لماذا يستثني السيسي دهب وشرم الشيخ وخليج العقبة من حظر تملك الأجانب للأرض؟

- ‎فيتقارير

في قرار غريب ويبرهن على إصرار الدكتاتور عبدالفتاح السيسي على إضعاف الأمن القومي المصري لحساب الكيان الصهيوني، استثنى زعيم الانقلاب الجمعة 25 مارس 2022م مناطق دهب وشرم الشيخ وخليج العقبة من حظر تملك الأجانب للأرض، حيث كانت أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء تحظر «التملك» أو «حق الانتفاع» أو «الإيجار» في الأراضي والعقارات الواقعة بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية والمناطق المتاخمة للحدود بالمنطقة، وكذلك المحميات الطبيعية وجزر البحر الأحمر.

وتضمن قرار السيسي الذي نشرته الجريدة الرسمية الجمعة، برقم 128 لسنة 2022 التأكيد على أن يكون تملك الأراضي والعقارات المبنية في المناطق الثلاث للمصريين وللأشخاص الاعتبارية المصرية مع منحهم الحق في التصرف بالأراضي والعقارات للغير (المصريين والأجانب) بنظام حق الانتفاع لمدة زمنية لا تجاوز 75 عامًا بعد الحصول على موافقة وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة بزيادة 25 عامًا عن أقصى مدة مسموح بها لحق الانتفاع في قانون تنمية شبه جزيرة سيناء الصادر عام 2012م.

وفي اليوم التالي السبت 26 مارس 2022م، أجرى رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي تعديلا على اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال. وأضاف فصلًا جديدًا بها لتنظيم إجراءات الاستحواذ على الأوراق المالية المقيدة بالبورصة للشركات في مدينتي شرم الشيخ ودهب وقطاع خليج العقبة السياحي بمحافظة جنوب سيناء. تضمنت التعديلات اشتراط موافقة وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة إلى جانب هيئة الرقابة المالية عند رغبة المصريين في الاستحواذ على 10% والأجانب في 5% من أسهم الشركات التي تمارس نشاطًا استثماريًا أو تمتلك أراضي في المناطق الثلاث. ونصت التعديلات على أحقية المنتفع  في تملك المنشآت التي يقيمها على الأرض المنتفع بها طوال مدة الانتفاع، ويجوز التصرف بالبيع فـي المنـشآت المبنية دون الأراضي المقامة عليها، وذلك كله وفقًا لعقود نموذجية مؤمنة.

وبينما ألزم قانون تنمية شبه جزيرة سيناء أن يتخذ أي مشروع استثماري يشارك فيه غير المصريين شكل شركة مساهمة مصرية لا تقل نسبة مشاركة المصريين فيها عن (55%)، ألزم القرار الجمهوري الجديد بالأمر نفسه غير أنه لم يحدد حد أدنى لنسبة مشاركة المصريين في أسهم الشركة، وإنما اكتفى بالتأكيد على ألا يحدث أي تغيير في أسماء المؤسسين أو نسب الشركاء أو حصصهم أو تعديل بعض مواد العقود أو النظام الأساسي أو شكل الـشركة أو طـرح الأوراق المالية والاكتتاب العام والخاص إلا بعد الحصول على موافقات وزارتي الدفاع  الداخلية إلى جانب المخابرات العامة، وإلى جانبهم كل من الهيئة العامة للاستثمار والهيئة العامة للرقابة المالية.

وأصدر السيسي في فبراير من عام 2021 قرارًا جمهوريًا باستثناء مدينتي شرم الشيخ ودهب فقط من أحكام قانون تنمية شبه جزيرة سيناء غير أنه لم يتضمن وقتها إخضاع الشركات التي تملك أراضي أو عقارات بهما لقانون رأس المال ولائحته التنفيذية عند تداول أسهمها في البورصة. وهو القرار الذي استهدف به تحويل سيناء إلى منطقة عسكرية بصفة دائمة، من خلال فرض رقابة القوات المسلحة على كافة الأنشطة الاقتصادية المستقبلية فيها.

وجاء قرار السيسي بعد أيام قليلة من زيارة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينت إلى مدينة شرم الشيخ المصرية، في زيارة لم يُعلن عنها مسبقاً، وعقد مباحثات مع السيسي في حضور ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، في إطار بحث العلاقات بين الدول الثلاث، وسبل تقويتها على جميع المستويات. وهو اللقاء الذي استهدف التوصل إلى تفاهمات أمنية، وأخرى اقتصادية بشأن سيناء، تتمثل في إقامة مدينة صناعية بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، تتولى الإمارات الجانب الأكبر من تمويلها، فضلاً عن مشروعات اقتصادية أخرى مرتقبة بين مصر وإسرائيل في شبه جزيرة سيناء.

ووفق ما يُعرف بـ"صفقة القرن" (خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية)، فسوف تحصل مصر على 9.167 مليارات دولار من قيمة المبالغ المالية في إطار إنفاذ الصفقة، محتلة المركز الثاني بعد الأراضي الفلسطينية التي ستحصل على 27.8 مليار دولار، وقبل الأردن الذي سيحصل على 7.365 مليارات دولار، ولبنان الذي سيحصل على 6.325 مليارات دولار.

ومن المستهدف تخصيص 500 مليون دولار لتطوير منشآت ومرافق الطاقة في سيناء، وجعل مدنها قابلة للحياة، وجاذبة للاستثمار، في حال المضي قدماً في الصفقة. وكذلك تخصيص 500 مليون دولار لتطوير منشآت ومرافق المياه في سيناء لجذب مزيد من الاستثمار، والأيدي العاملة المستدامة.

وتنازل النظام المصري عن جزيرتي "تيران وصنافير"، الواقعتين في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، لصالح المملكة العربية السعودية رسمياً عام 2017، بالتزامن مع إطلاق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مشروع مدينة "نيوم" العملاقة، بقيمة تبلغ 500 مليار دولار على مساحة 26 ألفاً و500 كيلومتر مربع، بحيث تمتد من شمال غرب المملكة إلى الأردن ومصر. ويعد مشروع "نيوم" المدخل الرئيس لدولة الاحتلال على البحر الأحمر، وهو مرتبط بطبيعة الحال بـ"صفقة القرن"، كونه على بعد كيلومترات قليلة من ميناء "إيلات" الإسرائيلي (منطقة أم الرشراش المصرية المحتلة)، ما يجعل من مشاركة تل أبيب في المشروع أمراً حتمياً، لا سيما مع الجسر المخطط إنشاؤه للربط بين السعودية ومصر عبر جزيرة تيران.