صحة المصريين “في النازل” بعد خصخصة المستشفيات وإلغاء علاج الغلابة

- ‎فيتقارير

تدهورت الأحوال الصحية للمصريين بشكل كبير، وأصبحت في الحضيض في ظل انهيار المنظومة الصحية التي كشفت عنها جائحة فيروس كورونا، بل أصبح العلاج للفئات الغنية فقط في ظل سياسة الانقلاب الرامية لخصخصة القطاع الصحي، وتقليص ميزانية الصحة وتجاهل المستشفيات الحكومية وسيطرة عيال زايد على المستشفيات والمؤسسات العلاجية الكبرى.

كان مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية، قد وافق على إنشاء شركة قابضة تحت مسمى "رعاية مصر" تابعة لهيئة الرعاية الصحية "التأمين الصحي الشامل".

وبحسب المعلومات، فإن هذه الشركة ستكون مسئولة عن إدارة المستشفيات، والكيانات الصحية، وإنشاء المستشفيات وصيانتها، والتحول الرقمي والحلول التكنولوجية في الصحة، وحاضنات الأفكار التكنولوجية الصحية.

ووفقا لذلك ستكون هذه الشركة مسئولة عن كل المستشفيات الحكومية البالغ عددها 691 مستشفى، بإجمالي عدد أسرّة وصلت إلى 95 ألفا و683 سريرا، بحسب بيانات جهاز التعبئة والإحصاء.

 

شركة قابضة

وزعم أحمد السبكي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية، أن إنشاء شركة قابضة تابعة لهيئة الرعاية الصحية، سوف يدعم نجاح وخطط الهيئة في تقديم نموذج متطور للرعاية الصحية وبجودة عالمية، والوصول إلى مؤشرات صحية تحقق السعادة والرخاء والرضاء للمواطنين.

وفي اعتراف صريح بإلغاء العلاج المجاني قال السبكي في تصريحات صحفية، إن "الشركة القابضة ستعمل على تعزيز وجذب الشراكات الأجنبية مع المستثمرين للاستثمار في القطاع الصحي ، بما يتماشى مع توجهات هيئة الرعاية الصحية فضلا عن التوجه الاقتصادي لدولة العسكر لتعظيم الاستفادة من الموارد الاقتصادية للهيئات الحكومية وتأهيل مناخ الاستثمار في القطاع الصحي، بما يحقق قيمة مضافة للناتج المحلي الإجمالي وجذب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية للقطاع الصحي وفق تعبيره".

كما زعم أن هيئة الرعاية الصحية لديها القدرة على الاستثمار الطبي، خاصة مع الخبرات المكتسبة في مجال بناء الأنظمة الصحية الحديثة وأنظمة تكامل الدوائر الصحية والتغطية الصحية الشاملة من خلال دورها الحالي كذراع لدولة العسكر في ضبط وتنظيم وتقديم الخدمات والرعاية الصحية لمنتفعي التأمين الصحي الشامل.

 

مستشفيات الغلابة

في المقابل كشف الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، أن هذه الشركة الجديدة ستخضع لها كل المستشفيات التابعة لوزارة صحة الانقلاب بالقطاع العلاجي ومستشفيات التأمين الصحي، بمعنى أن كل المستشفيات العامة سوف تنتقل تبعيتها من الصحة لهذه الشركة الجديدة.

وقال خليل في تصريحات صحفية إن "الهيئة العامة للتأمين الصحي منذ إنشائها حتى عام 2018، كانت هيئة خدمية بمعنى أنها تقدم خدماتها الصحية بـ"التكلفة" ولا تستهدف الربح، وعلى هذا الأساس كانت تُمول من الموازنة العامة للدولة؛ مشيرا إلى أنه بعد البدء في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل، تم تغيير مسمى الهيئة العامة للتأمين الصحي وجعلها هيئة اقتصادية، بمعنى أنها ستقدم خدماتها بمقابل مادي يستهدف الربح".

وأكد أن ذلك يعني زيادة تكلفة الرعاية الصحية والطبية إلى مستويات لا يستطيع المواطن تحمل الأعباء المالية لها، لافتا إلى أن قرار إنشاء شركة لإدارة المستشفيات المصرية حاليا ليس أول قرار، إذ حاولت حكومة أحمد نظيف في عام 2007إنشاء شركة مماثلة، لكن لم يتم تنفيذ الأمر بعدما أقامت بعض مؤسسات المجتمع المدني دعوى قضائية ضد القرار والذي انتهى إلى رفض تحويل المستشفيات المصرية لإدارة شركة قابضة.

 

خط الفقر

وحذر خليل من أن هذه الشركة القابضة، سوف تستهدف تحقيق الحد الأقصى من الأرباح المالية، ولن يكون هناك مسمى علاج على نفقة الدولة أو خلافه، متسائلا عن اللوائح الأساسية التي ستحكم عمل هذه الشركة.

وأشار إلى أن مجلس إدارة هذه الشركة الجديدة سيكون له نسبة من الأرباح تبعا لمنظومة تأسيس الشركات، وبالتالي سوف يستهدف في المقام الأول تحقيق الأرباح دون النظر إلى العبء المالي أو الظروف المعيشية للمواطنين.

وأوضح خليل أنه طبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن هناك 29% من المصريين يقعون تحت خط الفقر الذي حدده بمبلغ 8827 جنيها سنويا، وذلك يعني وجود نحو 30 مليون مواطن على الأقل فقراء، وبالتالي ستكون هناك أزمة فيمن يتحمل عبء علاج هؤلاء المواطنين.

وتوقع أن تقوم الشركة الجديدة بإنشاء شركات أخرى تابعة لها سواء شركات للخدمات المالية أو أداء الأعمال الإدارية أو شركات أخرى تتولى مسئولية الطعام والأمن وخلافه، واصفا ذلك الاتجاه بأنه بالغ السوء وضد مصالح أغلب المصريين.

 

جرائم الفساد

جرائم نظام الانقلاب لم تتوقف عند خصخصة المستشفيات وإلغاء العلاج المجاني والتضحية بالغلابة، بل تجاوزت ذلك من خلال نهب وسرقة الأموال المخصصة للعلاج والرشاوى والفساد على أوسع نطاق، وكأن السيسي يعمل على قتل أكبر عدد من المصريين، وفي هذا الإطار كشفت المصادر عن جريمة الرشوة والفساد التي تورطت فيها هالة زايد وزيرة صحة الانقلاب المقالة وعدد من مساعديها وأقاربها.

وقد اضطر نائب عام الانقلاب مع كشف الفضائح والضغوط الشعبية إلى إصدار قرار بإحالة 4 متهمين للمحاكمة الجنائية في قضية رشوة، واستعمال نفوذ للحصول على مزايا من مسئولين بوزارة صحة الانقلاب.

وكشفت التحقيقات أن القضية تتمثل في تدخل طليق وزيرة صحة الانقلاب السابقة هالة زايد في محاولة للحصول على امتيازات لصالح إحدى المستشفيات الخاصة من خلال موظفين بمكتبها دون تدخل منها، بل إن نجلها تورط في القضية أيضا .

وأشارت التحقيقات إلى أن المتهم الأول طلب لنفسه مبلغ 5 ملايين جنيه، وأخذ منه 600 ألف جنيه على سبيل الرشوة من مالكي مستشفى خاص، بوساطة متهمين آخرين مقابل استعمال نفوذه للحصول من مسئولين بوزارة صحة الانقلاب على قرارات ومزايا متعلقة بعدم تنفيذ قرار غلق المستشفى لإدارتها بغير ترخيص، وإعداد تقرير مزور يُثبت على خلاف الحقيقة عدم وجود أي مخالفات بها، وأُسند للمتهم الرابع ارتكابه ذلك التزوير.

وكان أكثر من 13 شاهدا من بينهم مالكى المستشفى، قد أبلغوا هيئة الرقابة الإدارية بواقعة الرشوة فور طلبها وتم مسايرة المرتشي حتى وقوعه في الرشوة ، فضلا عن إقرارات المتهمين الاثنين اللذين توسطا في الرشوة، وفحص هواتف المتهمين المحمولة المضبوطة وما ثبت بها من مراسلات أكدت ارتكاب الواقعة.

وقالت مصادر بصحة الانقلاب إن "أمر الإحالة في القضية المقيدة برقم 2284 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا شمل كلا من: محمد الأشهب أخصائي أول بشركة مصر للتأمين على الحياة، والثاني مالك السيد عطية إبراهيم الفيومي، والثالث حسام الدين فودة بالمعاش ويشغل منصب مدير عام التراخيص بالعلاج الحر، والرابع محمد أحمد محمد بحيري.

وأكد أن الاتهامات ثبتت من خلال تقارير المعاينة الخاصة بالمستشفى الصحيحة منها والمزورة، والاطلاع على مستندات بنكية تُثبت واقعة تقديم مبلغ الرشوة، علاوة على ما تأيّد في ذلك من مشاهدة واستماع فيديوهات حول لقاءات ومحادثات المتهمين مع مالكي المستشفى .