار روبل (حوالي 10 مليارات دولار) على مدى 5 سنوات لتطوير الممر الشمالي الشرقي، وهو ممر ملاحي بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي يسميه الروس طريق البحر الشمالي، لجذب الشحن البحري بين آسيا وأوروبا الذي يمر حاليا عبر قناة السويس.

وفي يونيو 2021م، نشر موقع "نوفوي فاستوتشني آبازريني" الروسي تقريرا، تحدث فيه عن اتباع شركة ميرسك سيلاند الدنماركية للنقل البحري، وهي أكبر شركات الخدمات اللوجستية في العالم المختصة في نقل الحاويات، وتجنبا للعواقب المترتبة عن جنوح سفينة إيفرغيفن في قناة السويس في  مارس، نهج زيادة حركة الشحن عبر روسيا، الذي تمثل في سير حاويات تحمل منتجات مختلفة من آسيا إلى أوروبا على طول طريق جديد متجاوزة بذلك قناة السويس. ووفقا للدنماركيين، يعِد هذا العمل التجاري الجديد بمضاعفة الأرباح نتيجة تقلص وقت الرحلة بمقدار النصف، ما يرجح إمكانية نقل الحاويات بشكل أسبوعي.

وذكر الموقع أن إدارة جمارك الشرق الأقصى نشرت على موقعها على الإنترنت، في 25 مايو 2021، أن جمارك ناخودكا أعلنت بالفعل عن أول 247 حاوية تابعة لشركة ميرسك سيلاند الدنماركية، محملة بقطع غيار السيارات واللدائن الملدنة حراريا، التي يجب أن تصل إلى عملاء أتراك. وبشكل عام، لا تتجاوز مدة التسليم عن طريق السكك الحديدية بين الموانئ الروسية 12 يوما.

بشكل عام، يتراوح إجمالي مدة العبور من ميناء المغادرة إلى ميناء الوصول بين 25 و30 يوما، في حين قد تصل هذه المدة إلى 45 يوما مع الطريق البحري التقليدي عبر قناة السويس. وفي عام 2019، لم تُطلق الشركة الدنماركية طريقا مشابها بين موانئ فوستوشني وسانت بطرسبرغ الروسية، نقلت عليها منذ بداية العام الجاري سوى 1986 حاوية. بالإضافة إلى استخدام السكك الحديدية الروسية كواحدة من البدائل لقناة السويس، أصبح طريق بحر الشمال في الآونة الأخيرة من الطرقات النشطة، وهو ما أعلن عنه وزير تنمية الشرق الأقصى والقطب الشمالي، أليكسي تشيكونكوف، في اجتماع لمجلس الإدارة في 28 مايو.

وبحسب تشيكونكوف، يدرس عدد من الدول الآسيوية بالفعل طريق بحر الشمال، باعتباره بديلا لحركة النقل البحرية المزدحمة حاليا، مؤكدا أن طريق بحر الشمال لها عديد المزايا المهمة مقارنة بقناة السويس، على غرار تقليص مدة الرحلة. وأفاد المبعوث الرئاسي لمنطقة الشرق الأقصى الفيدرالية، يوري تروتنيف، خلال اجتماع حول تطوير البنية التحتية لطريق بحر الشمال، بأن حجم نقل البضائع على طول طريق البحر الشمالي تضاعف خمس مرات ونصف خلال السنوات الخمس الماضية، وبلغ بالفعل 33 مليون طن في سنة 2021. وأفاد الموقع بأنه وفقا لتوقعات وزارة تنمية الشرق الأقصى، يجب أن يصل نقل البضائع على طريق بحر الشمال بحلول سنة 2024، إلى 80 مليونا مقابل 160 مليون طن على الأقل في سنة 2035. ويعدّ غياب ربط شبكة الموانئ مع السكك الحديدية داخل روسيا أحد الأسباب التقييدية للاستخدام النشط لطريق بحر الشمال.

في هذا الصدد، أصبح إنشاء أكبر ميناء في القطب الشمالي في العالم، الذي انطلقت أشغاله مؤخرا في روسيا، أمرا مهما. وأطلق على الميناء لقب "خليج الشمال"، حيث يقع في جزيرة تايميار في الجزء القاري الشمالي من أوراسيا. في المقابل، تتولى شركة روسنفت مسؤولية تنفيذ هذا المشروع الضخم.