بسبب غياب الرقابة وجشع العسكر.. الأدوية مجهولة المصدر تقتل المصريين

- ‎فيتقارير

مع غياب الرقابة وإهمال حكومة الانقلاب وانهيار المنظومة الصحية ، انتشرت الأدوية مجهولة المصدر والوصفات الشعبية التي تتسبب في قتل الكثير من المصريين ، بل إن بعض العطارين وبعض النصابين ينتحلون صفة طبيب ويرتدون البالطو الأبيض دون وجه حق ، ويوقعون الكشف على المرضى ويشخصون الأمراض ويكتبون العلاج، وهذه كارثة وفق تعبير الأطباء ، لأنها تتسبب في الإضرار بالمرضى ووفاة عدد كبير منهم .

الأطباء من جانبهم طالبوا بسن تشريع لمعاقبة النصابين والقضاء على هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد الشعب المصري خاصة في ظل ظهور فضائيات تروج لهؤلاء النصابين ، وتمارس الدعاية ليل نهار للأدوية مجهولة المصدر والوصفات الشعبية بجانب بعض المكملات الغذائية الخطيرة على صحة المصريين .

 

تحذيرات طبية

من جانبها حذرت نقابة الصيادلة من خطورة الأدوية التي تُروج عبر السوشيال ميديا من شركات مجهولة المصدر، موضحة أن ٩٧٪ من الأدوية مجهولة المصدر.

وقال الدكتور محفوظ رمزي رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة إن "الأدوية التي تُروج للتخسيس، معظمها يكون عن شيء، لكن بداخلها يكون أمرا مختلفا تماما".

وأضاف رمزي في تصريحات صحفية ، يكون مكتوب عليها من الخارج دواء عشبيا، لكن من الداخل مادة ممنوعة من التناول من جهات متخصصة .

وكشف أن من أبرز هذه المواد «السيروتونين» توضع في منتجات التخسيس وهي بالفعل تساهم في التخسيس، لكنها قاتلة على المدى البعيد، وتتسبب في مشكلات كثيرة منها السكتة الدماغية.

 

غياب الرقابة

وقال الدكتور أيمن البدراوي، الأستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة إن "انتشار الأدوية المجهولة والوصفات الغربية والعلاج الشعبي يرجع إلى غياب الرقابة ، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة موجودة منذ سنوات ، إلا أنها انتشرت بكثرة في السنوات الأخيرة.

وأضاف «البدراوي» في تصريحات صحفية ، أن غياب الرقابة جعل من العطار طبيبا يكتب وصفات وعلاجا للمرضى وجعلت خريجي التربية الرياضية أيضا أطباء وهذه كارثة، مطالبا بسن تشريع يعاقب كل من ينتحل صفة طبيب، وبالتالي لن يجرؤ أي شخص على مثل تلك الأفعال.

وأشار إلى أن كتابة الأدوية يجب أن تكون محسوبة بعناية حتى نحن المتخصصين نفكر ألف مرة قبل كتابة أدوية السمنة والنحافة، ونسأل المريض أكثر من مرة إذا كان يعاني أيا من الأمراض المزمنة من ضغط أو سكر أو قلب ، لأن دواء واحدا مخالفا لتلك الحالات قد ينهي حياة المريض، وهو ما نواجهه يوميا من حالات تعرض علينا، حيث يأتي إلينا عشرات المرضى من رواد الصالات الرياضية، والسبب الرئيسي وراء تدهور حالتهم هو تناول حبوب تسرع ضربات القلب ومجرد تناول حبتين من هذه الأنواع قد ينهي حياة هؤلاء المرضى .

وكشف «البدراوي» أن اللقاءات مدفوعة الأجر من أسباب الأزمة، مؤكدا أن بعض الأطباء يتقاضون أموالا مقابل التوصية بمنتج معين وحذر من أن الخلطات والوصفات الشعبية تؤدي في النهاية إلى الموت ، وقد تسبب فشلا كلويا وفشلا كبديا ثم الوفاة، ورغم ذلك لا نزال نرى قنوات تروج للدواء الرهيب والفعال ويبيعون الوهم للمواطنين .

ودعا إلى ضرورة التحرك السريع لوقف هذه الكوارث، محذرا من أن المكملات الغذائية باب خلفي لدخول النصابين إلى عالم الطب والصيدلة .

 

مخاطر كبيرة

وقالت الدكتورة ليندا جاد الحق، استشاري التغذية العلاجية والسمنة، إن "الوصفات والخلطات الشعبية سواء القائمين عليها عطارون أو صيادلة لها مخاطر كبيرة على الصحة العامة للإنسان، وقد تؤدي للوفاة خاصة لمرضى الضغط والسكر، لأنها تسبب التهابات حادة في الغدة الدرقية .

وأضافت ليندا جاد الحق في تصريحات صحفية أن اللجوء للأعشاب في الماضي كان نتيجة لعدم وجود مستشفيات أو أطباء أو غيرها من الخدمات الصحية التي أصبحت متوافرة الآن موضحة أنه بشكل عام في التخسيس لا يوجد سوى نوعين من الأدوية تساعد على إنقاص الوزن الأول هو «أورلي ستات» وظيفته تقليل ٣٠ ٪ من الدهون التي تدخل للجسم من خلال الامتصاص، والنوع الثاني اللكتوزا وهو أحد أدوية مرض السكري ويساعد على سد الشهية، ومن هنا تم تصنيع نوع جديد من الدواء من نفس المادة الفعالة ، إلا أنه محظور لمرضى الغدة الدرقية والمناعة والسرطان.

وشددت على أن التوعية هي الأساس بالإضافة إلى الرقابة ومصادرة أية أدوية غير مطابقة للمواصفات ، والتي تنتشر على صفحات التواصل الاجتماعي، وكذلك من خلال قنوات التليفزيون التي أصبحت اليوم مصدرا للترويج لمنتجات غير آمنة ، بل شديدة الخطورة على صحة الإنسان من خلال قنوات يتم شراء أوقات البث بنظام «تايم شير» للترويج لهذه المنتجات دون أدنى مسئولية أو رقابة، لذا نطالب بأن تشمل الرقابة كل تلك البرامج المعيبة التي تبيع الوهم للمصريين.

وتساءلت ليندا جاد الحق، بأي قانون يشتري صاحب شركة البث من أجل ترويج السموم للملايين من البسطاء الذين لا تتوافر لديهم الثقافة الكافية للتفرقة بين المنتجات الضارة والمفيدة، والأسوأ من ذلك هو إشراك فنانين ومشاهير لترويج هذه المنتجات، مؤكدة أن قنوات التليفزيون أصبحت أكبر بوابة لبيع الوهم لبسطاء المواطنين، لذلك يجب العمل على الوقف الفوري لمثل هذه البرامج، وأن تكون هناك رقابة عليها .

 

بيزنس المكملات

وتابعت، نحن الأطباء أيضا علينا مسئولية كبيرة، فيجب ألا ننجر وراء تلك الإغراءات ورفض أية إعلانات من هذا النوع من أجل الأمانة المهنية ، موضحة أن المفتاح الحقيقي للقضاء على تلك الوصفات والخلطات والأدوية الضارة هو المكملات الغذائية التي تعتبر كلمة السر في كل تلك المخاطر.

وأوضحت ليندا جاد الحق ، للتفرقة بين الدواء والمكمل الغذائي يجب أن نعلم أن الدواء يرتبط بمنظومة صحية، وتكون له نشرة مفصلة بكل الاستخدامات والمكونات والأعراض الجانبية، أما المكمل الغذائي فهو منتج لا يرتبط بنشرة ، وبالتالي لا يلتزم منتجوه بطباعة نشرة تشرح مكونات وتفاصيل والأعراض الجانبية له، وإنما مجرد تصريح من وزارة صحة الانقلاب دون أية ضوابط تحكمه، وغالبا ما يستخدم منتنجوه كلمة أعشاب ومكونات طبيعية، وطالما لا يشترط المكمل الغذائي وجود نشرة فستستمر هذه الحال، وهنا تكمن الكارثة الكبرى فمعظم الحوادث والمشكلات التي يعاني منها المرضى بسبب المكملات الغذائية.

وقالت إن "السبب الحقيقي وراء انتشار وتفشي وباء المكملات الغذائية الضارة ، هو أن بزنس المكملات الغذائية من أكبر وأخطر أنواع البزنس على مستوى العالم، ولا نبالغ لو قلنا إن أرباحه تتجاوز تجارة السلاح، لذلك نجدد التأكيد على أن الوعي مهم لأن الحرب كبيرة والبزنس أكبر، لذا يجب أن تكون هناك حملات مستمرة للتوعية بمخاطر هذه الوصفات الشعبية والأدوية الخارجة عن الرقابة".