ديون وبذخ رسمي وتقليص الدعم وإزالات وهدم المنازل.. كل الطرق تؤدي للانفجار

- ‎فيتقارير

على مسار من الأشواك والفشل في كافة المجالات  الاقتصادية والاجتماعية والهزائم السياسة الخارجية، يقود السيسي ونظامه العسكري مصر نحو مصير محتوم من الانقسامات والفشل الاقتصادي والاحتراب الاجتماعي، المؤدي بلا شك لانفجار شعبي وشيك، دلالات تلك الحالة الكارثية، عبرت عنها دراسة، للخبير في الشؤون المصرية "روبرت سبرنجبرج" والتي وصف فيها حكم السيسي بأنه يذكرنا نهجه بإستراتيجيات هتلر وستالين وموسوليني، مشيرا إلى حالة من الإسراف غير مسبوقة، وكأن مصر دولة نفطية كالسعودية، في حين يسير هذا النهج بالاقتصاد المصري إلى كارثة محتملة كتلك التي يعاني منها لبنان.

وقدمت دراسة الأستاذ المساعد في الدراسات الدولية بجامعة سيمون فريزر والباحث غير المقيم بالمعهد الإيطالي للشؤون الدولية، تقييما لنهج السيسي المالي وتداعياته على الدولة والمجتمع بمصر في ضوء أرقام المديونية العامة، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والعجز التجاري السنوي، ونسبة تسديد المديونية من إجمالي الميزانية، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية، وفقا لما أورده موقع مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (POMED).

 

دولة متسولة

ويؤكد "سبرنجبرج" أن تلك الأرقام تثبت أن مصر أصبحت في عهد السيسي دولة متسولة، يعتمد اقتصادها أكثر من أي وقت مضى على القروض الخارجية، نتيجة شهية إنفاق هائلة، تستهدف بالأساس إنجاز مشروعات ضخمة يمكن تصنيفها في إطار الكماليات بالنسبة لعموم المصريين، إذا لا علاقة لها بضروريات حياتهم الأساسية.

ولدفع ثمن هذا الإسراف، تبنت الحكومة المصرية إستراتيجية ثلاثية، تقوم على فرض مزيد من الأعباء المالية على عموم المصريين، والضغط على القطاع الخاص، والاستحواذ العسكري على بعض شركاته، والتوسع في الاقتراض الخارجي.

فإجمالي الدين القومي لمصر بلغ 370 مليار دولار، بعدما تضاعف 4 مرات منذ عام 2010،  ويستهلك سداده أكثر من ثلث ميزانية مصر.

وتمثلت زيادة الأعباء على المواطنين في التخفيضات المتوالية لدعم المستهلكين وفرض مزيد من الضرائب وزيادة رسوم الخدمات العامة، مع استمرار معاناة المصريين من ركود الأجور وارتفاع الأسعار والبطالة، وانخفاض مستوى المعيشة، حيث يعيش حوالي 30 مليون مواطن على دخل يقل عن 3.20 دولارا في اليوم الواحد.

ويشير "سبرنجبرج"، في هذا الصدد، إلى أن السبب في ذلك يعود إلى أن نموذج مصر للاقتصاد السياسي في عهد السيسي فريد من نوعه، إذ يتطلب مواردا لا تتناسب بشكل ملحوظ مع قدرة الاقتصاد على توفيرها.

فحكومة السيسي، تتصرف حسبما يرى "سبرنجبرج"، كما لو كانت تدير دولة ريعية تمولها صادرات النفط مثل السعودية أو دولة تجارية استبدادية تستفيد من ميزان تجاري مستدام ويغذيها توسيع الصادرات المصنعة، مثل الصين، رغم أنها ليست كذلك، فصادراتها من جميع السلع والخدمات غير كافية لتوليد فائض في الميزان التجاري.

كما أن نصيب الفرد في مصر من الناتج المحلي الإجمالي في نطاق 3000 إلى 4000 دولار سنويا، ما يصنفها في المرتبة 135 من أصل 213 دولة حول العالم.

ومنذ عام 2019، ظلت نفقات الحكومة المصرية على الأجور ثابتة تقريبا، ما يعكس نموا ضئيلا أو معدوما في التوظيف العام وفي رواتب موظفي الخدمة المدنية.

وأدت عمليات الخصخصة أو إغلاق المؤسسات المملوكة للدولة، مثل مصنع حديد حلوان التاريخي الذي كان يعمل فيه 7 آلاف عامل، إلى زيادة الضغط على العمالة الإجمالية، العامة والخاصة، ما رفع بطالة الشباب المصري بنسبة تتجاوز 25%.

وتسبب التضخم في إلحاق مزيد من الألم بالمصريين، إذ بلغ 8% في خريف 2021، وهو أعلى من متوسط ​​معدل التضخم في الاقتصادات الناشئة هذا العام، والبالغ 5%.

كما زاد نظام السيسي من خفض القوة الشرائية للمصريين من خلال إجراء تخفيضات شاملة على دعم استهلاك الوقود والمياه والطاقة والنقل وحتى الغذاء، الذي استهدفت تخفيضات دعمه أهم مواده على الإطلاق وهو الخبز.

ولطالما ظل الالتزام الرمزي والفعلي للحكومة المصرية تجاه الشعب، وخاصة الفقراء، متمثلا في دعم الخبز، الذي يستحقه حوالي ثلثي المصريين، بما يمثل أكثر من نصف إجمالي دعم المواد الغذائية، لكن في عهد السيسي، تم تقليص حجم الرغيف للمرة الأولى عام 2014 ثم مرة أخرى في أعقاب اتفاقية اقتراض من صندوق النقد الدولي عام 2016، الذي اشترط إصلاحات لتمرير القرض، من بينها تقليص الدعم.

وقلص نظام السيسي حجم الرغيف وعدد من يمكنهم الحصول على الخبز المدعوم مجددا خلال جائحة كورونا، (2020-2021)، إذ لم تنفق الحكومة مخصصاتها المدرجة في الميزانية للدعم.

وأوردت ميزانية مصر  للعام المالي الجاري 2021-2022 تخفيضات جديدة في الإنفاق على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية.

استنزاف إضافي لدخل الأسرة المصرية، تمثل في زيادة الرسوم الحكومية، وكانت تلك الخاصة بالتعليم العام الأكثر إثارة للجدل، إذ شهد العام الماضي رسوما أعلى للالتحاق بالمدارس العامة والحصول على الكتب المدرسية.

ومن المقرر أن ترتفع الإيرادات الضريبية في ظل حكم السيسي من 12.7% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020 إلى 13.9% عام 2022.

وهنا يشير "سبرنجبرج" إلى الطابع التنازلي للضرائب المصرية، حيث تحصل الحكومة على دخل ضريبي أكبر من المواطنين ذوي الدخل المنخفض مقارنة بالأثرياء مع زيادة حصة ضريبة القيمة المضافة من إجمالي الضرائب.

 

ارتفاع نسبة الفقراء

وإزاء ذلك ارتفعت نسبة الفقراء في مصر إلى 32.5%، واتسع نطاق قطاع الأعمال غير الرسمي، الذي وصفه "سبرنجبرج" بأنه إسفنجة عمالية حيوية، لامتصاص قدر من البطالة، لكنه يقدم القليل من الرواتب والمزايا.

ويشير خبير الشؤون المصرية إلى أن 63% من القوى العاملة في مصر تعمل بالقطاع غير الرسمي، الذي يمثل حوالي 40% من اقتصاد البلاد، وهو أعلى معدل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وعلى الرغم من انخفاض عجز الميزانية في مصر من 12% من إجمالي الناتج المحلي في 2016 إلى 7% حاليا ، إلا أنه لا يزال أعلى من المستوى الذي يعتبره المقرضون الدوليون في مصر مستداما.

وإلى جانب خفض الإنفاق الحكومي وارتفاع الأسعار، كثف نظام السيسي جهوده لجني الإيرادات من مصادر أخرى غير تقليدية، ففي صيف عام 2021، سن تشريعات تسمح لمقدمي الخدمات والمرافق، المملوكة للدولة، بما في ذلك الكهرباء والمياه والغاز والاتصالات والطرق ومترو الأنفاق والقطارات والصحة والتعليم والإسكان، بـتحويل إيراداتهم المستقبلية إلى نقد وتداولها.

ويرى مراقبون أن هذا التوريق المالي للأصول العامة، سيؤدي حتما إلى ارتفاع التكاليف التي يتحملها المصريون مقابل السلع والخدمات الحيوية.

ولذا تتوقع وكالة التصنيف الائتماني "موديز" عواقب سلبية لارتفاع الأعباء المالية على المصريين، وذكرت، بتقرير نشرته في صيف عام 2021، أن تعرض مصر للمخاطر الاجتماعية مرتفع، خاصة في ظل ضيق نطاق التغطية لشبكة الأمان الاجتماعي المتفق عليها كجزء من برنامج صندوق النقد الدولي لعام 2016.

وهنا يلفت "سبرنجبرج" إلى أن الكماليات، وليس الضروريات الأساسية، هي التي تمتص الجزء الأكبر من الإيرادات في مصر، متمثلة في مشروعات، يبدو معظمها ذو قيمة رمزية وليست اقتصادية.

ومن الأمثلة على ذلك إنفاق 58 مليار دولار على إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة في الصحراء خارج القاهرة، وعمليات شراء أسلحة جعلت مصر من بين أكبر 5 مشترين للأسلحة في العالم، وإنشاء مفاعل نووي بقيمة 25 مليار دولار لإنتاج الطاقة في بلد به فائض في الكهرباء، وتوسيع قناة السويس بقيمة 8 مليارات دولار دون تحقيق زيادة ملحوظة في رسوم العبور، التي ارتفعت فقط إلى 5.8 مليار دولار فقط عام 2020 من 5.6 مليارات دولار عام 2017.

ويعزو "سبرنجبرج" هذا الإسراف إلى سعى السيسي لـ"إبهار" المصريين وكسب رضوخهم له دون معارضة، وهو ما يتشابه مع إستراتيجيات هتلر وستالين وموسوليني، الذين سعوا لإضفاء الشرعية على حكمهم عبر مظاهر الحداثة في العمارة والنقل وحتى الفن والأدب.

فتزيين الدولة بمشاريع براقة، يهدف إلى رفعها وحاكمها فوق المواطنين واحتياجاتهم، خاصة في ظل غياب الكاريزما أو الشرعية الديمقراطية، حسب توصيف "سبرنجبرج".

وفي السياق، سلط خبير الشؤون المصرية الضوء على تحييد السيسي للمؤسسات السياسية، مثل البرلمان والمجالس المحلية، ووسائل الإعلام شبه المستقلة، واعتماده على زخرف المشاريع الضخمة والأسلحة الحديثة.

 

القطاع الخاص

ويعد القطاع الخاص ثاني أضلاع روافد المال بالنسبة لنظام السيسي، عبر إخضاعه للعمل في مشروعات الرئيس أو الاستحواذ على شركاته، وتلعب الشركات المملوكة للجيش دورا مهما في هذا الإطار.

وبحسب "سبرنجبرج"؛ فإن 80 شركة مملوكة للجيش المصري تنتج سلعا مدنية بشكل أساسي، بما في ذلك الأجهزة المنزلية والملابس والأغذية والمشروبات والتبغ والسيارات ومعدات تكنولوجيا المعلومات، وتقدم خدمات مثل سلاسل البيع بالتجزئة، ووسائل الإعلام والترفيه.

ورغم اتساع هذا النشاط، تسعى الشركات المملوكة للجيش المصري إلى تحقيق عائدات مالية من مصادر جديدة، أهما الاستحواذ على العديد من الشركات الخاصة التي تعمل مجالات مربحة مثل الاستزراع السمكي وتعدين الذهب والتنقيب عن الرمال السوداء.

 وغالبا ما يتم هذا الاستحواذ بذرائع واهية، بحسب "سبرنجبرج"، الذي سلط الضوء على محاولة الاستيلاء على شركة ألبان جهينة، الرائدة في السوق المصرية، حيث سجنت الأجهزة الأمنية في الحبس الانفرادي مؤسس الشركة المسن "صفوان ثابت" على خلفية صلات مزعومة بجماعة الإخوان المسلمون.

لكن عديد التقارير الصحفية، تشير إلى أن السبب الحقيقي هو أن ثابت، قاوم الضغط لتسليم أصول الشركة للجيش.

وتترك هذه الممارسات أثرا على قطاع الأعمال الخاص في مصر، تماما كذلك الأثر الذي تتركه السياسات المالية والاقتصادية، الأوسع نطاقا، على عامة المصريين.

وإزاء ذلك، تراجع ترتيب مصر في مؤشر الحرية الاقتصادية إلى 130 من أصل 178 دولة حول العالم.

 

مصير لبنان

وهنا ينوه "سبرنجبرج" إلى أن تحليل الباحث إسحاق ديوان للأداء الاقتصادي المصري في عهد السيسي، يؤكد على الأثر السلبي العميق لتوسيع الجيش نطاق السيطرة والملكية.

ويرى "ديوان" أن الاقتصاد العسكري أقل قدرة بشكل كبير على توليد النمو الاقتصادي المناسب، مقارنة بالاقتصاد الذي ساد في ظل نظام الرئيس حسني مبارك.

 ويعود السبب في ذلك، إلى أن نسبة احتكار ضباط الجيش للأسواق والموارد أكبر من نظيرتها التي مثلها المقربون المدنيون من مبارك ونظامه، بالإضافة إلى أن شركت هؤلاء الضباط أقل كفاءة حتى من نظيرتها المملوكة لـمحاسيب مبارك، الذي اندلعت ضده ثورة 25 يناير 2011.

ويشير تحليل "ديوان" إلى أن التدهور الاقتصادي في مصر تحت حكم السيسي بنيوي بطبيعته، وليس نتيجة تباطؤ مؤقت في التوظيف والإنتاج والطلب، وبالتالي من غير المحتمل أن ينعكس حتى لو أصبحت البلاد نموذجا حقيقيا لإصلاحات صندوق النقد الدولي.

وهنا يسلط التحليل الضوء على وجه تشابه بين الاقتصاد اللبناني، المنهار الآن، والاقتصاد المصري، الذي يعاني حاليا.

فالنموذج اللبناني الذي ظهر في أعقاب الحرب الأهلية 1975-1990، استند إلى ربط العملة المحلية بالدولار، واعتمد على أسعار الفائدة التي تتجاوز التضخم المرتفع حتى تجتذب الودائع المصرفية ومشتريات الدين الحكومي من قبل السكان المحليين والأجانب والمواطنين الذين يعيشون في الخارج ؛ وعلى الهندسة المالية من قبل البنك المركزي، والاقتراض بالعملات الأجنبية، لكنه فشل في نهاية المطاف، بمجرد أن توترت العلاقة مع السعودية، المصدر الرئيسي للأموال في لبنان.

ويرى "سبرنجبرج" أن منظومة الاقتصاد اللبناني تتشابه مع نظيرتها المصرية، وبالتالي فإن مصر ليست أكبر من أن تعاني فشلا كالذي يعانيه لبنان اليوم.

فمصر تحتاج إلى عجز مقبول في الميزانية، وتوازنات تجارية، وقدر مناسب من امتلاك العملات الأجنبية، ومعدلات تضخم مناسبة لمواصلة جذب تلك العملات.

ونظرا لأن خدمة الدين تستهلك بالفعل حوالي 36% من الميزانية السنوية وجزءا أعلى من إجمالي الإيرادات الحكومية، فإن الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة بمصر من شأنها أن تهدد قابليتها للاستمرار الاقتصادي، بغض النظر عن كونها عميلا نموذجيا لصندوق النقد الدولي.

وأصبحت البنوك المصرية، مثل نظيرتها اللبنانية، تعتمد بشكل كبير على الحكومة كعميل رئيسي لها، وانخفضت حصة القطاع الخاص المصري الائتمانية من 55% في عام 2001 إلى 34% في عام 2016 إلى 27% في عام 2020 ، بينما كان المتوسط ​​العالمي في العام الماضي 59%.

 

ديون السيسي

ويشير "سبرنجبرج"، في هذا الإطار، إلى أن اعتماد مصر السيسي على الاقتراض الخارجي، هو السبب الرئيس فيما وصل إليها اقتصادها، في نموذج شبيه بذلك الذي خطه الخديوي إسماعيل في ستينيات القرن التاسع عشر.

فمصر يجب أن تعتمد أكثر من أي وقت مضى على الائتمان الأجنبي للحفاظ على إسرافها، حتى أصبحت إلى جانب المغرب أكبر مقترض من الخارج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفي عام 2021، وصل الدين الخارجي لمصر إلى 137 مليار دولار ، أي ما يقرب من ضعف ما كان عليه عندما مدد صندوق النقد الدولي قرضه البالغ 12 مليار دولار لمدة 3 سنوات في عام 2016.

ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الدين العام المصري إلى 557 مليار دولار بحلول عام 2026 وبلغ نصيب الفرد من هذا الدين في عام 2020 نحو 3238 دولارا أمريكيا، مقارنة بـ2032 دولارا أمريكيا في عام 2010.

وتبلغ نسبة الدين الحكومي المصري إلى الناتج المحلي الإجمالي حاليا 91.6%، مقارنة بـ87.1% في عام 2013 عندما قاد السيسي استيلاء الجيش على السلطة عبر الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد الدكتورمحمد مرسي.

وهنا يلفت "سبرنجبرج" إلى أن الحكومة المصرية تقلل الرقم الحقيقي لنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، كما تفعل نظيرتها اللبنانية، عن طريق تحويل الدين العام إلى دفاتر الكيانات الأخرى المملوكة للدولة، مؤكدا أن 54% فقط من الدين الخارجي لمصر يُنسب رسميا إلى الحكومة، و 25% أخرى مستحقة على البنك المركزي، وباقي النسبة تتوزع على بنوك مملوكة للدولة ومؤسسات أخرى.

ويعتمد البنك المركزي المصري على قروضه من العملات الأجنبية لدعم سعر الصرف، وبالتالي لجذب تدفقات الائتمان الخارجية، وهو ما يحاكي ممارسة مصرف لبنان المركزي.

ويخلص "سبرنجبرج" إلى أن الاقتصاد المصري، يشهد انحدارا شبيها بذلك الذي انتهى بكارثة في لبنان، إذ أدى كل من الحفاظ على سعر صرف مبالغ فيه للسيطرة على التضخم، إلى جانب أسعار الفائدة العالية، التي تحول الجزء الأكبر من الائتمان المحلي إلى الحكومة، إلى تآكل القطاع الخاص في كلا البلدين.

ويشير خبير الشؤون المصرية إلى أن السيسي يعتمد بالأساس على خلاصة مفادها، أن مصر ليست لبنان من حيث الأهمية الجيوستراتيجية للولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين، وهي خلاصة حقيقية لكن فرص استدامتها غير مؤكدة.

ويوضح أن نظام السيسي، يركز على تقديم الجزرة والتهديد بالعصي لمؤيديه الأجانب أكثر من التركيز على تصحيح أوجه القصور في الاقتصاد، مشيرا إلى أن الجزرة تتمثل في شكل خدمات دبلوماسية، تسهم في حلحلة أزمات في فلسطين المحتلة أو ليبيا مثلا، بالإضافة إلى تنويع مشتريات الأسلحة، ما جعل الجيش المصري تحت قيادة السيسي أشبه بأمم متحدة.

أما أكبر عصا في يد السيسي، فتتمثل في تهديده المستمر بإغراق أوروبا بالمهاجرين غير الشرعيين، وفي الآونة الأخيرة رفع هذا الرهان بادعائه أن مصر تستضيف 6 ملايين لاجئ ، داعيا إلى دعم مالي إضافي من الاتحاد الأوروبي.

لكن هل ينجح رهان السيسي؟ يرى "سبرنجبرج" أن الدول الكبرى تنظر بشكل مختلف لمصر قطعا، لكن من المشكوك فيه ما إذا كان أصدقاء مصر، سيستمرون في رؤية هذا لأسباب غير اقتصادية في المستقبل.

ويحذر "سبرنجبرج" في هذا الإطار من أن تكرار عاقبة ما جرى في لبنان بمصر ستكون كارثية، ولذا فمن الأفضل أن يتخذ داعمو مصر خطوات تصحيحية قبل حدوث ذلك، بدلا من الاستمرار بالانغماس في دعم السيسي.