مبادرة تدعو “هوليود” لتغيير التناول المعادي للمسلمين في السينما الأمريكية

- ‎فيتقارير

طرحت جمعية أمريكية متخصصة في دورات التوعية والتثقيف مبادرة لزيادة اندماج المسلمين في صناعة الأفلام الأمريكية بالتعاون مع شركة والت ديزني (Walt Disney Company)؛ وذلك في أعقاب تقرير نُشِرَ حول ندرة تصوير المسلمين في الأفلام الشهيرة وربط العديد من الشخصيات المسلمة في الأفلام بالعنف.

وفي تقرير نشرته صحيفة New York Times الأمريكية، الأربعاء 10 نوفمبر 2021، فإن جمعية  Pillars Fund ومقرها شيكاغو،  أعلنت عن مشروع "قاعدة بيانات بيلارز للفنانين المسلمين" يوم الثلاثاء 9 نوفمبر 2021، وكانت الجمعية هي التي أصدرت التقرير السابق ذكره حول تصوير المسلمين في صناعة الأفلام بالتعاون مع جامعة جنوب كاليفورنيا، ومبادرة أننبرغ للاندماج الاجتماعي، وغيرهما.

وكان التقرير قد صدر بعنوان: "غائبون ومطعونون Missing & Maligned" في يونيو2021، وحلّل الـ200 فيلمٍ الأعلى إيراداً بين عامي 2017 و2019 في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا. وكشف التقرير أن نسبة المسلمين من بين 8.965 شخصية ناطقة في الأعمال الفنية لم تتجاوز الـ1.6%. وأردف أن 60% على الأقل من الشخصيات المسلمة الرئيسية والثانوية ظهروا في أفلام تاريخية أو تدور أحداثها في الماضي القريب. بينما ظهر أقل من 40% منهم في ثلاثة أفلام تدور أحداثها خلال وقتنا الحاضر في أستراليا بحسب التقرير، وغالبية تلك الشخصيات ظهرت في فيلمٍ واحد هو فيلم Ali's Wedding الذي صدر عام 2017، وهو الفيلم الوحيد في الوقت الحاضر الذي تلعب دور بطولته شخصيةٌ مسلمة.

وقال رئيس الجمعية وأحد مؤسسيها كاشف شيخ، إنهم حين ناقشوا نتائج التقرير مع العاملين في الصناعة؛ قال كثير منهم إنّهم لم يعرفوا أين يمكنهم العثور على كُتاب أو ممثلين مسلمين. وأردف "شيخ" أن قاعدة البيانات الجديدة تستهدف منح الممثلين، والمخرجين، والمصورين السينمائيين، وفنيي الصوت المسلمين وغيرهم فرصةً لإنشاء ملفات شخصيات على الإنترنت ليُراجعها المختصون بالتوظيف في مجال إنتاج الأفلام والأعمال التلفزيونية والبرامج التي تُعرض بالبث المباشر، وذلك حتى يُساعدوا في تقديم صورةٍ أكثر دقة عن المسلمين.

يقول "شيخ" إنّ هذه الطريقة "ستُمكّن المسلمين في جميع أنحاء البلاد من المشاركة والحديث عن مواهبهم وتجاربهم. والغرض الأساسي من قاعدة البيانات هو أن تكون مورداً يُعتمد عليه لشركات الإنتاج، ولصناعة الأفلام".

كما نشرت الجمعية بالتعاون مع مبادرة الاندماج الاجتماعي، والممثل البريطاني ريز أحمد وشركة إنتاجه Left Handed Films، تقريراً مصاحباً بعنوان: "مسودة اندماج المسلمين The Blueprint for Muslim Inclusion". وكان الهدف من التقرير "إحداث تغيير جذري على طريقة تصوير المسلمين على الشاشة". وقبل إصدار التقرير، كانت الجمعية قد بدأت المحادثات مع شركة ديزني، التي دعمت إنشاء قاعدة البيانات بمنحةٍ قدرها 20 ألف دولار، وفقاً لـ"شيخ".

في حين قالت كبيرة مسؤولي التنوع في ديزني، لاتوندرا نيوتن، خلال بيانٍ لها، إن هذا الدعم كان جزءاً من جهود الشركة المتواصلة "لتضخيم الأصوات ناقصة التمثيل والقصص التي لا تُروى. ويُشرفنا دعم قاعدة بيانات بيلارز للفنانين المسلمين الجديدة". يُعد دعم ديزني لهذه المشروعات آخر مثالٍ على ترويج الشركة ثقافة التنوع، وسط شكاوى من أن هوليوود لا تُوفّر كثيراً من الفرص للنساء، وأصحاب البشرة الملونة، وذوي الاحتياجات الخاصة.

 

تشويه المسلمين

ولسينما هوليوود تاريخ طويل من تشويه صورة العرب والمسلمين والأميركيين الأفارقة والهنود الحمر، ونشر صورة نمطية سلبية عنهم. يقول الدكتور مازن قمصية من اللجنة العربية-الأميركية لمناهضة التمييز في موقع Ibiblio ان السينما والتلفزيون في أميركا في سبعينات القرن الماضي، صوّرا العرب أولاً، كبدو قساة وشريرين يركبون الجِمال ثم كأثرياء يعيشون حياة البذخ ومولعين بالنساء والخمر، والنساء العربيات كراقصات يعملن على غواية الرجال كما في أفلام مثل The English Patient. وفي الأعوام الثلاثين الماضية، أصبح العربي و/ أو المسلم، شريرا وإرهابيا ومفجرا انتحارياً كما في فيلم Cast A Giant. وفي السنوات الأخيرة، أصبح العربي الطرف الضعيف الذي يفتك به الأميركي الخارق، كما في فيلم American Sniper، وفي فيلم G I Jane، حيث تلعب ديمي مور دور الضابط في قوات النخبة الخاصة التي تحصل على الترقية بفضل قتلها العرب.

يقول الناقد العربي-الأميركي جاك شاهين ان مئات الأفلام التي انتجتها هوليوود على مدى الخمسين عاما الماضية، ربطت الإسلام بالحرب المقدسة والإرهاب وصوّرت المسلمين كغرباء معادين أو كداعرين ومتطرفين، وأن واحدا وعشرين فيلما انتجتها هوليوود خلال السنوات العشر الماضية تتضمن مشاهد أميركيين يقتلون عرباً، تماماً، كما كان اتجاه هوليوود في ستينات وسبعينات القرن الماضي، مشاهد قتل للهنود الحمر. لدرجة ان كتب راسيل بيكر في صحيفة نيويورك تايمز يقول  «إن العرب هم الوحيدون الذين تشعر هوليوود بحرية كاملة لتوجيه الإهانات لهم بشكل جماعي، من دون أن تعبأ بالعواقب»!

 

صور نمطية

وظهرت بعد هجمات 11 سبتمبر موجة من الأفلام والأعمال التلفزيونية الأميركية التي عزفت على وتر «العربي الإرهابي»، لكن المفاجئ ظهور أعمال تعاطت مع العرب والمسلمين بموضوعية مثل الدراما التلفزيونية بعنوان Homeland التي تتحدث عن مسلمين أخيار يضحّون بحياتهم من أجل الدفاع عن أميركا.

وفي كتابه "العرب الأشرار في السينما.. كيف تشوه هوليوود أمة"، وصدر في 2001، يقول جاك شاهين وهو من أصل عربي، ولد في ولاية بنسلفانيا لأبوين مسيحيين، وهاجرا من لبنان. يكشف حقيقة صناع سينما هوليوود في تشويه العرب، مؤكدا أن مئات جرائم الكراهية التي تضاعفت بعد 11 سبتمبر، بسبب انتشار هذه الصورة النمطية في السينما الغربية، وفي كلمته عن هدف الكتاب يقول عندما تشوه شعبًا فإن رجالًا ونساءً وأطفالًا أبرياء يعانون، واستكمل حديثه أن تشويه النازيين لليهود عبر الأفلام ووسائل الدعاية الأخرى مهدت للمحرقة. وفي ختام كتابه ذكر أن العرب يبدون متخلفين وخطرين عند النظر إليهم خلال عدسات هوليوود المشوهة، وحاضر شاهين في جامعة إلينوي، وكان يغلب على محاضراته موضوع كيفية التغلب على التحيز والصور النمطية، ويشجع الأمريكيين العرب ويدعوهم إلى الدخول في عالم الصحافة والمهن ذات التوجه الإعلامي.

وعلق وقت صدور الكتاب الناقد السينمائي "ريتشارد شيكل" بمجلة تايم الأمريكية بقوله أن هوليوود تحولت إلى مهاجمة العرب لتظهره في دور الشرير بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة. ومن أفلام هوليوود المبالغة في تشويه الشخصية العربية فيلم "ليالي عربية"، ويصور فيه هارون الرشيد وحوله مجتمع شهواني متخلف، ويلصق كذلك فيلم "قواعد الاشتباك" صفة الهمجية على العرب، وتدور أحداثه في اليمن، وعدد قليل جدًا من الأفلام تظهر صورة إيجابية عن العرب والمسلمين مثل فيلم "مملكة السماء". وبرغم هجمة الكراهية في هوليوود، يخرج فنانين عالميون من عقر دارها ليدافعوا عن المسلمين والإسلام، وللفنان جورج كلوني مواقف عديدة تدعم المسلمين، وفي كلمة جريئة للممثل والمخرج الأمريكي "بن أفليك" يقول فيها إن أمريكا قتلت أكثر مما قتلوا هم من الغرب، وجاءت كلمته ردًا على مهاجمي الإسلام في أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة. وتتحقق دعوة الكاتب جاك شاهين ويفوز أول مسلم أمريكي بجائزة أوسكار في عام 2017، ويحظي الممثل "ماهر شالا" بالجائزة كأفضل ممثل مساعد في فيلم "مون لايت"، إضافة إلى نجاح نجوم مسلمين في غزو صناعة السينما الأمريكية، وحققوا شهرة كبيرة في هوليوود، وتميزوا بالموهبة والوسامة ومنهم الممثل الألماني المصري عمر متولي.