“الإندبندنت”: عودة حمدوك لرئاسة الحكومة شرعنة للانقلاب العسكري

- ‎فيعربي ودولي

نشرت صحيفة "الإندبندنت" تقريرا سلطت خلاله الضوء على توقيع الجنرال عبدالفتاح البرهان قائد الانقلاب في السودان اتفاقا مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك يقضي بعودته إلى رئاسة الوزراء.

وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" كانت إعادة رئيس وزراء السودان بعد أسابيع من الإقامة الجبرية أكبر تنازل قدمه الجيش منذ انقلابه في 25 أكتوبر، لكنه يترك انتقال البلاد إلى الديمقراطية غارقا في أزمة.

وأضاف التقرير أن توصل الجيش إلى اتفاق مع عبد الله حمدوك يوم الأحد يعيده إلى منصب رئيس حكومة تكنوقراطية جديدة قبل الانتخابات النهائية، لكن الاتفاق أثار غضب الحركة المؤيدة للديمقراطية في السودان، التي تتهم حمدوك بالسماح لنفسه بالعمل كورقة توت لاستمرار الحكم العسكري.

وقد دان معظم المجتمع الدولي الانقلاب ودعا إلى العودة إلى الحكم المدني الجزئي على الأقل، فقد علقت الولايات المتحدة المساعدات المقدمة إلى الدولة التي تعاني من ضائقة مالية حيث خرجت ببطء من عقود من العزلة في عهد الرئيس عمر البشير الذي أُطيح به وسط احتجاجات عام 2019.

ورفضت قوى إعلان الحرية والتغيير، وهي مجموعة شاملة من الأحزاب السياسية والمنظمات السودانية الصفقة وتقول إنها "لا تزال ملتزمة بإنهاء الحكم العسكري".

لكن الجيش حذر من تسليم السلطة للمدنيين، مما قد يترك كبار الضباط عرضة للمحاكمة على انتهاكات حقوق الإنسان التي تعود إلى عقود، أو يخفف قبضة الجنرالات على قطاعات الاقتصاد المربحة.

وطرح التقرير مجموعة من التساؤلات بشأن ما حدث وما سيحدث وقدم إجابات كما يلي:

 

لماذا أعاد الجيش السوداني رئاسة الوزراء؟

كان على الجيش أن يفعل شيئا، فقد تعرض الجنرال عبد الفتاح البرهان لضغوط متزايدة منذ استيلائه على السلطة الكاملة في 25 أكتوبر، ودعت الدول الغربية والعربية والإفريقية إلى العودة إلى الحكم المدني، وعلقت الولايات المتحدة 700 مليون دولار من المساعدات لأنها أدانت الانقلاب بشدة.

كما تدفق المتظاهرون إلى الشوارع في أكبر المظاهرات منذ تلك التي أنهت عهد البشير الذي استمر ثلاثة عقود في عام 2019، وقتلت قوات الأمن أكثر من 40 متظاهرا منذ الانقلاب.

وصور الجنرالات إعادة حمدوك كخطوة نحو تحقيق الاستقرار في البلاد قبل الانتخابات المخطط لها في يوليو 2023، ورحب المجتمع الدولي بالاتفاق بحذر، ورفضت الحركة المؤيدة للديمقراطية في السودان بغضب الاتفاق باعتباره يضفي الشرعية على الانقلاب وتعهدت بمواصلة الاحتجاجات الجماهيرية المتصاعدة.

 

هل تعكس إعادة رئيس وزراء السودان الانقلاب؟

لا، فالجيش يحتفظ بالسيطرة الشاملة، ومن خلال تشكيل حكومة تكنوقراط، فإن الاتفاقية تهمش الأحزاب السياسية السودانية وحركة الاحتجاج المؤيدة للديمقراطية.

وقال جهاد مشامون الباحث والمحلل السياسي السوداني «لا أعتقد أنه من الممكن أن تعمل حكومة حمدوك على الإطلاق، لأنها لا تحظى باعتراف في الشارع».

وندد تجمع المهنيين السودانيين الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير بالاتفاق الأخير ووصفه بأنه محاولة لإضفاء الشرعية على الانقلاب، تطالب لجان المقاومة المحلية، التي لعبت أيضا دورا رئيسيا في الاحتجاجات الأخيرة، الجيش بترك السياسة تماما.

يقول الجيش إنه "لن تكون هناك عودة إلى حكومة تقاسم السلطة التي كانت موجودة قبل 25 أكتوبر، والتي كانت مليئة بالمنافسات الداخلية، جاء الانقلاب قبل أسابيع من تسليم الجيش السلطة إلى مدني".

 

ما الذي يريده الجيش السوداني ؟

يرى التقرير أن الجيش على أقل تقدير، يريد حماية نفسه، فمن المرجح أن تسعى حكومة منتخبة إلى محاكمة الجنرالات على انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك التي ارتكبت خلال حملات البشير المحرقة ضد المتمردين في دارفور  والتي اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، كما قد يواجهون اتهامات بقتل المتظاهرين في السنوات الأخيرة.

كما يخشى الجيش من فقدان قبضته على التعدين والقطاعات الاقتصادية الرئيسية الأخرى.

وقال أليكس دي وال، الخبير في شؤون السودان في جامعة تافتس «حمدوك في خطر أن يكون الرجل في متجر البقالة الذي يبيع الصابون وأعواد الكبريت والوجبات الخفيفة، بينما يقوم تجار المخدرات في الغرفة الخلفية بالصفقات الحقيقية». «تم الانقلاب لحماية الطاغية من المحاسبة، ومن الواضح أن الجيش يعتزم أن تكون الصيغة الجديدة عودة إلى عملية غسيل الأموال بوجه أكثر احتراما».

 

أين يقف المجتمع الدولي إزاء السودان ؟

تم انتقاد الانقلاب على نطاق واسع دوليا، لكن الجنرالات لديهم أصدقاء مؤثرون، حيث أقامت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر علاقات وثيقة مع البرهان منذ الانتفاضة ضد البشير ومن المرجح أن ترى الجنرالات على أنهم أفضل أمل في الحفاظ على حكومة مستقرة وصديقة في الخرطوم.

وأشار التقرير إلى أن دول الخليج الغنية تنظر إليهم على أنهم حصن ضد نفوذ المنافسين مثل تركيا وقطر، كما تأمل مصر في دعم السودان في نزاعها طويل الأمد مع إثيوبيا بشأن بناء سد ضخم على نهر النيل.

كما يُنظر إلى إسرائيل على أنها حليف محتمل للجنرالات، الذين كانوا القوة الموجهة وراء تطبيع السودان للعلاقات معها العام الماضي مقابل رفع اسم الدول الراعية للإرهاب من القائمة الأمريكية، وكان حمدوك قد أعرب عن مخاوفه قبل اتفاقية التطبيع، وهي جزء مما يسمى اتفاقيات أبراهام، قائلا إن "التحول في السياسة الخارجية بهذا الحجم يجب أن يوقع فقط من قبل حكومة منتخبة".

وذكر موقع والا الإخباري الإسرائيلي أن وفدا إسرائيليا التقى بجنرالات السودان بعد أيام من الانقلاب، لم تعلق الحكومة الإسرائيلية على الانقلاب أو تداعياته.

وقال جهاد مشامون إن «الولايات المتحدة وحلفائها أرادوا شراكة لكن الناس لا يريدون شراكة على الإطلاق يريدون حكما مدنيا كاملا، المجتمع الدولي بحاجة إلى الاستماع إلى مطالب الناس».

هل هناك أمل في التحول الديمقراطي في السودان ؟

يبدو أن طريقين للديمقراطية، كلاهما محفوف بالمخاطر، حيث يمكن لحمدوك العمل مع الجنرالات لتمهيد الطريق للانتخابات، ومن المحتمل أن يستفيد من موقفه ودعمه الدولي لإعادة الانتقال السياسي إلى المسار الصحيح، لكن هذا يعني على الأرجح العودة إلى لعبة شد الحبل في العامين الماضيين، الأمر الذي أزعج الجانبين.

 

https://www.independent.co.uk/news/omar-albashir-united-states-abdalla-hamdok-prime-minister-military-b1962342.html