إعلام المخابرات يروج لـ”شيماء سوستة” لتناسي الارتفاع المستمر في الأسعار 

- ‎فيسوشيال

 

 

برغم أنها من الأمور المضحكة في مصر، لكنها احتلت مكانة بارزة بين الصفحات والمنصات الإلكترونية، زاد من الأمر اختراقها جدران شاشات التليفزيون للحديث عن " كليب شيماء" الذي تجاوزت مشاهداته 10 ملايين، فيما يعتصر القهر المصريين فيزف لهم الانقلاب خبرا سيئا بزيادة أنابيب الغاز، كأنه يخرج لهم لسانه.. ننشر مانحب ونرفع مانشاء من الأسعار.

 

شيماء

تابعت مصر الأيام الأخيرة أغنية "شيماء" التي انتشرت كالبرق على منصات التواصل واليوتيوب، حاصدة أكثر من 10 ملايين مشاهدة، ودفعت برنامج توك شو الذي يقدمه شريف عامر لاستضافة "سوستة" الذي أدى الأغنية؛ ما أدى إلى انتقادات واسعة لـ"عامر" ودعوات له بالاعتذار عن استضافة الشاب الذي ساهم، مع المئات غيره، في تشويه الذوق العام للمصريين. 

 دفع أحد البرامج الرئيسة لاستضافة صاحب الكليب الهزيل ليتحدث عن إنجازه ونسي التلفزيون المصري أن هناك أولويات للمواطن المصري يجب أن يركز عليها.

نشطاء اعتبروا أن ظهور تلك النماذج مرحب بها في القنوات المصرية ، وسببت الحلقة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وسط انتقادات طالت الإعلامي المقرب من سلطات الانقلاب.

 

استهلاك محلي

حلقة "يحدث في مصر" لم تكن الأولى في مسلسل الاستهانة بالمصريين، الأمر الذي دفع العديد لانتقاد الإعلامي بحسن اختيار الموضوعات المثارة؛ حيث روج إعلام المخابرات لكوارث وأمور أخرى طوال الأشهر الماضية، منها المحلل الشرعي المزيف، حيث استضاف نفس المذيع رجلا يدعىي أنه تزوج 33 مرة كمحلل شرعي، ليهرع عدد من رجال الدين لتوضيح أن الزواج بمحلل حرام شرعا، لكن بعدها خرج المحلل الشرعي ليوضح أن الأمر مفبرك وأنه ادعى ذلك ليحقق الشهرة بناء على نصيحة أسرة البرنامج.

في المقابل، ضرب العسكر من جديد على رؤوس المصريين، إذ رفعت حكومة الانقلاب أسعار أسطوانة البوتاجاز في السوق المحلية بما يتراوح بين 5 إلى 10 جنيهات ، بنسبة زيادة تقارب 7.7%.

وبمقتضى القرار الجديد قفزت الأسطوانة المنزلية بواقع 5 جنيهات لترتفع من 65 جنيها إلى 70 جنيها، كما ارتفعت الأسطوانة التجارية بواقع 10 جنيهات لتصل إلى 140 جنيها بدلا من 130 جنيها قبل إقرار الزيادة.

سبقها بأسابيع ، زيادة سعر بيع الغاز الطبيعي لصناعات كثيفة الاستهلاك (الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة والبتروكيماويات) إلى 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بنسبة ارتفاع نحو 28%.

من جهة أخرى، توقع نقيب عام الفلاحين حسين عبد الرحمن، تأثيرا سلبيا لرفع أسعار الغاز للمصانع على أسعار المنتجات الزراعية، بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار الأسمدة، وهي إحدى مستلزمات الزراعة، مضيفا أن أي زيادة في تكلفة الزراعة يتبعه ارتفاع في الأسعار حتى لا يتأثر المزارع سلبا.

وأوضح عبد الرحمن، في تصريحات له "رغم أن ارتفاع أسعار الغاز في مصر أقل من العالمي، إلا أنه حال رفع الأسعار سيؤدي ذلك إلى زيادة أسعار الأسمدة، مشيرا إلى أنه رغم دعم الحكومة للأسمدة، إلا أن المزارع يحصل على معظم احتياجاته من السوق الحر، كما أن معظم المزارعين الذين لا يمتلكون حيازة يتعاملون مع السوق الحر، وبالتالي أسعار الأسمدة في السوق الحر سترتفع من 450 جنيها حاليا".

فيما يرى عبدالرحمن تأثيرا مرتقبا لزيادة أسعار الغاز على صادرات مصر من الحاصلات الزراعية، مبررا وجهة نظره بأن بعض المزارعين قد يتجهون لتقليص المساحات المزروعة، وبالتالي ينخفض حجم الإنتاج، كما أن زيادة تكلفة الإنتاج الزراعي ستؤثر على التسعير مما يؤدي إلى انخفاض تنافسية المنتجات الزراعية المصرية في الخارج، خاصة إذا كانت أعلى من الدول المستوردة.

 

سنوات القهر

"الغاز" ليس الأول في زيادة احتقان المصريين في ظل  سنوات عجاف بعد رفع أسعار شرائح الكهرباء للمرة الخامسة، مع توجه لرفع الدعم نهائيا عن هذا القطاع.

سبق وأعلن وزير الكهرباء بحكومة الانقلاب محمد شاكر مؤخرا حزمة زيادات جديدة في أسعار استهلاك الكهرباء بنسبة 14.9% في المتوسط، مؤكدا أن الدولة ستخفض دعم الكهرباء مرة أخرى في غضون العامين المقبلين.

جاء هذا الإعلان كمرحلة خامسة ضمن خطة خمسية بدأت مع تولي المنقلب السيسي ، كما جاء بعد إقرار الحكومة تلك الزيادات وموافقتها على دعم قطاع الكهرباء بـ16 مليار جنيه من موازنة العام الماضىي، حيث تهدف الوزارة من خلاله إلى خفض دعم الكهرباء من 49 مليار جنيه إلى 22 مليون جينه، وتسديد مديونياتها لوزارة البترول.  

فلسفة حكومة الانقلاب في رفع أي سلع وخدمات تعود لخطواتها المتسارعة لرفع الدعم عن الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والغاز.

وتشير التوقعات إلى أن هذه الزيادة ستضع أثقالا إضافية على كاهل المواطن العادي، خاصة أن الزيادة تمس الشرائح كافة بشكل مباشر.

 

استفزاز للمصريين 

ويراهن خطاب نظام الانقلاب الأمر على تفهم المصريين للإجراءات القاسية، ففي لقاء شبابي عام 2016، ظهر ذلك جليا في حديث السيسي الذي اعتبر التحدي ليس في الإجراءات بل في قبول الناس لها، وقال حينها "اوعوا تفتكروا أن المصريين مش محبين لوطنهم بالشكل اللي يتحملوا بيه التحدي والصعاب".

بعد هذا الخطاب بأيام توقعت صحيفة "إيكونومست" البريطانية كما توقع غيرها من قبل أن تقود سياسات المنقلب إلى تخريب مصر، وهي توقعات تشكك كثيرا في صلاحية الرهان الطويل على تحمل المصريين.

ولا يكف السيسي ووزراء حكوماته المتعاقبة عن حث المصريين على الصبر، انتظارا لجني ثمار ما يصفونها بالإصلاحات الاقتصادية، في حين لا يجد المواطن الفقير أو محدود الدخل بديلا عن الصبر بحكم السياسيات الأمنية وانسداد أفق التعبير.

لكن بالمقابل تُظهر بيانات رسمية أن الاقتصاد المصري لا يتجه نحو التعافي، بل تتعاظم مثلا معدلات الدَّين بشكل غير مسبوق، ففي أحدث بيانات البنك المركزي المصري ارتفع إجمالي الدّين العام المحلي للبلاد بأكثر من 20% على أساس سنوي، ليصل إلى 241.9 مليار دولار، وزاد الدّين الخارجي في الفترة ذاتها أكثر من 16% ليصل إلى 96.612 مليار دولار.

وبحسب بيانات اقتصادية، تلتهم الديون نحو 83% من الإيرادات العامة للدولة بعد أن قفزت الديون التراكيمة إلى 3 أضعافها من خلال 7 سنوات (2011-2018)، وصعد الدين العام لأكثر إلى أكثر من 125% من الناتج المحلي، ومن المتوقع أن تصل أقساط وفوائد الديون إلى 990 مليار جنيه.

ويحذر اقتصاديون من سنوات عصيبة مقبلة بسبب جداول سداد الديون الخارجية التي لا يتوقف السيسي عن التوقيع على اتفاقاتها بمعدلات متسارعة، ففي فبراير الماضي حصلت مصر على قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي و4 مليارات دولار عبر طرح سندات دولية، ومليار دولار آخر عبر طرح البنك المركزي لأذون خزانة دولارية.

ولا يُعرف في ظل كل ذلك كيف يتسنى للطبقات الفقيرة في مصر ترقب التحسن الذي يعد به المسؤولون، في حين تتواصل تلك السياسية في تحميل كاهل المواطنين تكاليف التنمية وإصلاح البنى التحتية دون التفات برأيهم لرفع مستوى دخله لتحمل هذه الأعباء المتزايدة.