مجددا ترجم البنك الدولي تخوفاته من أن يؤدي انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى ثورة شبيهة بثورة 2011، حيث كررت كارمن راينهارت، كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي، توقعاتها من أن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا ، قد يفاقم مخاوف الأمن الغذائي القائمة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد يؤدي إلى تنامي الاضطرابات الاجتماعية، بحسب رويترز.
وقالت الأستاذ بجامعة هارفارد "راينهارت" قبل أيام: "ستكون هناك تداعيات مهمة على الشرق الأوسط وأفريقيا وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على وجه التحديد، والتي تعاني بالفعل من انعدام الأمن الغذائي".
و من المعلوم أن مصر تستورد 80% من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا وروسيا، واللتين توقفتا قبل أسبوعين من توريد القمح وعدة سلع إستراتيجية غذائية ، فضلا عن توقف روسيا عن استيراد الحمضيات المصرية في ضربة مزدوجة.
"راينهارت" كانت قد قالت إن "تعافي الاقتصاد العالمي من أزمة جائحة كورونا ، قد يستغرق 5 أعوام والركود الناتج عن الجائحة سيدوم لفترة أطول في بلدان عن غيرها وسيسفر عن خلل في المساواة ، نظرا لأن الدول الأشد فقرا ستتضرر أكثر من الغنية وستزيد معدلات الفقر العالمية".
أما تحذيراتها الأخيرة والتي سبق أن أعلنها تقرير للبنك الدولي ، سبقها تقرير بنك الاستثمار J.P Morgan جي بي مورجان قائلا بشكل مباشر إن "الحكومة المصرية في طريقها لتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار"
وهو ما اعتبره مراقبون أن الشعب قادم على مواجهة موجة ارتفاع أسعار جديده قبل رمضان.
وأوردت وكالة رويترز مؤخرا، أن مستثمرين أجانب يسارعون إلى الخروج من الأسواق الناشئة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، قد باعوا سندات خزانة مصرية بنحو 1.19 مليار دولار في 3 أيام فقط، مع استمرار النشاط في السوق الثانوية.
وبسبب الحرب في أوكرانيا تواجه مصر تكاليف أعلى بسبب احتياجها الشديد لاستيراد القمح، إضافة إلى فقدها عائدات من السياحة من الزائرين الروس والأوكرانيين لمنتجعات البحر الأحمر.
بيانات كارثية
وبحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، زاد معدل التضخم 2% عن شهر يناير، وزاد 8.8% عن 2021.
الاقتصادي د.أحمد شكري رشاد قال إن "رقم التضخم العام عند ال١٠٪ كسر الحد الأقصى المستهدف من البنك المركزي، وأنه لكي تهدأ نار الأسعار نظريا ، قدامك اختياران" 1- السياسة المالية (زي دعم مؤقت أو تخفيض للضرائب أو الجمارك) و2- السياسة النقدية (رفع الفوايد) متوقعا أن الاختيار سيكون الثاني خلال الشهر القادم.
وفي ضوء نصائحه لوقف أي خطر يهدد المصريين ، أثنى الصحفي الاقتصادي مصطفى عبد السلام على قرار حظر تصدير 6 سلع غذائية لثلاثة أشهر واعتبرها خطوة مهمة للحد من الغلاء الفاحش، والسلع هي: الفول الحصى والمدشوش والعدس والمكرونة والقمح والدقيق بجميع أنواعه.
وقال "مطلوب خطوات أخرى سريعة، زيادة دعم السلع الغذائية، ضخ مزيد من السلع في الأسواق، الرقابة الشديدة على التجار، مقاومة الاحتكارات بشدة، والأهم الاهتمام بقطاع الزراعة وإنتاج الحبوب خاصة القمح والذرة".
وعلى مستويات أخرى لم تتوقف حملات الغلاء الفاحش التي تهدد المصريين بوقف حال أكبر مما هو حادث، حيث رفعت شركة حديد عز أسعار الحديد لتطال 18 ألف جنيه في خلال أسابيع قليلة، عند تسليمها المستهلك، ويوم الخميس 10 مارس رفعت شركة حديد الجارحي سعر طن الحديد للمرة الثالثة خلال شهر، ليكون سعر طن الحديد تسليم أرض المصنع بالشركة حاليا 15350 جنيها مرتفعا عن 14122 جنيها.
حلول وكمائن
حكومة الانقلاب طرحت حلولا اعتبرها المراقبون كمائن للمواطنين لتثبيت جيوب المصريين وسلب أموالهم ، ومنها قرار إتاحة البنوك للمواطنين فتح حسابات مجانا وبدون حد أدنى.
فمن جانبه حذر الاقتصادي محمود وهبة المقيم بنيويورك ، من أن السبب وراء مثل هذه الحلول نقص السيولة الذي سيؤدي إلى توقعات بقرارات تخفض قيمة الجنيه، في وقت يعتبر فيه الاقتصاديون أن التوقيت غير مناسب ، وقال "حذرت من إمكانية مواجهة هذه النهاية البائسة منذ2016 واتهمت بالجهل ، مضيفا أنه كان من الأجدى دراسة التحليلات والأرقام التي أرسلتها للدولة".
وأوضح أن "مجموعة تكنوقراط مصر وعلى مدار 3 سنوات اتصلت بمعظم المسؤولين بمصر تحذر من هذه النتيجة".
وأضاف أن "لا شماتة ولكن تعجب كيف تدار مصر ولمصلحة من؟ وللأسف سيدفع الشعب نتيجة سوء إدارة الحكومة للاقتصاد والديون والفساد والغطرسة المستشرية".
ويرتبط برؤية وهبة تخوفات من سحب المستثمرين مراكزهم في مصر منذ بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، مما يعكس بحسب مراقبين مخاوف من عجز كبير في الحساب الجاري والميزانية في مصر، فضلا عن الانكشاف على مخاطر احتمال قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) رفع أسعار الفائدة، ويضيفون أن المستثمرين يخشون تقلص قيمة حيازاتهم إذا اضطرت مصر لخفض قيمة عملتها.
وذكرت بيانات للبورصة أن غير المصريين باعوا خلال الثلاثاء، 7 مارس، سندات خزانة بقيمة 5.79 مليارات جنيه مصري 369.73 مليون دولار ، بعد أن باعوا سندات بقيمة 7.79 مليارات جنيه يوم الاثنين و5.1 مليارات جنيه يوم الأحد،
ولا تعلن البورصة أرقام مبيعات أذون الخزانة، التي تبلغ آجال استحقاقها سنة أو أقل، ويقول مصرفيون إن "الأجانب يبيعون تلك الآجال الأقصر أيضا".
وواجهت أيضا السندات السيادية المصرية بالعملة الصعبة ضغوطا مع تداول العديد من الإصدارات الأطول أجلا عند أو بالقرب من أدنى مستوياتها القياسية بين 63 و66 سنتا للدولار.
وزادت العلاوة التي يطالب بها المستثمرون للاحتفاظ بالسندات الدولارية في مصر، على سندات الخزانة الأميركية الآمنة، إلى مستوى قياسي بلغ 980 نقطة أساس، في حين تضاعفت تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد ديون الحكومة المصرية، باستخدام ما يعرف باسم مبادلة مخاطر الائتمان السيادية، إلى أعلى مستوياتها في الأيام الأخيرة.
وقالت مؤسسة "آي أتش إس ماركت" إن "تكلفة مبادلة مخاطر الائتمان السيادية على الديون السيادية المصرية لأجل خمس سنوات بلغت 1078 اليوم الثلاثاء مقارنة مع 538 عندما بدأ الغزو الروسي، وقال مسؤولون حكوميون إن "مصر لديها من احتياطي القمح والحصاد المحلي المقبل ما يغطي احتياجات ما لا يقل عن ثمانية أشهر ، وإنهم يعملون على امتصاص الصدمات الاقتصادية".