انقلاب السودان.. اتساع رقعة المظاهرات والجيش يطلق الرصاص الحي على المحتجين

- ‎فيعربي ودولي

تصاعدت حدة الاحتجاجات ضد الانقلاب العسكري في أنحاء السودان، عقب الإفراج عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والسماح له بالعودة إلى المنزل وسط حراسة أمنية مشددة، وذلك بعد يوم من قيام الجيش السوداني باعتقاله بعد الاستيلاء على السلطة في انقلاب.

وقال مصدر قريب من حمدوك لرويترز إن “رئيس الوزراء وزوجته ظلا تحت إجراءات أمنية مشددة، وقالت مصادر الأسرة إنهم لم يتمكنا من الاتصال بهما هاتفيا”.

وعلى الرغم من الإدانة الدولية لاستيلاء اللواء عبد الفتاح البرهان على السلطة، لا يزال العديد من أعضاء الحكومة الانتقالية في البلاد قيد الاعتقال، كما استمرت الاعتقالات.

وقال شهود عيان لوكالة رويترز إن “أشخاصا مجهولين اعتقلوا يوم الثلاثاء فايز السليك، المستشار الإعلامي السابق لحمدوك”.

وتم اعتقال صديق الصادق المهدي من حزب الأمة، الذي كان له ممثل في المجلس السيادي الحاكم في البلاد، في منزله، كما تم اعتقال الناشط إسماعيل التاج، وهو محام كان نشطا في احتجاجات 2019 ضد البشير، حسبما قالت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي لتلفزيون الجزيرة.

وقالت وزارة الخارجية إن “وزير الخارجية الأميركي إنتوني بلينكين تحدث مع حمدوك اليوم الثلاثاء ورحب بالإفراج عنه، وكرر دعوته للجيش السوداني إلى إطلاق سراح جميع القادة المدنيين المعتقلين”.

 

استمرار الاحتجاجات

أظهرت لقطات نشرت على الإنترنت قوات الجيش السوداني المدججة بالسلاح تنتشر في أنحاء العاصمة يوم الثلاثاء، مع المتظاهرين الذين يلوحون بالأعلام ويرددون شعارات ويقطعون الطرق المؤدية إلى الخرطوم.

وقد اندلعت الاحتجاجات، التي شهدت مقتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 150 آخرين على يد الجيش والقوات شبه العسكرية سيئة السمعة التابعة لقوات الدعم السريع، بعد أن وضع الجيش حمدوك تحت الإقامة الجبرية في الساعات الأولى من صباح الاثنين.

وقال محمد أحمد، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 23 عاما، ل”ميدل إيست آي” إن “المتظاهرين تجمعوا أمام مقر الجيش في العاصمة للاحتجاج على الانقلاب، في الوقت الذي انتشرت فيه الإضرابات والعصيان المدني في كافة أنحاء البلاد”.

قال أحمد إن “المحتجين تجمعوا بأعداد كبيرة بعد مرورهم عبر عدة مناطق مسلحة بشدة في العاصمة  بما فيها بُري في شمال الخرطوم  وهي منطقة كانت نقطة اشتعال رئيسية خلال احتجاجات عام 2019 التي أجبرت البشير على ترك منصبه”.

وقال أحمد “اقتحم المتظاهرون نقاط تفتيش تابعة للجيش وقوات الدعم السريع حول الجسر الذي يربط مدينة الخرطوم بأم درمان”.

ومع ذلك، أطلق الجيش النار بكثافة على المحتجين ورأينا الكثير من الأشخاص مصابين بالرصاص المطاطي أو حتى الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.

 

مركبات قوات الدعم السريع تتعقب المتظاهرين

وقالت مريم علي، وهي متظاهرة أخرى، لمنظمة “مراسلون بلا حدود” إن “الجيش وقوات الدعم السريع قد هاجموا المحتجين في حي بري بالخرطوم، مما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل هناك”.

وأضافت مريم “فر المحتجون من أمام مقر الجيش إلى منطقة بري وحاولوا نقل المصابين إلى مستشفى الرعاية الملكية”.

وفي الوقت نفسه، ذكر أحد المتظاهرين ويدعى عثمان الحاج أن محتجين قتلا في منطقة الخرطوم 2 الراقية عندما هاجم الجيش وحرس الإنقاذ المحتجين في شارع المطار.

وأضاف الحاج قائلا، رأيت الجيش وآلات قوات الدعم السريع تتعقب المتظاهرين الذين كانوا يبدأون الاعتصام في شارع المطار، ثم وقعت الهجمات بين الجانبين ورأيت سيارات الإسعاف تأتي وتأخذ العديد من المصابين من هناك، وسمعنا في وقت لاحق أن اثنين منهم توفيا.

وقد قلص الجيش عدد خدمات الإنترنت بشكل كبير، لذلك لم يكن في وسعه قياس حجم الاحتجاجات.

 

تجنب الحرب الأهلية

وكان البرهان، قائد الجيش السوداني أعلن الاثنين أنه حل الحكومة وأعلن حالة الطوارئ. ودافع البرهان عن هذه التحركات في خطاب له الثلاثاء مؤكدا أن الاستيلاء على سلطات الدولة يهدف إلى تحقيق مطالب الشعب وإحياء ثورة 2019 التي أطاحت بحكم الرئيس عمر البشير.

وقال إن “الجيش ليس لديه خيار سوى تهميش السياسيين الذين يحرضون ضد القوات المسلحة ، قائلا إن هذا العمل العسكرى لا يرقى إلى مصاف الانقلاب”.

وأضاف أن “المخاطر التي شهدناها الأسبوع الماضي كانت ستدفع البلاد إلى حرب أهلية” في إشارة واضحة إلى التظاهرات ضد احتمالات الانقلاب.

كان من المقرر أن يسلم الجيش قيادة المجلس السيادي، وهو هيئة قوية تسيطر على الدولة الواقعة جنوب الصحراء، إلى المدنيين في الأسابيع المقبلة، لكن التحول الديمقراطي في البلاد بدأ يتفكك بسرعة.

 

إدانة واسعة للانقلاب

وقد أُدين الانقلاب دوليا؛ حيث دعت القوى الغربية والإقليمية، بما في ذلك الولايات المتحدة، المؤسسة العسكرية إلى إطلاق سراح كل الزعماء السياسيين المعتقلين.

أصدرت بعثة الأمم المتحدة في السودان توبيخا حازما لما أسمته الانقلاب المستمر ومحاولات تقويض عملية الانتقال الديمقراطي الهشة في البلاد.

ودعت البعثة قوات الأمن السودانية إلى الإفراج الفوري عن الأشخاص الذين اعتقلوا بشكل غير قانوني أو وضعوا رهن الإقامة الجبرية، وحثت جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

وقال عضو بارز في لجان المقاومة في حديث مع ميدل إيست آي إنه “من المرجح أن تستمر المواجهات بين الجيش والمتظاهرين، حيث من المتوقع أن تشهد البلاد إقبالا جماعيا يوم السبت عقب الدعوات إلى تنظيم احتجاجات واسعة”.

وأضاف أن الجيش يحاول وقف الاتصالات والتنسيق بين المحتجين في مختلف أحياء ومناطق الخرطوم.

وأوضح أن الجيش يستخدم أساليب مختلفة مثل قطع الإنترنت والاتصالات، كما أنهم يقطعون الكهرباء في الليل وسط تكتيكات أخرى لفصل المتظاهرين عن بعضهم البعض، وفقا للمصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية.

وأشار كذلك إلى أن المحتجين كانوا يجتمعون في شوارع ضيقة ويقيمون الحواجز لمنع الجيش وقوات الدعم السريع من دخول الأحياء التي كانوا يتجمعون فيها.

وأضاف “أعتقد أن المتظاهرين اكتسبوا خبرة أكبر خلال السنوات الثلاث الماضية حتى يتمكنوا من قيادة معركتهم بتكتيكات مختلفة، حيث تعاملوا بالفعل مع حالة انقطاع الإنترنت والكهرباء وإغلاق الجسور وغيرها من التكتيكات العسكرية”.

 

https://www.middleeasteye.net/news/sudan-coup-2021-deaths-injuries-protests-military-burhan-takeover