رفع أسعار أسطوانات البوتاجاز.. حياة الغلابة تحولت إلى جحيم في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

ارتفاع الأسعار مسلسل لا يتوقف في زمن الانقلاب؛ فكل يوم يفاجأ المصريون بقرارات جديدة لرفع أسعار سلعة أو خدمة أو فرض رسوم وضرائب تحت مسميات مختلفة، مما يجعل من الحياة جحيما لا تُطاق، خاصة وأن أغلبية الشعب المصري يعيش تحت خط الفقر، ولا يستطيع الحصول على احتياجاته اليومية الأساسية.

أخر هذه الكوارث رفع أسعار أنابيب البوتاجاز بنسبة تتراوح من 20% إلى 30% حيث، أعلن خالد عثمان، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة التجارة الداخلية، والمشرف على التجارة الخارجية، رفع أسعار أنابيب الغاز.

وشدد على ضرورة اتخاذ اللازم نحو التنبيه على جميع محطات التعبئة قطاع (عام – خاص) وكل المستودعات الخاصة والمملوكة للشركات والمتعهدين على مستوى الجمهورية بتطبيق الأسعار الجديدة اعتبارا من صباح السبت الموافق 4/12/2021.

جاءت الأسعار الجديدة على النحو التالي:

-70 جنيها للإسطوانة سعة 12.5 كجم تسليم مستودع التوزيع للمستهلك.

-140 جنيها للإسطوانة سعة 25 كجم تسليم مستودع التوزيع للمستهلك.

-5600 جنيه لطن الغاز غير شامل نولون النقل وهذه الأسعار شاملة رسم الدمغة طبقا للقرار الصادر في هذا الشأن.

 

صندوق النقد

حول أسباب هذه الزيادة في الأسعار اعترف مصدر مسئول بحكومة الانقلاب أن زيادة أسعار البوتاجاز خطوة محسوبة في اتجاه إلغاء الدعم وفق إملاءات صندوق النقد الدولي.

وقال المسئول الانقلابي إن "التخارج من دعم الطاقة بالكامل بات وشيكا ، حيث من المزمع أن يشهد العام المالي المقبل إنهاء أخر مرحلة لدعم الكهرباء ووصول سعر البيع لعدد كبير من المنتجات البترولية إلى سعر التكلفة وعدم تحمل دولة العسكر أية أعباء إضافية مقابل دعم الطاقة.

وزعم أنه سيتم الإبقاء على بعض فئات الدعم مثل السولار وأنبوبة البوتاجاز التي لا تزال مدعومة بأكثر من 50% من قيمتها وفق تعبيره .

كما زعم المصدر أن السعر الحقيقي للأنبوبة 140 جنيها وأن هناك دعما لأصحاب المخابز لافتا إلى أن حجم الدعم في الموازنة للطاقة يصل إلى 18 مليار جنيه مقابل 150 مليار جنيه قبل ما يسمى بالاصلاح الاقتصادي، ولكنه مرشح للارتفاع عن توقعات الموازنة الحالية إذا واصل سعر النفط ارتفاعه عالميا وفق تعبيره.

وكشف أن إجمالي المعروض من كميات البوتاجاز في السوق المحلية يتراوح بين 260 و 265 ألف طن شهريا وهي تنقسم إلى قرابة 135 ألف طن استيراد و130 ألف طن إنتاج محلي .

وقال المصدر إن "التوسع في إنتاج البوتاجاز لم يصل إلى مرحلة الإنتاج الذاتي، كما لاتزال هناك فجوة كبيرة بين العرض والطلب ويتم سد الفجوة عبر الاستيراد الخارجي، وهو ما يجعلها عرضة للتأثر بتقلبات الأسعار العالمية من النفط الخام، ومن ثم تحريك أسعار أسطوانات البوتاجاز للجمهور المستهلك".

 

معادلة صعبة

من جانبه انتقد محمد حنفي مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات قرار رفع الأسعار، مشيرا إلى أن الحصول على الطاقة بشكل عام في مصر كان مُعضلة حقيقية قبل سنوات، لكن الأسعار كانت أقل بكثير مما هي عليه الآن.

وقال حنفي في تصريحات صحفية إن الطاقة متوفرة بشكل جيد حاليا، لكن الأسعار مرتفعة مطالبا بضرورة أن تغطي الزيادة في إنتاج الغاز الطبيعي العجز في البوتاجاز .

وأضاف ، نحن أمام معادلة توفير المنتج مقابل زيادة الأسعار، وهي صعبة ولابد من إعادة النظر فيها؛ حفاظا على الفئات الأقل دخلا، ولمنع تحريك أسعار بيع السلع والمنتجات الاستهلاكية بالسوق بشكل مستمر.

وطالب حنفي بالتوسع في مشروعات تكرير الوقود، من أجل الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من كافة المنتجات البترولية، التي تدخل كعنصر أساسي في حياة المواطنين، وكذلك الأنشطة التجارية التي يعتمد عليها محدودو الدخل.

وأشار إلى أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية المختلفة ومنها البوتاجاز، يجنبنا التأثر بتقلبات أسعار البترول الخام العالمي، ومن ثم الحفاظ على مستوى الأسعار المحلية للوقود المستهلك بالسوق المحلي .

 

الغلابة

وقال المهندس حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية سابقا إن "هناك أزمة حقيقية في إنتاج البوتاجاز مشيرا إلى أن مصر تستورد حوالي 50% من احتياجات السوق من الخارج، وبالتالي تضطر حكومة الانقلاب إلى تحريك الأسعار في ظل الأسعار العالمية المرتفعة بشكل كبير، عن سعر البيع داخليا".

وأكد عرفات في تصريحات صحفية أن ارتفاع أسعار أسطوانات البوتاجاز، له آثار جانبية سلبية تؤثر على كافة تفاصيل الحياة اليومية للمواطن خاصة فئة المواطنين من الطبقات المتوسطة والفقيرة ومحدودي الدخل، باعتبارها الفئات التي لاتزال تستهلك أسطوانات البوتاجاز، لموقعهم في المناطق النائية البعيدة عن خطوط نقل الغاز الطبيعي.

وأشار إلى أنه رغم أن زيادة أسعار البوتاجاز طفيفة مقارنة بالتكلفة الحقيقية، إلا أنها ستؤثر على الفئات الفقيرة خاصة في ظل كثرة المستغلين في الأسواق المحلية .

وتوقع عرفات أن يرفع أصحاب الأنشطة التجارية الأسعار تحت ذريعة زيادة سعر الأسطوانة؛ مشيرا إلى أن أصحاب المطاعم والمقاهي ، قد لا يرفعون الأسعار بقيمة 10% خاصة وأنه لا يوجد حاكم عليهم، وهنا دور الشارع هو الأساس في التجاوب مع الزيادة أو رفضها .

وشدد على ضرورة أن تكون هناك أجهزة رقابية تتابع الأسواق، وتمنع أي زيادات في الأسعار حتى، لا يكون الغلابة هم الضحية لمثل هذه القرارات .

 

محدودو الدخل

وحذر رمضان أبو العلا الخبير البترولي من تأثير تحريك أسعار البوتاجاز على شرائح مجتمعية عدة إضافة إلى بعض الأنشطة التجارية، وما يتبع ذلك من ارتفاع في أسعار السلع والمنتجات مؤكدا أن جميع السلع والخدمات مرتبطة بالزيادة الجديدة في تكلفة مدخلات التشغيل.

وقال أبوالعلا في تصريحات صحفية  "على سبيل المثال، تعتمد مزارع الدواجن بشكل أساسي على أسطوانات البوتاجاز في عمليات تدفئة المزراع خلال أشهر الشتاء وهي تستهلك كميات مضاعفة خلال هذه الفترة من العام وبالتالي تحريك أسعار أسطوانات البوتاجاز قد يزيد من سعر بيع الدواجن واللحوم في السوق الأيام المقبلة".

وأشار إلى أن محدودي الدخل ينفقون نسبة كبيرة من دخولهم في توفير الطاقة الأساسية اللازمة لحياتهم اليومية، سواء أسطوانة البوتاجاز أو كهرباء أو وقود وبالتالي، فإن أي زيادة في أسعار هذه السلع يترتب عليها مزيدا من المعاناة لهذه الفئة.

وطالب أبو العلا حكومة الانقلاب بأن تعمل بشكل رقابي على الحد من التبعات الاقتصادية والاجتماعية السلبية لقرارات تحريك أسعار البوتاجاز ، وضبط ممارسات البعض الاستغلالية وفرض زيادات غير مبررة في أسعار السلع.