إلى أين تتجه الأوضاع في القدس والمسجد الأقصى؟

- ‎فيعربي ودولي

هل أعطى السفاح السيسي ومحمد بن زايد في لقائهم الأخير مع رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني الضوء الأخضر لاقتحام الاقصى؟ سؤال لا يحتاج إلى إجابة أو توضيح في ظل ما يجري في المسجد الأقصى ويكشف تنسيقا مسبقا بين كيان العدو وعدة دول عربية في مقدمتها الأردن ومصر، وبدعم إضافي من الإمارات والسعودية والسلطة الفلسطينية، ودولة عربية أخرى، كانت مواقفها جيدة أجبرتها أمريكا على دعم موقف كيان العدو الصهيوني.

وبعد مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الصهيوني، عاد الهدوء إلى باحات المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة، وكانت مواجهات في المسجد الأقصى، اندلعت بعد صلاة فجر الجمعة، إثر اقتحام شرطة الاحتلال لساحاته، وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، بأن 158 فلسطينيا أصيبوا في الاقتحام، فيما ذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن الشرطة الصهيونية اعتقلت 400 فلسطيني من ساحات المسجد.

 

قرابين صهيونية..!

كان ثمة ما يؤكد صحة ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز في العام 2018 ثم بثته مفصلا قناة "مكملين" المعارضة من تسريبات صوتية، يوجه فيها ضابط مخابرات حربية عددا من الإعلاميين والفنانين المصريين، لتبني موقف محدد من موقع مدينة القدس في أي تسوية محتملة، وهو الموقف الذي يتفق في النتيجة مع القرار الصهيوني بجعل القدس عاصمة أبدية لإسرائيل.

التسريبات أكدت أن سياسات السفاح السيسي منذ انقلابه على الرئيس الشهيد محمد مرسي ، تؤكد توجهاته المتطابقة مع اليمين الصهيوني فيما يتعلق بتصفية القضية الفلسطينية.

ومنذ أيام، يسود التوتر في مدينة القدس وساحات المسجد الأقصى، في ظل دعوات مستوطنين صهاينة وجماعات الهيكل اليهودية لاقتحامات للأقصى، تزامنا مع عيد الفصح اليهودي.

وكانت جماعات استيطانية صهيونية أعلنت، عبر منصات اجتماعية، اعتزامها ذبح قرابين عيد الفصح في ساحات المسجد الأقصى، وحثت أتباعها على محاولة القيام بذلك.

وأثارت تلك الدعوات ردود فعل فلسطينية غاضبة وواسعة، رسميا وفصائليا وشعبيا، مطالبين السلطات الصهيونية بالكف عن تلك الاستفزازات.

وتشهد الأراضي الفلسطينية منذ بداية شهر رمضان توترا أمنيا ملحوظا بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي هذا الإطار، أكد الخبير في الشئون الصهيونية الكاتب الفلسطيني نضال وتد الكاتب والمتخصص في الشؤون الصهيونية أن التصعيد الصهيوني مستمر وإن هدأت الأمور في المسجد الأقصى، لا سيما في ساحات الضفة الغربية المحتلة.

واعتبر أن جزءا مما حدث يوم الجمعة في المسجد الأقصى مرسوما في السياسة الصهيونية بهدف تصعيد الأوضاع لعدة ساعات أو يومين أو 3 أيام ثم التوقف، وذلك بهدف تمرير مخطط إدخال المزيد من الصهاينة خلال ما يسمى عيد الفصح اليهودي في الأسبوع القادم.

وأشار وتد إلى أنه في العقدين الأخيرين فاقم الاحتلال من تأجيج البعد الديني في الصراع الصهيوني الفلسطيني خصوصا في باحات المسجد الأقصى.

 

آلاف الجرائم

ولفت نضال وتد إلى أنه قبل عقدين من الزمن، كانت مجموعات تسمى "أمناء جبل الهيكل" لا تلقى أي شرعية، وذلك بسبب الأوضاع السياسية الإقليمية وقوة السلطة الفلسطينية آنذاك، حيث كان كيان العدو الصهيوني يتحسب كثيرا من أي مفاقمة للأوضاع في المسجد الأقصى.

وأردف وتد أن عدد المصلين في المسجد الأقصى الذي بلغ يوم الجمعة 50 ألفا بالإضافة إلى المعتكفين أثناء الفجر، يثبت للقيادة الفلسطينية أنه يمكنها أن تعتمد على هبة شعبية في القدس.

وبين أن التصعيد الصهيوني في الأقصى وطلب هدنة بضعة أيام وتهدئة الأمور ريثما يتمكن المغتصبون من الدخول إلى المسجد في ساعات محددة في أيام الفصح اليهودي يكرس التقسيم الزماني للمسجد.

وطوال سنوات الانقلاب الماضية من حكم السفاح السيسي؛ استمرت قواته في إدارة عمليات تهجير واسعة في سيناء متركزة في منطقة رفح المصرية، وممتدة إلى مناطق أخرى في العريش والشيخ زويد، مع تصاعد التسريبات التي تتحدث عن إحياء مقترح إقامة دولة الفلسطينيين وتوطين لاجئيهم في غزة وأجزاء من سيناء.

ورغم أن السفاح السيسي كان أول من استخدم مصطلح "صفقة القرن" أثناء زيارته للبيت الأبيض في أبريل 2017؛ كشفت التسريبات عن قبول عصبة الانقلاب بمصر بمدينة رام الله بديلا عن القدس، إلى جانب الحملة الصهيونية المتعددة المستويات، والتي سعت لتغطية انقلاب السفاح السيسي ودعمه وتثبيت أركانه لدى كل المحافل الدولية.

وقد جرى ذلك على نحو مكشوف لم يستطع فيه الصهاينة إخفاء إنجازهم بوصول السفاح السيسي إلى حكم مصر، إلى الدرجة التي يقول فيها عاموس جلعاد وهو حينها رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الحرب الصهيونية إن "السيسي معجزة إسرائيل".

وأكدت مصادر مصرية وصهيونية متطابقة أن نجل السفاح السيسي، زار تل أبيب على خلفية الأحداث المتفجرة في القدس المحتلة والضفة الغربية واقتحام المسجد الأقصى.

من جهته قال الكاتب الصحفي خالد الشريف، إن "نظام السيسي ارتكز في حكمه منذ بداية انقلابه على نهج واضح وهو محاولة كسب رضا الكيان الصهيوني مهما كان الثمن؛ من أجل ترسيخ حكمه واكتساب شرعية دولية".

وأضاف أن "السيسي سوق نفسه كوسيط بين الفلسطينيين والصهاينة في ظل تصاعد الاستفزازات الصهيونية والاقتحامات المتكررة للأقصى واندلاع براكين الغضب في القدس لخدمة الكيان الصهيوني في المقام الأول".

ورأى الشريف أن الهدف الأكبر لمهمة نجل السفاح السيسي ، هو تسويق ابنه في جهاز المخابرات وتلميعه وصقل خبراته من خلال لقاء المسؤولين الإسرائيليين، وهي عادة كل المستبدين في تسويق أولادهم للحكم من أجل أن ينال الرضا الصهيوني فيذهب في مهمات شبه رسمية وغير رسمية لتقبيل الأعتاب الصهيونية وتقديم الولاء.

واعتبر السياسي المصري أنه "ما دامت التهدئة في صالح الصهاينة فسوف يبذل نجل السيسي ومن خلفه قصارى جهدهم من أجل الصهاينة وراحتهم، أما انتهاك الأقصى وسحق الفلسطينين وتصاعد معاناتهم فهذا لا يعنيهم في شيء".

وإذا كان وجود السفاح السيسي مصلحة إسرائيلية صِرفة، فإن بقاءه صار مسألة ضرورية بالنسبة لحلفاء "كيان العدو الصهيوني" الجدد في الرياض وأبو ظبي، وذلك ربما على خلاف ما كان عليه الحال في بعض المحطات بعد الانقلاب.

وإذا كانت هذه سياقات السفاح السيسي وهو المتهم بسفك الدماء واقتراف آلاف الجرائم، وتبديد ثروات مصر ومقدراتها، وترابها القومي ونيلها وغازها في المتوسط؛ وبلا تفسير واضح، فبقاء السفاح السيسي على عرش مصر مسألة بالغة الخطورة، لكنها مسألة وجودية في الأساس بالنسبة للسفاح السيسي، وبالغة الأهمية لحلفائه في كيان العدو الصهيوني وأبو ظبي والرياض، وتظل قضية القدس موجودة في قلب ذلك كله.