“فرحوا بقتل الشهداء ورقصوا فوق دماء الوطن”.. هل تجوز الشماتة في موت أذرع الانقلاب العسكري؟

- ‎فيتقارير

هناك خيط رفيع بين الشماتة برحيل أحدهم عن الدنيا، والفرح بهلاك ظالم أو طاغية أو فاسق أو متجبر؛ ونهى الشرع الحنيف عن الشماتة في الأموات بوجه عام وأمر بالاستعاذة منها، ولكن الشرع لم ينْهَ عن الفرح بهلاك ظالم أو طاغية أو فاسق أو متجبر، جاهر بالتطبيل للظالم ودعم القاتل ورقص فوق دماء وأشلاء الشهداء.

ورحل في بداية عام 2022 ثلاثة من مشاهير أذرع الانقلاب، بدأت برحيل الكاتب الصحفي إبراهيم حجازي، عضو مجلس الشيوخ، رئيس تحرير الأهرام الرياضي الأسبق، وبعد ذلك بأيام نعت الصفحة الرسمية للإعلامي وائل الإبراشي، خبر وفاة المستشارة تهاني الجبالي، لتعود وتذيع خبر وفاته بعد صراع مع المرض استمر طوال عام تقريبا مع فيروس كورونا، حيث سبق ونشرت الصفحة صورة للمستشارة، وكتبت " إنا لله وإنا إليه راجعون، توفيت منذ قليل المستشارة تهاني الجبالي"، لتعيد الصفحة إذاعة خبر وفاة الإبراشي.

 

أنا خصيمك يوم القيامة.

"هاجم الشيخ محمود شعبان وطالب بالاحتفال بمذبحة رابعة" تلك كانت أبرز مواقف الإعلامي الراحل وائل الإبراشي أحد أذرع العسكر، وظهر مصطلح "الأذرع الإعلامية" للمرة الأولى في نهايات 2013، بحديث منسوب للسفاح السيسي، عن "أذرع إعلامية ممتدة في وسائل الإعلام للسيطرة على محتواه، تجبرها على السير على السطور التي وضعها من أجل إتمام خارطة الطريق".

ورغم أذرعه الإعلامية وترسانة القوانين وفلترة رموز الإعلام أولا بأول للتأكد من ولائها وإحكام قبضته الأمنية على كل ما ينشر ويبث داخل الحدود المصرية، يبقى الإعلام المعارض في الخارج أزمة كبرى لم يتمكن السفاح السيسي من مواجهتها بإعلامه في الداخل.

يقول الكاتب والإعلامي السوري أحمد موفق زيدان " اليوم يرحل عن دنيانا #وائل_الإبراشي و #تهاني_الجبالي اللذين فجرا بالخصومة مع الرئيس الشهيد المظلوم #محمد_مرسي، لعلها تكون فرصة للمصرين والمخدوعين، سنرحل بلا ألقاب ولا رتب ولا مناصب،  فهناك عملك ناطق عليك، ووجدوا ما عملوا حاضرا، في بث حي ومباشر وعلى الهواء، فاستعدوا".

ويقول الصحفي في التلفزيون الرسمي التركي سمير العركي" كان وائل الإبراشي ترسا في ماكينة جبارة نشرت الكراهية وعمقت الانقسام المجتمعي في #مصر وزينت لفريق من المصريين الفرح في مقتل فريق آخر لم يكن أمينا على الرسالة الإعلامية ولا ملتزما بضوابطها ومواثيقها، وطالب بجعل مذبحة رابعة عيدا لذا ستظل لعنة الدماء تطارد كل من شارك في سفكها".

 

أعوان الظلمة

وبعد وفاته إثر صراع دام عاما كاملا مع فيروس كورونا، تآكلت فيه رئتاه بشكل كبير وبات التنفس مهمة صعبة، برز إعلاميون موالون للانقلاب العسكري ينعون وائل الإبراشي، وآخرون يذكرون بأشهر حلقاته مع الأستاذ بجامعة الأزهر محمود شعبان، المعارض للانقلاب والذي شارك الإبراشي مع العسكر في اعتقاله في إحدى حلقاته على الهواء مباشرة.

يقول الدكتور محمد عياد، أستاذ الفقه المقارن "لا شماتة في موت عبد من عباد الله الذين يفعلون الحسنات ويرتكبون السيئات مثل باقي البشر، أما الطغاة والمتجبرون، الذين ملؤوا الأرض ظلما، وأذلوا عباد الله واستباحوهم، وجعلوا أيامهم على الأرض شقاء وكدحا، ونال أذاهم القاصي والداني، فالفرح في موتهم إنما هو في حقيقته تقرب إلى الله تعالى بالاعتراف بقدرته جل شأنه على تحقيق وعيده بالقِصاص من الظالمين".

مضيفا ، وأقول لمن يعترض على إظهار الشماتة بالظالمين "أين هؤلاء من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحال سلفنا الصالح من الفرح بهلاك الظالمين؟ بل والسجود لله شكرا على هلاكهم؟".

والشماتة كما عرفها علماء الشرع الحنيف: هي الفرح والاغتباط ببلية الآخرين أو بالأعداء، والمراد هنا أي الفرحة بموت ظالم سرورا للتخلص من ظلمه وفساده ونجاة المسلمين من شره وحكمها "جائز" لما ورد من كثرة الأدلة على ذلك كالتالي قال تعالى في الآية وهو يحذر من الركون إلى الظالمين ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ هود: 113.

والركون يعني: المجاملة والمداهنة، والميل إليهم بالمحبة والمودة، وآفة الدنيا هي الركون للظالمين؛ لأن الركون إليهم إنما يشجعهم على التمادي في الظلم، والاستشراء فيه، وأدنى مراتب الركون إلى الظالم ألا تمنعه من ظلم غيره، وأعلى مراتب الركون إلى الظالم أن تزين له هذا الظلم؛ وأن تزين للناس هذا الظلم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ أَعَانَ ظَالِماً لِيُدْحِضَ بِبَاطِلِهِ حَقّاً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الله وَذِمَّةُ رَسُولِهِ"؛ أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.

وعن أنس رضي الله عنه قال "مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم "وجبت، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال  وجبت  فقال عمر ما وجبت؟ قال "هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض" رواه البخاري.

وقال أبو بكر المروزي لما سجن أحمد بن حنبل جاء السجان فقال له "يا أبا عبد الله الحديث الذي روي في الظلمة وأعوانهم صحيح؟ قال الإمام أحمد: نعم قال السجان  "فأنا من أعوان الظلمة؟ قال الإمام أحمد فأعوان الظلمة من يأخذ شعرك ويغسل ثوبك ويصلح طعامك ويبيع ويشتري منك، فأما أنت فمن الظلمة أنفسهم".

وروي أيضا أنه جاء خياط إلى سفيان الثوري فقال إني "رجل أخيط ثياب السلطان وكان السلطان ظالما"، هل أنا من أعوان الظلمة؟ فقال سفيان "بل أنت من الظلمة أنفسهم، ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيوط".

 

رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=XKZ5dpMG5oI