رغم مزاعم تطوير العشوائيات.. العقارات الآيلة للسقوط تحصد أرواح المصريين

- ‎فيتقارير

انهيار العقارات ظاهرة مؤسفة تعاني منها مصر في زمن الانقلاب،  بسبب فساد المحليات ولا يكاد يمر يوم دون انهيار عقار أو أكثر في محافظات الجمهورية وتتزايد هذه الظاهرة بصورة مخيفة مع التقلبات الجوية التي يشهدها الطقس في الوقت الحالي وسقوط أمطار غزيرة وسيول تجرف الكثير من المباني في طريقها، وتشرد الآلاف وتجعلهم بدون مأوى يفترشون الخيام في شوارع المحروسة .

ورغم أن نظام الانقلاب يزعم أنه يطور العشوائيات ويطرح مبادرات تحت مسمى حياة كريمة لأهالي الريف والمباني المتهالكة، إلا أن هذه المبادرات تقف عند حدود الشو الإعلامي، أما على أرض الواقع فالمباني تنهار والأهالي يشردون دون اتخاذ أي إجراء لمواجهة هذه الظاهرة والتقليل من حدوثها من خلال إعداد خطة لترميم المباني والعقارات المتصدعة وإزالة ما صدر له قرارات إزالة ومنح السكان مساكن بديلة .

وبسبب هذا الإهمال تتجدد مخاوف سكان العقارات القديمة، بعدما غابت الرقابة ووسائل الأمان والصيانة وانعدمت المتابعة من الأحياء والمحليات، وأصبحوا تحت رحمة الإهمال، لينتهي الحال بهذه المنازل إلى السقوط فوق رؤوس قاطنيها.

 

المحليات

من جانبه أكد الدكتور كريم العمدة خبير اقتصادي، أن القضاء على العشوائيات ملف في غاية الصعوبة، لأن العشوائيات تراكمت عبر عقود وسنوات طويلة دون وجود محاولات للتصدي لها، مشيرا إلى أن العشوائيات ظهرت في ستينات القرن الماضي والقاهرة أصبح بها أكثر من 1000 منطقة عشوائية.

وقال العمدة  في تصريحات صحفية إن "العشوائيات مقسمة لأماكن غير آمنة وخطرة وهي التي يكون سكانها معرضين للخطر وللضرر في أي وقت مثل صخرة المقطم التي سقطت في الماضي، والمناطق الموجودة في وجه السيول وخلافه، لافتا إلى أن هذه المناطق تتطلب تحركا بشكل سريع وعاجل لإعادة توطين سكانها في أماكن أخرى أكثر آدمية".

وأوضح أن المادة 78 من الدستور المصري تشير إلى أن الدولة ملزمة بتوفير مسكن آمن وصحي للمواطنين ولابد أن تقوم بهذه المسئولية ، مشددا على ضرورة وجود تخطيط شامل للقرى والمدن، حيث تواجه الصحة والتعليم والخدمات مشكلات كثيرة بسبب التكدس السكاني في بعض المناطق.

وتابع العمدة ، من الطبيعي وجود ضغط على مرافق الصحة والتعليم في الأماكن غير المخططة، مؤكدًا أن ظاهرة التكدس موجودة في المحافظات صاحبة عدد السكان الكبير، وطالب بضرورة البدء بالقضاء على الفكر العشوائي في المحليات على وجه الخصوص.

 

اتحاد الشاغلين

وقال المهندس على مصطفى، نائب رئيس الاتحاد المصري لمقاولى البناء والتشييد إن "مشاكل صيانة العمارات القديمة مسئولية مشتركة بين شاغلي العقارات والمحليات، موضحا أن بداية وجود الخطر وملاحظته تكون من جانب السكان حتى لا يؤثر ذلك على سلامة العقار، مثل وجود شرخ أو كسر في أعمدة العقار يتزايد مع الوقت، ما يمثل تهديدا على حياة السكان وبالتالي يجب عليهم إبلاغ الحي أو الاتفاق مع لجنة هندسية أو مهندس استشاري لتقييم مدى خطورته".

وأشار مصطفى في تصريحات صحفية إلى أن المسئولية تنتقل من السكان إلى الأحياء عند تقديم بلاغات بوجود مشاكل في العقارات القديمة أو الآيلة للسقوط، مؤكدا أنه يجب على الأحياء أن تنتفض لحماية حياة السكان، من خلال اتخاذ إجراءات سريعة لحماية أرواحهم، والابتعاد عن المشكلات الروتينية المعتادة.

وأضاف ، هذه البلاغات العاجلة يجب أن يكون هناك آلية للتعامل معها بشكل سريع حتى لا ينتج عن إهمالها انهيار العقارات، لافتا إلى أنه من المفترض أن العقود سواء الإيجار أو التمليك توضح نصوصها حدود التزام الأطراف بالصيانة والترميم، وأن تكون الصيانة بشكل دوري بالاتفاق مع شركات الصيانة وشاغلي العقار.

وأوضح مصطفى يجب أن يوجد اتحاد شاغلين للعقار يقوم بضمان هذه الصيانات والترميمات المترتبة على الانتفاع من الوحدات الإيجارية، وهذا الاتحاد يسجل ويعتمد من الحي التابع له العقار، وقرارات مجلس إدارته ملزمة للحائزين للعقار، معربا عن أسفه لأن كل هذه النقاط غائبة»عن قوانين اتحاد الشاغلين والبناء الموحد والإيجار القديم.

 

الصيانة

وقالت الدكتورة منار حسني عبدالصبور، نائب رئيس قسم الهندسة المدنية بمعهد الجزيرة العالي للهندسة والتكنولوجيا، إن "مواد قانون اتحاد الشاغلين، مشوهة وغير مكتملة، مشيرة إلى أن اتحاد الشاغلين في ظل القانون الحالي يعاني غياب سلطة إلزام تحصيل مقابل الصيانة والخدمات أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات مناسبة مثل قطع المياه والمرافق ويترتب على ذلك إهمال الصيانة".

وأكدت د. منار في تصريحات صحفية أن الصيانة عنصر أساسي في الحفاظ على المبنى السكني من الزمن وضامن لبقائه سليما متماسكا طوال عمره الافتراضي، مشيرة إلى أنه كان من المفترض أن يكون هناك قانون منفصل لاتحاد الشاغلين ينظم صيانة وترميم المباني السكنية، ليست له علاقة بقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، مع إنشاء قاعدة بيانات لمالكي العقارات ، وذكر جميع المباني القائمة التي لم يكن لها اتحادات ملاك، خاصة مع تزايد حوادث انهيار العقارات الآيلة للسقوط، ليكون قانونا متكاملا يستطيع التعامل مع قرارات تنفيذ أعمال الترميم والصيانة والهدم لتأمين سلامة العقارات .

وشددت على ضرورة إجراء تعديلات على الباب الرابع من قانون اتحاد الشاغلين، ليتضمن الالتزام بصيانة المباني والمنشآت، وتحديد الاختصاصات والمسئوليات بين وزارة الإسكان ونقابة المهندسين والمحافظين ورؤساء الأحياء والمدن والاتحاد المصري وواضعي قوانين البناء والتشييد، على أن تكون لكل وزارة أو جهة اختصاصها وصلاحياتها بشكل واضح ومحدد وملزم، من أجل إنقاذ الثروة العقارية من الانهيار قبل فوات الأوان.