رغم البعد المكاني لأوكرانيا وروسيا عن مصر، إلا أن الحرب الروسية على أوكرانيا ، فضحت النظام العسكرى الانقلابى فى مصر بصورة كبيرة وكشفت عورات نظام السيسي العسكري.
إعادة الدارسين بأوكرانيا
وكانت المشاهد الفاضحة للموقف نظام السفيه السيسى مثار جدل العالم أجمع، إذ ظهرت قيمة المواطن المصري، حيث باتت صرخات الطلاب المصريين الذين يدرسون الطب بأوكرانيا، وهم يهيمون بالشوارع وفي الملاجئ وعلى الطرق الحدودية، مطالبين بإنقاذهم من مصير مجهول ، حيث لا رد على استغاثاتهم من السفارات المصرية في كل من بولندا ورومانيا ودول الجوار الأوكراني.
كما تجلت الدبلوماسية الخائرة، في موقف وزارة الهجرة المصرية ووزارة الخارجية ، برفضهم تحمل أي نفقات لنقل الطلاب أو تقديم أي دعم لهم أو إغاثة ، وتتالت بيانات السفارات المصرية مطالبة الطلاب المصريين بالتوجه لأقرب مطار وحجز تذاكر على حسابهم، والعودة إلى مصر في أسرع وقت، وكأن الطلاب المصريين مفعمون بالأموال الفائضة عن حاجياتهم.
وتناست إدارة السيسي أنها نقلت قبل شهر من الآن أكثر من 3 آلاف طالب وشاب من شباب العالم إلى منتجعات شرم الشيخ لحضور منتدى شباب العالم، الذي يقيمه السيسي، ووفرت لهم إقامات فاخرة وطيران مجاني وبوكت موني، دون أن تطالب بتحملهم أية أعباء، وكذلك تناست أنها تكفلت بنفقات الآلاف من السياح الأوكرانين العالقين بمصر بسبب الحرب وذلك على نفقة حكومة الانقلاب بملايين الدولارات من دم الشعب المصري، بما يعكس السفه في إدارة موارد الدولة.
توهان سياسي
وفي الوقت الذي رفضت دول العالم العدوان الروسي على أوكرانيا، ما زالت مصر تسعى للإمساك بالعصا من المنتصف، وظهر موقفها الباهت عبر تغطيات إعلامية متناقضة وتطبيل للجان الإلكترونية التابعة لمخابرات السيسي تشيد ببوتين وروسيا، بل ذهب بعضهم للقول إن "بوتين رئيس قوي وإن سبب قوة روسيا، هو أن رئيسها باق لأكثر من 20 عاما، أما الدول التي يستمر الرؤساء فيها لنحو 4 أعوام أو 8 تظل دولا ضعيفة، في إسقاط على تأبيد لحكم السيسي" .
وفي خطوة لدفع مصر نحو إعلان موقف محدد من الحرب دعا سفراء مجموعة الدول السبع الصناعية وسفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة، في بيان مشترك، الحكومة المصرية للوقوف بجوار أوكرانيا وإدانة العدوان الروسي المسلح عليها، وذلك بعد ساعات من مطالبة السفير الأوكراني في القاهرة مصر بإجبار نظيره الروسي على سحب رسالته التي طالب خلالها المصريين بدعم موقف موسكو، والاعتذار عنها، معتبرا أن الرسالة تحوي تحريضا على الكراهية والفتنة.
المطالبة الصريحة من سفراء «جي 7» والاتحاد الأوروبي جاءت بعد تعمد مصر عدم إبداء موقف محدد من الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا على مدار الأيام الستة الماضية، والتزامها بالوقوف في المنتصف، والتعبير عن قلقها من تطورات الوضع فقط. خصوصا بعد انتهاء اجتماع جامعة الدول العربية، أمس، الذي دعت له القاهرة لبحث تطورات الأوضاع الجارية في أوكرانيا، دون اتخاذ موقف واضح من الغزو الروسي.
ولا تريد مصر إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، بسبب العلاقات التي تربطها مع موسكو، خصوصا وأنها لا تهتم بملف حقوق الإنسان في سياق التعاون الثنائي، ولكنها في الوقت نفسه تريد موازنة علاقتها مع أمريكا، التي كانت قد طلبت مباشرة من مصر تقديم دعم لأوكرانيا حتى لو بشكل سياسي فقط ، غير أنها لم تستجب حتى الآن.
ووفق خبراء، فإن مصر تعاني من وضع بالغ التعقيد والحساسية، خصوصا وأنها لا تستطيع أن تدير ظهرها إلى الولايات المتحدة، في هذه اللحظة المفصلية التي تحتاج فيها دعم واشنطن في ملف سد النهضة الشائك مع استمرار التعنت الإثيوبي وعدم الوصول إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد.
يشار إلى أن ممثلي الدول الأوروبية يُذكرون مصر في مطالبهم ، بأنهم دعموا إثارة ملف سد النهضة أمام مجلس الأمن، فيما لم تفعل روسيا أو الصين الأمر نفسه.
كما أن القاهرة، لا يمكن أن تتخلى عن العلاقة الطيبة التي تربطها بكييف، التي تعتمد عليها مصر في الحصول على نسبة كبيرة من وارداتها من القمح بأسعار معقولة.
تهليس إعلامي
ويأتي المجال الإعلامي، كمثال على هزيمة مصر أمام الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث بدت الكتائب الإلكترونية للسيسي مضطربة بين الحياد وبين الانحياز لروسيا، فيما ذهبت صحيفة الوفد لنشر مادة إخبارية ، تبشر الشباب المصريين بالانتظار وعدم التسرع في الزواج انتظار الأوكرانيات اللاتي سيأتين بسبب الحرب، وهو ما عده المراقبون سقوطا ذريعا للإعلام المصري، الذي تمتلكه المخابرات والأجهزة الأمنية، وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بمحاولة الأجهزة الأمنية التلاعب بالداخل المصري.
القمح
كما كشفت الأزمة حجم الاعتماد المصري على الخارج في إلغاء صفقات القمح ، وهو ما يمثل هوة إستراتيجية لأي نظام ، حيث بدأت تتجه الحكومة نحو زيادة أسعار الخبز خلال الأيام المقبلة، وسط أزمة تناقص المخزون الإستراتيجي للقمح، وسط تضارب في الأرقام المعلنة من قبل الحكومة.
ومؤخرا قال وزير التموين بحكومة الانقلاب علي المصيلحي إن "الدولة تدرس الرفع التدريجي لسعر الخبز المدعم، في وقت يبلغ احتياطي البلاد من القمح الإستراتيجي 4 أشهر فقط ، مضيفا أن تعاقدات شراء القمح مع روسيا وأوكرانيا ما زالت قائمة، وأن البلدين المتحاربين يحاولان الوفاء بالتعاقدات المبرمة مع مصر، التي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم.
ووفق "المصيلحي" فإن حكومة الانقلاب تستهدف شراء ما بين 5 ملايين و5.5 مليون طن من القمح المحلي الذي يبدأ موسم حصاده في أبريل المقبل.
وسيكفي المخزون الإستراتيجي بعد مشتريات المحصول المحلي حتى نوفمبر المقبل.
وزعم المصيلحي، في مقابلة على قناة "صدى البلد"، أن احتياطي مصر من الزيت يكفي 5.3 أشهر، وأن مصر حققت اكتفاء ذاتيا من السكر بلغ 87%.
وتعتبر روسيا وأوكرانيا من أكبر مصدري القمح إلى مصر، إذ بلغت نسبة الواردات الروسية نحو 50% في حين بلغت الأوكرانية 30% من إجمالي واردات مصر من القمح في 2021.
وألقت الحرب الروسية على أوكرانيا بظلالها على مصر التي تعتمد على البلدين في توفير أكثر من 80% من احتياجاتها من القمح المستخدم في إنتاج الخبز، الذي يعتمد عليه المصريون كمكون رئيس للغذاء.
وعلى إثر الحرب الأوكرانية فتحت الحكومة المصرية باب استيراد القمح ، إلا أن الموردين لم يتقدموا للمناقصتين الحكومتيين اللتين تم إلغاؤهما، وهو ما يفاقم الأزمة في الفترة المقبلة بمصر.
وهكذا فضحت الحرب الروسية الأوكرانية عورات النظام المصري، بصورة فاضحة، سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي والإعلامي والشعبي، وهو ما يؤكد أن نظام العسكر الحاكم مجرد نظام هش، لا يمتك رؤية للواقع المصري ولا معالجة لمشكلاته الآنية والمستقبلية.