“واشنطن بوست”: كيف تختبر الانتخابات وحدة ليبيا الهشة التي مزقتها الحرب؟

- ‎فيعربي ودولي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا سلطت خلاله الضوء على تطورات الأوضاع في ليبيا، بعد قرار اللجنة العليا للانتخابات تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان مقررا إجرائها في 24 ديسمبر الجاري.

وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، كان قرار ليبيا بتأجيل الانتخابات الرئاسية، دليلا آخر على التوترات والتحديات التي عمت عضو منظمة أوبك منذ الإطاحة بالرجل القوي معمر القذافي قبل عقد من الزمن، ويبدو أن القوى الأجنبية التي شنت حربا بالوكالة في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا تدعم التجربة الديمقراطية، ولكن النتيجة غير مؤكدة.

وأضاف التقرير أن التنافس المرير والانقسامات الجغرافية تزيد من خطر عدم تقبل الخاسرين للنتيجة، مما دفع الميليشيات المعارضة لليبيا إلى حمل السلاح مرة أخرى وربما إغلاق إنتاج النفط.

 

ماذا بعد سنوات الاضطراب؟

وأوضح التقرير أن مؤسسات الدولة الليبية تبخرت خلال حكم القذافي الدكتاتوري الذي دام 42 عاما، فتركت إطاحته فراغا مُلِئ من قبل العديد من الجماعات المسلحة، والكثير منها قائم على الانتماءات القبلية، وفشلت الحكومات المتعاقبة في استعادة النظام أو وقف تدفق الأسلحة إلى البلاد، الانتخابات الوطنية التي كان من المفترض أن توحد ليبيا في العام 2014 لم تفصلها إلا في المنتصف، حيث تتنافس حكومة الوفاق الوطني، ومقرها العاصمة طرابلس في الغرب، مع الائتلاف الشرقي الذي يقوده اللواء خليفة حفتر من القوات والمقاتلين غير النظاميين المعروف باسم الجيش الوطني الليبي.

وأشار التقرير إلى أن حفتر نجح في تأمين موارد نفطية كبيرة من خلال توسيع قبضته في الشرق والجنوب قبل أن ينتقل إلى السيطرة على طرابلس في العام 2019 بمساعدة مرتزقة روس، وقد أرسلت تركيا، التي تدعم حكومة الوفاق الوطني، قواتها في العام التالي، واضطر رجال حفتر إلى التخلي عن جهودهم بعد معارك خلفت أكثر من 2000 قتيل وعشرات الآلاف من المشردين، وتم إعلان وقف إطلاق النار في أغسطس 2020 بعد أن قالت مصر إنها تستطيع التدخل.

 

سر اهتمام الغرب بليبيا

ولفت التقرير إلى أن شركات من بينها شركتا "توتال إنفكتس سي" الفرنسية، و"إيني سبا" الإيطالية، و"شل بي سي" الهولندية الملكية تفكر في استثمار مليارات الدولارات لاستغلال احتياطي ليبيا الكبير من النفط والغاز الطبيعي، فضلا عن إمكاناتها للطاقة الشمسية، وإن قرب البلاد من أوروبا يجعلها أكثر جاذبية بالنسبة لهم، ودعمت مصر، والإمارات العربية المتحدة، حفتر على أمل أن يتمكن من إنهاء الفوضى وهزيمة الجماعات الإسلامية، بما في ذلك الفرع الليبي من جماعة الإخوان المسلمين، الذي يعتبر عدوا للحكومة المصرية.

ووجدت تركيا قضية مشتركة مع حكومة الوفاق الوطني، لأن البلدين تربطهما علاقات وثيقة مع الإخوان المسلمين، أما روسيا، التي كانت تعمق دورها في العالم العربي، فقد حافظت في البداية على اتصالاتها مع الجانبين في حين روجت لنجل القذافي، سيف الإسلام، كرئيس في المستقبل، لكن في العام 2019، ألقت موسكو بثقلها خلف حفتر، وقد دخل إلى ليبيا أكثر من 1000 مرتزق من مجموعة فاغنر التي يرأسها رجل مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمساندة الجنرال، ودفعت إجراءات روسيا الولايات المتحدة إلى الضغط بقوة أكبر من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

 

خطة الانتخابات

وتابع التقرير"بعد شهرين من إعلان وقف إطلاق النار، وقّع الخصوم على هدنة رسمية في الأمم المتحدة في جنيف، في فبراير 2021، رشح مندوبون ليبيون هيئة تنفيذية وطنية مؤقتة موحدة لقيادة البلاد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية، فقد اختاروا محمد منفي من شرق ليبيا لرئاسة مجلس رئاسي من ثلاثة أشخاص ورجل أعمال من مدينة مصراتة الساحلية، عبد الحميد دبيبة، رئيسا للوزراء، وكان من المقرر في البداية إجراء التصويت يوم 24 ديسمبر ، ولكن قبل أيام ، لم تصدر اللجنة الوطنية للانتخابات قائمة نهائية بالمرشحين ، وبعد ذلك أعلنت أن إجرائها كما كان مقررا ومستحيلا، وبدلا من ذلك، اقترحت موعدا بعد شهر، ولكن التغيير يتطلب موافقة برلمانية لم يتم ضمانها بعد".

 

المرشحون الأوفر حظا

وقدم نحو 100 مرشح أسماءهم، على الرغم من أن السلطات الانتخابية رفضت نحو عشرين منهم، بينما واجه آخرون طعونا قانونية، في حين أنه لا يوجد استطلاع موثوق، يعتقد أن المرشحين الأوفر حظا هم:

خليفة حفتر: ولد هذا الجنرال في العام 1943، وانقلب على القذافي وقضى سنوات في المنفى قبل أن يعود إلى المشهد خلال الثورة، وقد يحصل على تأييد قوي في الشرق، لكنه يكافح من أجل الحصول على أصوات في الغرب.

سيف الإسلام القذافي: لم يكن الابن البالغ من العمر 49 عاما والمستشار السابق للدكتاتور الليبي المقتول في نظر الجمهور لسنوات، واحتُجز لفترة من الزمن من قبل ميليشيا ولا يزال مطلوبا من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ولا يزال القذافي يتمتع بالدعم في الجنوب، وفي حين أنه قد يحصل على دعم من مواطني البلاد الذين يحنون إلى الاستقرار النسبي لحكم والده، قد يتفوق ذلك الاستياء بين الكثيرين الذين عانوا.

عبد الحميد دبيبة: لقد بنى رئيس الوزراء الحالي شخصيته كرجل دولة خلال فترة قصيرة في منصبه، وكان رجل الأعمال الثري رئيسا لشركة بناء مملوكة للدولة وله خلفية تكنوقراطية أكثر من منافسيه الآخرين.

فتحي باشاغا: وبصفته وزيرا سابقا للداخلية ولاعب أساسي في الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها عندما كانت البلاد مقسمة بين الشرق والغرب، يمكن لباشاغا الاعتماد على دعم كبير في مصراتة والعاصمة.

 

ما هي الآفاق؟

والأمر البالغ الأهمية هو أن القوى الأجنبية التي ساعدت مشاركتها في إطالة أمد الصراع نبذت خلافاتها العامة، وقد أوفت كل من مصر والإمارات وتركيا حتى الآن بالتعهد بدعم حكومة دبيبة المؤقتة، مع توق معظم الليبيين إلى السلام، هناك بعض الحافز للمواطنين لاحترام النتائج، غير أن يان كوبيس، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا آنذاك، أخبر مجلس الأمن في نوفمبر أن المناخ السياسي لا يزال مستقطبا بشدة، فالنزاعات المستمرة حول شرعية المرشحين المختلفين، وحتى الانتخابات نفسها، يمكن أن تؤدي إلى تجدد القتال، وإذا لم يؤمن أي مرشح أكثر من 50٪ من الأصوات، فإن البلاد سوف تظل على حافة الهاوية إلى أن يقرر التصويت على الجولة الثانية الفائز، هذا إذا أُجريت الانتخابات على الإطلاق.

 

https://www.washingtonpost.com/business/energy/how-election-will-test-war-torn-libyas-fragile-unity/2021/12/27/84382bf4-670a-11ec-9390-eae241f4c8b1_story.html