قبل أن ينفلت عقال ٢٠٢١، ومع صباح ٣٠ ديسمبر، أعلن عبر منصات التواصل استشهاد المعتقل وعضو مجلس الشورى السابق هشام القاضي حنفي بالإهمال الطبي بعد نقله من محبسه بقنا إلى سجن العقرب بـ10 أيام.
وفي إجرام معتاد للعسكر، ترك جثمان الشهيد هشام القاضي في المشرحة 4 أيام قبل أن يتم إبلاغ أهله بوفاته، وذلك عقب سلسلة من الإهمال الطبي المتعمد لحالته الصحية ونقله إلى سجن العقرب في ظروف متعمدة للقتل والتصفية.
ومنذ وقت مبكر حذرت منظمات حقوقية من الإهمال الطبي بحق "القاضي"؛ ففي ٢٦ أغسطس ٢٠١٧، نشر مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" عن أن الإهمال الطبي يهدد حياة النائب البرلماني السابق بسجن أسيوط العمومي.
وبحسب أسرته فكان "القاضي" محتجزا بزنزانة انفرادية بدون علاج أو طعام، وذلك بعد ترحيله من سجن قنا العمومي، عقب احتجاج المعتقلين على سوء المعاملة من إدارة السجن، وكان النئب يعاني من أمراض مزمنة منها الضغط والسكر.
https://www.facebook.com/elshehab.ngo/posts/1943160979290154
لمحات إنسانية
وفي اليوم التالي لاستشهاده نشر الباحث والأكاديمي المتخصص في الآثار والتاريخ المصري القديم د.حسين دقيل عبر حسابه على فيسبوك لمحات من حياة هشام القاضي ابن بلده "قوص" مشيرا إلى إنسانيته وتأسيه بسيرة الصالحين والمصلحين.
وأضاف: "لم يكن الحاج هشام، رحمه الله، شخصية عادية، هكذا جاءت إلى الدنيا؛ ثم غادرت… بل كان منارة ستظل تهدي بنورها الحيارى، كان أستاذا سيظل تلامذته يحملون اسمه مهما طال الزمن، كان نموذجا وقدوة، سيحتذي بأفعاله من عرفه أو سمع عنه أو رآه.. لا أدري ماذا أقول عنه، وماذا أكتب.. فبيننا تاريخ طويل، لا تكفيه الكلمات ولا تُخبر عنه الصفحات".
وأضاف: "عرفت الحاج هشام مذ كنت تلميذا صغيرا؛ غير أني اقتربت منه أكثر بعد تخرجي في الجامعة؛ فرأيتُ رجلا طيب النفس، قنوعا، حلو اللسان، يُحفك بعطفه وحنانه، لا تسأم من الجلوس إليه، ولا تشبع من الاستماع له؛ فكلماته عفوية لم يُجهد نفسه في زخرفتها؛ فزخرفتُها مغلفة بالإخلاص الذي لم يتصنعه يوما، (هكذا عهدناه)".
وتابع أنه "أحبّ الناس فأحبوه، ووقفوا خلفه في انتخابات البرلمان 2005، في عهد مبارك، أمام أحد أباطرة الصناعة فنجح في مواجهته باقتدار. ولم يأل جهدا في الدفاع عن حقوق أهل دائرته فالتفوا خلفه أيضا في انتخابات 2010 الشهيرة؛ غير أن (القرار) كان الرسوب!
أتذكر حينها، والكلام لـ"دقيل"، أثناء إعداد أوراقه للتقدم لتلك الانتخابات الشهيرة التي عجلت بثورة يناير؛ كنتُ ساعتها مع بعض المقربين منه؛ حين أخبروه بأنهم لن يستطيعوا دعمه ماديا في تلك الانتخابات وحبذا لو تنازل عن الترشح، فرد عليهم بصوت عال مقسما: "والله سأستمر حتى لو بعت ذهب مراتي". فلا أستطيع أن أتخلى عن الناس".
وأشار إلى أن "كرمه لا شبيه له – هكذا أشهد – لم يكن يعرف ما معه من مال، كانت جيوبه مفتوحة كما يقولون، كان الفقراء والسائلون ينتظرونه على الطرقات، فينال كلٌ منهم نصيبه، كانت مواقفه هذا لا تُعجب بعض أصدقائه، سمعتُ أحدهم يقول له يوما: "اللي بتعمله ده مش كرم يا حج هشام، ده هبل" فقال له: أنا عايز أكون أهبل! (وحاشاه أن يكون كذلك)".
وكتبت "دقيل" عن خصوصيات العلاقة نع الشهيد الراحل وقربه منه حتى في شأن زواجه وملابسه، لافتا إلى أن الحاج هشام لم يكن "يناديني إلا بـ (يا واد يا حسين) فقد كنت قريبا منه، وكنتُ أسعد بتلك المناداة، غير أني وبمجرد أن حصلت على الدكتوراه، اتصل بي – وساعتها كان أيضا في رحلة اضطرارية سابقة – وقال: اليوم يا دكتور حسين، من أسعد أيامي، لحصولك على الدرجة.. قلت له: يا حج هشام، أنا ما زلت الـ (واد حسين) قال لي: بل أنت دكتورنا!!".