بهدف تقليص أعداد العاملين في الجهاز الإداري لدولة العسكر، وخضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي، بدأ نظام الانقلاب تطبيق قانون فصل الموظفين المدمنين، أو من يثبت أنهم يتعاطون أي نوع من المخدرات، وذلك من خلال إجبارهم على إجراء اختبار وتحليل مخدرات على نفقتهم الخاصة.
المخدرات أصبحت حجة الانقلاب قطع عيش الغلابة وتسريح الموظفين، ورغم ذلك يستغل المطبلاتية هذا الإجراء في التطبيل للسيسي، والزعم أنه يعمل على تطهير الجهاز الإداري لدولة العسكر من الحشاشين والمدمنين، في إطار الهيكل المتكامل لإصلاح الهيئة والحوكمة لتحقيق ما يسمونه رؤية مصر 2030.
لكن الحقيقة أن السيسي لا يسعى لأي إصلاح، لأن المخدرات والخمور تنتشر في كل مكان على أرض المحروسة، لكن هدفه الأساسي إرضاء صندوق النقد الدولي، والسير في ركاب من دعموا ومولوا انقلابه العسكري.
تطبيق القانون
في هذا السياق قال عمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، إن "تطبيق قانون فصل الموظف الذي يثبت تعاطيه للمواد المخدرة، اعتبارا من اليوم مشيرا إلى أنه سيتم توسيع حملات الكشف بطريقة سريعة وفجائية للغاية، ودون تحديد مواعيد مسبقة للكشف وفق تعبيره".
وأضاف عثمان في تصريحات صحفية أن عنصر المفاجأة ينتج عنه وجود موظفين في حالة ترقب، ليتم إخضاعهم للفحص في أي وقت، زاعما أنه تم الاتصال المباشر بالفئات المستهدفة، وتنفيذ مبادرات توعية بشأن أضرار المخدرات وآليات تطبيق القانون الجديد.
وأشار إلى أنه تمت إتاحة فترة 6 أشهر على من يثبت تعاطيه للمواد المخدرة من العاملين بالجهاز الإداري لدولة العسكر، حتى يتسنى لمن يرغب منهم طواعية في العلاج قبل تطبيق عقوبة الفصل بحسب تصريحاته.
على نفقة الموظف
وقال مسعد عبد الله شومان، خبير قانوني ومحامي بالنقض، إن "السيسي أصدر القانون رقم 73 لسنة 2021 بشأن بعض شروط شغل الوظائف أو استمرارها وعقوبة الفصل من مكان العمل للموظفين العموميين الذين يثبت تعاطيهم المخدرات".
وكشف شومان في تصريحات صحفية أنه وفقا لقانون فصل الموظف متعاطي المخدرات، فإن توقيع عقوبة الفصل من الخدمة على الموظفين سيقع على من يثبت مجرد تناوله للمخدرات، وليس من يثبت إدمانه لها.
وأضاف أن قانون السيسي يزعم أنه يعطي فرصة لأي موظف يتعاطى مواد مخدرة للتقدم للعلاج من خلال الاتصال بالخط الساخن "16023" في سرية تامة.
وأشار شومان إلى أن القانون يشترط أن يجري التحليل التوكيدي على ذات العينة في الجهات المختصة، ويجوز للعامل في هذه الحالة، وعلى نفقته، طلب الاحتكام إلى مصلحة الطب الشرعي، إما لفحص العينة خلال أربع وعشرين ساعة من وقت ظهور نتيجة تحليلها، أو توقيع الكشف الطبي عليه خلال ذات اليوم الحاصل فيه التحليل، وفي حالة سلبية النتيجة تلتزم جهة العمل بأن ترد للعامل قيمة ما تحمله من نفقات فعلية سددت لمصلحة الطب الشرعي.
انتشار الإدمان
هذه الإجراءات تسببت في انتشار عيادات ومراكز خاصة لعلاج المدمنين، والتي أدت إلى انتشار حالات الإدمان بدلا من علاجها، بل وصل الأمر إلى أن تتحول تلك المراكز إلى بؤرة لتوزيع المخدرات.
ويؤكد مراقبون أن عيادات علاج الإدمان غير المرخصة أصبحت سببا رئيسيا في زيادة أعداد المدمنين، عن طريق استخدام برامج علاجية خاطئة تؤدي إلى الاستمرار في تعاطيهم للمواد المخدرة بعد فترة وجيزة من إحساسهم بوهم التعافي.
وقالوا إن "العائلات تفضل التوجه إلى تلك المصحات، على أمل أن تحافظ هذه العيادات على خصوصية معلومات المرضى بالإضافة إلى نفقات العلاج المنخفضة".
كان أهالي الشرقية قد أبلغوا عن ٦ مراكز لعلاج الإدمان تعمل بدون ترخيص بالمخالفة للقانون، ومحتجز بها عدد كبير من المدمنين، وبعض المرضى النفسيين، ويديرها أشخاص غير مؤهلين".
وأكدوا أن هذه الأماكن غير مستوفاة للاشتراطات الصحية، ولا يوجد بها أي فريق أو إشراف طبي على المرضي، مما يعرض صحتهم للخطر.
مراكز مخالفة
من ناحية أخرى تم إغلاق 59 مركزا خاصا مخالفا لعلاج الإدمان بـ6 محافظات، وقال الدكتور هشام زكي رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص، إن "المخالفات التي تم رصدها شملت عدم تطبيق سياسات مكافحة العدوى، وإدارة المنشآت بدون تراخيص، ووجود عمالة غير مؤهلة وغير حاصلة على ترخيص بمزاولة المهنة، وكذلك العثور على أدوية منتهية الصلاحية وغير مرخصة".
وأشار زكي في تصريحات صحفية إلى أنه تم استهداف المراكز العلاجية غير المرخصة لعلاج الإدمان بالمنيا ، وأسفرت الجهود عن ضبط 13 مركزا لعلاج الإدمان بدائرة مركز بني مزار .
وكشف أن هذه المراكز بها الكثير من المخالفات، منها عدم وجود تراخيص من الجهات المعنية، وعدم وجود موافقة من المجلس القومي للصحة النفسية، ومزاولة مهنة الطب بدون ترخيص، وعدم اتباع سياسات مكافحة العدوى.
بيزنس
وكشف الدكتور محمد منصور استشاري الصحة النفسية وعلاج الإدمان بأحد المراكز الخاصة، أن أسعار علاج الإدمان في مصر تختلف من مركز لآخر، وتترواح التكلفة العلاجية في اليوم الواحد من 300 جنيه فقط إلى 1500 جنيه حسب العديد من المتغيرات والعوامل والتي تتمثل في نوعية المادة المخدرة.
وقال منصور في تصريحات صحفية إن "علاج الإدمان من الحشيش يختلف عن علاج الإدمان من الهيروين، كما أن مدة الإدمان على المخدرات من المعايير والأسس التي يجب أن نضعها في الحسبان".
وأشار إلى أن هناك الكثير من مراكز علاج الإدمان بلا تراخيص صحية، وبلا متخصصين أصلا، فهي تحولت لبيزنس لا أكثر، وقد تصل الكلفة يوميا إلى 5000 جنيه، بالمراكز الهاي كلاس.
وكشف منصور عن كارثة أخرى تحدث في تلك العيادات وهي إعطاء المرضى نسبة من المخدرات، بل إن بعضها تحول إلى بؤر لبيع تلك المخدرات على المدمنين، وذلك من أجل ضمان استمرار المريض وبالتالي الحصول على المزيد من الأموال.