“5” ملاحظات على زيادة أسعار أسطوانات البوتاجاز للمرة السادسة في عهد السيسي

- ‎فيتقارير

قرار حكومة الجنرال عبدالفتاح السيسي برفع أسعار أسطوانات البوتاجاز للمنازل بقيمة خمسة جنيهات، وللاستخدامات التجارية (المطاعم ــ المقاهي ـ المحلات) بقيمة عشرة جنيهات ليصبح سعرها الرسمي 70 جنيها للمنازل بدلا من 65جنيها، و140 جنيها للمطاعم، بدلا من 130 جنبها، بنسبة زيادة تصل إلى 7.6% . هذه الزايادات تحمل كثيرا من التداعيات السلبية على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة؛ ذلك أن هذه الزيادة هي السادسة خلال سبع سنوات فقط منذ انقلاب 3 يوليو 2013م، وبذلك ارتفعت أسعار أسطوانات البوتاجاز من 8 جنيهات إلى 70 جنيها بنسبة زيادة قدرها 775% منذ اغتصب السيسي حكم البلاد.

الملاحظة الأهم على هذا القرار أنه يستهدف شريحة الطبقة الفقيرة التي تعاني من الفقر والحرمان؛ ذلك أن المناطق التي لا تزال تستخدم إسطوانات البوتاجاز ولم تصل إليها خدمة إمدادات الغاز إلى المنازل، فهي المناطق الأكثر فقرا وعشوائية في مصر،  وتضم أكثر من 70% من جملة مدن وقرى مصر. معنى ذلك أن رفع أسعار أسطوانات البوتاجاز يمس بشكل مباشر الشريحة الأكثر فقرا في البلاد؛ بخلاف الزيادات الأخرى التي تطول بعض المواد البترولية مثل بنزين 92 و 95 فلا يستخدمها سوى من يملكون السيارات الملاكي الخاصة وهم شريحة ميسورة وقادرة على احتواء هذه الزيادات.

الملاحظة الثانية، أن أسطوانات البوتاجاز الخاصة بالاستهلاك المنزلي،  تعتبر سلعة لا تتمتع بمرونة في الطلب [لا يتأثر الطلب عليها بارتفاع أسعارها] لكون الاستغناء عنها أو تقليل الاستهلاك منها غير وارد على الإطلاق، فهي مرتبطة بشكل مباشر بالطعام، الذي يستحوذ على أكبر نسبة من استهلاك الطبقات الأكثر فقرا». سوف يترتب على هذا القرار الحكومي أن هذه الطبقات الفقيرة سوف تلجأ إلى خفض إنفاقها على بنود أخرى لعدم قدرتها على الاستغناء عن البوتاجاز، فقد تقلل من  تلغي وجبة اللحوم التي تأكلها مرة كل شهر، فضلا عن تأثير هذا القرار الحكومي على إنفاق هذه الأسر على الطعام وبقيمة بنود الاستهلاك من السلع والخدمات.

الملاحظة الثالثة، أن رفع أسعار أسطوانات للقطاع التجاري (المطاعم ـ المقاهي ــ الكافتيريا وغيرها) سوف يؤدي تلقائيا إلى ارتفاع في أسعار السلع الغذائية الجاهزة في المطاعم، ما سيكون أثره على التضخم أوضح منه على الاستهلاك. فسوف ترتفع تكلفة ساندوتشات الفول والطعمية والبطاطس والباذنجان، كم سيرتفع سعر الفول المدمس وغيرها بما يرهق كاهل الطبقتين الفقيرة والشريحة الأدني من الطبقة المتوسطة.

الملاحظة الرابعة، أن القرار تسبب في حالة من الغضب الشديد على مواقع التواصل الاجتماعي؛ يوم السبت 4 ديسمبر 2021م، عقب إعلان زيادة أسعار أنابيب البوتاجاز، ذلك أن أغلب بسطاء المصريين يعتمدون عليها. وزاد من غضب المتفاعلين اعتمادُ البوتاجاز في العديد من المهن، مثل تربية الدواجن ومحال الطعام وأشهرها الفول والطعمية، ما يعني زيادة أسعار العديد من السلع في القريب العاجل، على رأسها الفول والطعمية والدواجن، واعتبروا أنه "صب  جديد في المصلحة"!. وربط المحامي عمرو مدكور، الزيادة بمباراة مصر والسودان في مونديال العرب بقطر، وتساءل: "‏‎بعد كل مباراة ترتفع الأسعار، واليوم أسعار البوتاجاز زادت وبالقطع ستزيد معها كل أسعار سلع أخرى.. متى سيتوقف هذا الجنون؟". وتعجّب الكاتب عمار علي حسن، من صمت المصريين ولا مبالاة النظام في ارتفاع أسعار كل السلع، وكتب: "‏أسعار السلع تواصل ارتفاعها دون إعلان من السلطة، أو ضجيج من الناس. كل شيء يمضي في هدوء نحو مزيد من الجيوب الخاوية".

الملاحظة الخامسة، أن القرار تسبب في حالة ارتباك بين مؤسسات النظام الحكومية والإعلامية؛ فقد نفضت وزارة التموين يدها من القرار وذلك عندما انفردت صحيفة "المصري اليوم" التي استحوذ عليها جهاز المخابرات مؤخرا بهذا السبق الصحفي،  تزامناً مع صمت وزارتي التموين والبترول بحكومة الانقلاب. وعندما علّقت التموين نفضت التهمة عن نفسها وقالت في بيانات موجهة للصحف والبرامج: "مالناش علاقة والموضوع يخص البترول". وامتدت التخبط إلى الأذرع الإعلامية والبرامج الحوارية، حيث تظاهر أحمد موسى على فضائية "صدى البلد" بالغضب الشديد حيال صمت الوزارات والمسؤولين عن خبر زيادة البوتاجاز، وانفراد "المصري اليوم" وبعض الصحافيين بالتسريبات. بينما لجأت لميس الحديدي، عبر برنامجها "كلمة أخيرة" على قناة ontv، إلى المهندس حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية، والذي رغم الصمت الرسمي هوّن من نسبة الارتفاع المعلن عنها، واستعان بنفس الردود المعلبة في ظروف متشابهة، وأحال الأزمة للمستغلين، رغم إدانة تصريحه للدولة ودورها الرقابي.

ومنذ 2014 ارتبط ما سُمى ببرنامج الإصلاح المالي بصورة خاصة برفع أسعار المواد البترولية إجمالًا، وصولا إلى تحريرها بالكامل تقريبًا عبر آلية التسعير التلقائي، مع تأسيس لجنة متابعة التسعير التلقائي للمواد البترولية التي بدأت عملها في 2019. دون أن يشمل هذا التحرير أسعار اسطوانات البوتاجاز أو المازوت للمخابز. في الوقت نفسه تراجع الدعم الموجه للمواد البترولية من 126 مليار جنيه تقريبًا عام 2013/2014 إلى 18 مليار جنيه تقريبًا في موازنة العام الحالي.

من جانبه، رأى رئيس لجنة المواد البترولية في اتحاد الصناعات، محمد سعد الدين، أن رفع أسعار أسطوانات البوتاجاز هو إجراء وثيق الصلة بارتفاع أسعار البترول في السوق العالمي، بما يحمله من تأثير على تكلفة دعم المواد البترولية في الموازنة. وكانت الحكومة قدّرت سعر برميل البترول بـ60 دولارًا في الموازنة الحالية، التي بدأ العمل بها مطلع يوليو الماضي 2021، قبل أن يتجاوز السعر الفعلي هذا الرقم، ليزيد على 71 دولارًا في بداية الشهر الجاري، وذلك بعد تراجع عمّا كان عليه في الشهور القليلة الماضية.

وفي حين تعهد وزير البترول بتحقيق الاكتفاء الذاتي من السولار والبنزين في 2023، إلا أن تحقيق مثل هذا الهدف بالنسبة للبوتاجاز يظل أمرًا عسيرًا للغاية، لأن اسطوانات البوتاجاز تعتمد على الغاز النفطي المسال، وهو أحد مشتقات البترول التي تتوفر بنسب قليلة من كميات النفط الخام المستخدمة في التكرير، أي أن «توفير احتياجات مصر من الغاز النفطي المسال يحتاج كميات كبيرة للغاية من النفط الخام»، وفقا لموقع «مدى مصر».

وتبعًا لبيان صادر عن وزارة البترول، الشهر الماضي، بلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية التي وصلتها إمدادات الغاز الطبيعي 12.6 مليون وحدة منذ عام 1980، 50% منها جرى توصيله خلال السنوات السبع الأخيرة، التي شهدت إعلان الحكومة عن مشروع لمد الغاز الطبيعي للمنازل، كبديل عن اسطوانات الغاز.