تقلص إنتاجها من 30 إلى 3 مسلسلات.. دراما المخابرات تتراجع عن السيطرة على رمضان بعد خسائرها وعزوف المصريين

- ‎فيتقارير

مع بدء عرض مسلسلات رمضان في مصر وظهور الخريطة الحقيقية لعددها ومن أنتجها، تكشفت مفاجأة تمثلت في تراجع سيطرة الدولة عبر شركة مخابرات الدراما (المتحدة للخدمات الإعلامية- سينرجي) على مسلسلات رمضان 2022 خاصة بعد الإطاحة بتامر مرسي رئيسها السابق بسبب الخسائر الباهظة.

هذا العام وعلى عكس الأعوام الخمسة السابقة التي سيطرت فيها شركة "سينرجي" التابعة للمتحدة والتي تنتج مسلسلات رمضان منذ 2017، تراجع إنتاج سينرجي إلى 3 مسلسلات فقط، بعدما أنتجت في رمضان 2021 عدد 30 مسلسلا.

هذا العام عُرض 14 مسلسلا فقط منها 3 لسينرجي واثنين لشركة "ميديا هب" المملوكة لسعدي جوهر، اللاعب الجديد الذي تم ضمه للشركة المتحدة.

أما المسلسلات الـ 9 الأخرى فهي إنتاج شركات مختلفة، كانت تشكو من سيطرة شركة المخابرات على الإنتاج الدرامي، وهي "العدل جروب" التي أنتجت 3 مسلسلات مثل سينرجي، وشركات: الباتروس وفنون مصر وأروما والمنتجين كريم أبو ذكري وطارق الجنايني التي أنتج كل منها مسلسلا واحدا.

وكانت هذه الشركات وفنانين اشتكوا من احتكار الجيش والمخابرات للإنتاج الدرامي، وتوقفهم عن العمل منهم المنتج محمد العدل، الذي اشتكى من صعوبة الإنتاج والعمل في مصر، والمخرج خالد يوسف والممثلة غادة عبد الرازق.

ولم يقتصر الأمر على توقف احتكار المخابرات لإنتاج المسلسلات، بل وتوقف احتكارها لعرضها على القنوات المملوكة لها.

فهناك 16 مسلسلا تعرض في رمضان على قنوات أخرى غير قنوات الشركة المتحدة ما بين قنوات MBC ومنصتها الكبرى "شاهد" وقناة "النهار" المصرية التي مازالت تحتفظ بكيانها بعيدا عن الشركة المتحدة، وقناة "ART حكايات"، ومجموعة OSN وقنوات خليجية وعربية أخرى.

 

خسائر باهظة

السبب الرئيسي لتراجع شركة المخابرات هو الخسائر الباهظة التي حظيت بها المسلسلات التي انتجتها لتلميع السيسي والجيش والشرطة، وعدم الإقبال عليها أو شرائها من قبل دول عربية كما كان يحدث في كل مواسم رمضان.

في السنوات الخمس التي سيطرت فيها شركة إعلام المصريين على السوق، من عام 2017 وحتى عام 2021، أنتجت خلالها معظم الأعمال وأذاعتها على قنواتها المملوكة لها، وعلى الرغم من خضوع كل عوامل النجاح لها، حتى إن الشركة أنتجت تطبيقا خاصا يعرض أعمالها بشكل حصري، فإنها لم تحقق النجاح المطلوب.

رغم احتكار شركة المخابرات على إنتاج دراما رمضان فقد حققت خسائر فادحة أزعجت القائمين على سلطات الانقلاب؛، ففي عام 2017 خسرت 469 مليون جنيه، وعام 2018 خسرت 101 مليون وعام 2019 خسرت 20 مليونا، وعام 2020 خسرت 45 مليونا.

وكان العام الماضي فقط هو العام الذي ربحت فيه 256 مليونا لكن في إجمالي السنوات الخمس حققت الشركة خسائر قدرها 380 مليون جنيه مصري، وفق ما أعلنته في مؤتمر تغيير قيادتها مايو 2021.

 

أكاذيب "الاختيار"

عكس الأعوام السابقة، تأخرت شركة المخابرات (المتحدة) عن طرح برومو الجزء الثالث من مسلسل "الاختيار" المعد لتشويه الإسلاميين وتجميد الجيش والشرطة، حتى بدأ شهر رمضان وكانت المفاجأت التي أظهرت الانقلابي السيسي في المسلسل بمظهر مثير للضحك موضع سخرية مواقع التواصل كافية للرد على أكاذيب الاختيار.

فقد صنعوا "الاختيار 3" وظنوا أنهم يشوهون به ذكرى الرئيس مرسي فخلد الجميع ذكراه ، أرادوا تشويه سيرته فجاءت كل التعليقات في كافة المواقع بالترحم عليه والدعاء له.

ما إن نشرت الصحف صورة شبيه السيسي حتى جاء كل التعليقات تترحم عليه في رمضان، وقال المصريون إنه "يكفي الرئيس الشهيد محمد مرسي أنه لم يسجن أو يقتل أحدا أو باع أرض مصر أو بنى قصورا".

بالمقابل تحول دور السيسي في المسلسل لمادة للسخرية والضحك الشديد، وقال مصريون إن "السيسي عمل المسلسل ليلمع نفسه فظهر ككوميدي مثير للسخرية". 

وأثار اختيار الممثل ياسر جلال في دور السيسي سخرية بالغة على مواقع التواصل لأنه أطول ممثل في مصر بينما السيسي معروف بقصر القامة.

قالوا إن "المسلسل الذي أشرف عليه السيسي قضى على ما تبقى له من شعبية بيده والمسلسل أظهر السيسي كأنه يمثل دور إسماعيل ياسين في الإسطول".

مشهد سفرة السيسي العامرة أثار السخرية لأنه زعم أن ثلاجته ظلت فارغة إلا من الماء.

أكدوا أن أي مقارنة الآن بين السيسي والرئيس مرسي هي في صالح الأخير وإصرار المخابرات على إنتاج مسلسل لتبرير الانقلاب يعكس إحساسهم بأزمة شرعية وأن المصريين لا يصدقون أكاذيبهم ومحاولتهم تشويه صورة الرئيس مرسي.

ويبدو أن التركيز على الدراما الكوميدية خلال موسم دراما رمضان 2022 وحضورها بثلاثة أعمال استهدف تقليل جرعة المسلسلات الوطنية التي تقوم على تعظيم دور الجيش والشرطة فقط.

نقاد يرون أن الشركة ستواجه في رمضان القادم 2022 تحديا كبيرا بسبب ظهور أكاذيب مسلسلاتها السابقة التي حاولت السلطة زرعها في عقول المصريين وغسيل مخهم، مثل عدم إيذاء أهالي المعارضين والمعتقلين، بعدما شاهدوا التنكيل بأسر عشرات المعارضين وأخرهم عبد الله الشريف وحسين علي مهدي.

وكان الممثل كريم عبد العزيز الذي مثل دور ضابط أمن دولة في "الاختيار 2" ظهر وهو يقول لأسر معتقلين "إحنا مالنا ومال أهلك إحنا بنحاسب اللي بيغلط بس ، إنما أهلك في عنينا ونحميهم كمان" وهو ما أظهرت وقائع عدة كذبه وسخر منه النشطاء.

https://twitter.com/salah9609000/status/1475001110695923715

 

التركيز على الجاسوسية

ويشكل الجزء الثالث من مسلسل "الاختيار" عماد دراما المخابرات في رمضان حيث يتناول فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، وانقلاب عبد الفتاح السيسي.

وتقول الناقدة ماجدة خير الله أن الجمهور لا ينجذب للدراما الوطنية بصورة كبيرة إلا في أوقات معينة حينما تكون هناك أحداث في البلاد هامة سياسيا تجذب المشاهد للدراما الوطنية، وهو ما يعني تعرض "الاختيار 3" لتجاهل شعبي بسبب حالة الغضب لارتفاع الأسعار وتخفيض سعر الجنيه وتدهور أحوال ملايين المصريين.

ويقول نقاد إن "تركيز الدراما المصرية المخابراتية علي قصص أمنية واستخبارية شخصية بغرض تلميح السلطة والأجهزة الأمنية ، أفقد مصر تدريجيا قوتها الناعمة القديمة في مجال السينما والدراما لصالح الدراما التركية والعربية الأخرى".

ويشيرون لأنه بعدما كانت الدراما تركز على تقوية الشعور الوطني بالدولة المصرية أصبحت تتركز حول تعظيم دور السيسي والشرطة والجيش فقط ، وتحولت لدراما النظام لا الدولة المصرية، ما أدى لصرف الأنظار عنها.