رغم سلسلة الارتفاعات غير المسبوقة بأسعار الدواء والنقل والغذاء والكهرباء والوقود والطاقة والمياه والتعليم، يصر نظام العسكر الذي لا يستشعر ما يعاني منه الشعب المصري، نظرا لكم الإعفاءات والمزايا غير المسبوقة لفئة العسكريين ومن دار في دائرتهم من القضاة وضباط الشرطة، تبدأ حكومة الانقلاب تنفيذ القرار رقم 722 لسنة 2022، بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم إدارة المخلفات الصادر بالقانون رقم 202 لسنة 2020.
ويقضي القرار الذي بدأ سريان تنفيذه بفرض رسوم نظافة تصل إلى 40 جنيها للشقق السكنية.
ويربط القرار قيمة رسوم النظافة بشرائح استهلاك الكهرباء، أي كلما ارتفع استهلاك المواطنين من الكهرباء زادت رسوم النظافة، ويأتي الربط بين استهلاك الكهرباء وقيمة فاتورة النظافة بشكل غير دستوري ولا قانوني ولا منطقي، وهو يمثل أيضا عقابا للمواطنين على استهلاك الكهرباء ، يضيق الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطن، وهو ما يعيد سيناريو عدم الدستورية مجددا لرسوم النظافة عبر فواتير الكهرباء.
وينص القرار على فرض رسوم شهرية للنظافة تصل إلى 100 جنيه للوحدات التجارية المستقلة، وألف جنيه للمراكز التجارية والفنادق، 5 آلاف للمنشآت الحكومية والهيئات العامة وشركات القطاع العام والمستشفيات والمنشآت التعليمية الخاصة.
وتصل الرسوم إلى 20 ألفا للمنشآت الصناعية والأراضي الفضاء المستغلة للأنشطة التجارية، في حين لا تفرض رسوم على دور العبادة، وتعفى المشروعات متناهية الصغر من نصفها.
والأدهى من ذلك، أن حكومة الانقلاب أعلنت أنها تستهدف زيادة حصيلة رسوم جمع القمامة من 500 مليون جنيه سنويا، إلى 4.5 مليار جنيه، وسيتم تحصيل نحو 2.3 مليارات جنيه من الوحدات السكنية، و1.2 مليار جنيه من الوحدات التجارية، ومليار جنيه من القطاع الطبي والصناعي.
وسيضاف إلى الـ 4.5 مليار جنيه التي سيتم تحصيلها، نحو مليار جنيه مقتطعة من نسب الضرائب العقارية، لتطوير منظومة المخلفات.
استياء الشارع المصري
ويثير القرار الجديد، استياء الشارع المصري، كونه يضيف المزيد من الأعباء على المواطن الذي يعاني موجة من الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار، فضلا عن انتشار القمامة فعليا في الشوارع.
وكان وزير الكهرباء بحكومة الانقلاب محمد شاكر، قدر رسوم النظافة التي جرى تحصيلها على مدى عام من منتصف 2018 إلى منتصف 2019، بإجمالي 566 مليون جنيه.
غير دستوري
ووفق الحكم البات للمحكمة القضاء الإداري ، الصادر في أغسطس 2017، والقاضي بعدم دستورية قرار المحافظين بفرض رسوم النظافة التي يتم تحصيلها مع فاتورة الكهرباء، ورغم أن الحكم الصادر والبات ولا يجوز الطعن عليه، إلا أن الحكومة الانقلابية أصرت على الالتزام بقرار رئيس الوزراء الذي ينص على أن تقوم الشركات القابضة للكهرباء بتحصيل رسوم النظافة إلى أن يتم اتخاذ إجراءات تنفيذية بخصوص الحكم القضائي.
ووفق منطوق الحكم، فإن حكم المحكمة ، يتفق مع صحيح الدستور في أن الضرائب والرسوم لا تصدر إلا بقانون ولا يجوز إصدارها بقرارات إدارية من أي مسئول في الدولة.
وفي نوفمبر 2020، كشف محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة بحكومة الانقلاب ، عن أن شهر يونيو 2021، سيشهد إصدار آخر فاتورة كهرباء للمواطنين مسجلا بها رسوم نظافة.
وفي 13 يناير 2021، أعلن شاكر تأجيل تنفيذ القرار بسبب كورونا، وأكد أنه حاول على مدار 4 سنوات، الحصول على قرار لإلغاء تحصيل رسوم النظافة على فاتورة الكهرباء، لأنها لا تدخل في عمل الوزارة، معلنا موافقة مجلس الوزراء على ذلك، وسيكون إصدار آخر فاتورة بها رسوم نظافة خلال يونيو 2021، إلا أن تنفيذ القرار تأجل بسبب كورونا.
وقال شاكر إن "رسوم النظافة التي جرى تحصيلها في الفترة من 1 يوليو 2018 حتى 30 يونيو 2019، بلغ 566 مليون جنيه، وجرى توريد 562 مليون جنيه للمحافظات، وتوريد 97% من هذه الأموال لشركات النظافة، و3% مصروفات إدارية".
تقدير جزافي
فيما كان عدد من المواطنين أكدوا أن الرسوم كانت تأتي بشكل تقديري جزافي وبأرقام غير حقيقية، كما أنه لا يتم تحصيل القمامة نهائيا وكان خبراء أكدوا أنه يحق لمن سددوا رسوم النظافة مع فاتورة الكهرباء، استرداد المبالغ التي دفعوها، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري، بحكم واجب النفاذ بعدم دستورية الإجراء الخاص بفرض الرسم وتحصيله.
وأوضح وقتها قانونيون، أن المحكمة في حيثيات حكمها، ذكرت أن النظافة العامة نظمها قانون صدر باسمها، وهو القانون رقم 28 لسنة 1967، الذي أجاز للمجالس المحلية فرض رسم إجباري يؤديه شاغلو العقارات بما لا يجاوز 2% من القيمة الإيجارية، تخصص حصيلته لأغراض النظافة، ولذلك فلا يجوز للمجلس الشعبي المحلي بالمحافظة، إعادة فرض رسم آخر لذات الغرض أو فرض رسم إضافي يتجاوز الحدود التي يمنحها القانون، وبالتالي يكون قرار المحافظة بفرض رسم نظافة، مخالفا للقانون ولانطوائه على ازدواج الرسم عن الوعاء الواحد.
وكان مجلس الوزراء بسلطة عصابة العسكر قد أصدر في وقت سابق، تفويضا للمحافظين كل في محافظته، للتعاقد مع شركات أجنبية تتولى جمع المخلفات من مناطق المحافظة، على أن يتم تحصيل رسم جمع المخلفات بمعرفة شركة الكهرباء على إيصال الاستهلاك الشهري.
وكانت المخلفات في ذلك الوقت تُرفع من المنازل نظير مبلغ لا يتجاوز 3 جنيهات شهريا، وارتفع فجأة بمعرفة هذه الشركات إلى مبلغ يصل حده الأدنى إلى 10 جنيهات، وفي حالات أخرى وصل إلى 100 جنيه، خاصة بالنسبة للمحال التجارية التي تُجبر على دفع المبالغ، وإلا يتم منعها من تجديد تراخيصها.
ورغم قرار مجلس وزراء الانقلاب وقف تحصيل رسوم نظافة على فاتورة الكهرباء وفق الحكم الدستوري، إلا أن السيسي وحكومته نكصوا على أعقابهم مرة ثانية وعادوا لفرض الرسوم بعد تشريعات على مزاج السلطة، وضد مصالح المواطنين مجددا بل وزيادتها، على الرغم من أن مهمة تحصيل المخلفات تتم عبر تعاقد مباشر بين المواطنين وشركات خاصة، ليس للحكومة أي شأن بها، وهو الأمر المطبق في القرى والمدن، ويكاد ينحصر دور شركات النظافة المتعاقدة مع الحكومة على نظافة بعض شوارع المدن الرئيسية والميادين العامة فقط، بينما يتحمل المواطن تكاليف نقل القمامة من شقته أو محله التجاري مع شركات خاصة ، خارج إطار الحكومة تماما.
ويأتي قرار السفيه السفاح السيسي الجديد في إطار الجباية التي يجيدها نظام العسكر ، لإجبار المواطنين على تمويل العجز المالي المتعاظم على إثر حرمان خزانة مصر من نحو 60% من الأنشطة الاقتصادية التي تجري بمصر والتي يلتهمها الجيش في جيبه بلا رسوم أو ضرائب أو جمارك.