هل يجد الأوليجارشية الروس الخاضعون للعقوبات ملاذا آمنا في مصر؟

- ‎فيعربي ودولي

دعا سياسيون حكومة السيسي إلى فتح أبوابها أمام المستثمرين الروس بعد تجميد أرصدتهم في الغرب، وتأتي هذه الدعوة وسط صعوبات اقتصادية دعت البلاد إلى خفض قيمة عملتها الشهر الماضي.

حتى الآن، تجنبت حكومة الانقلاب إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، ففي 7 إبريل امتنعت القاهرة عن التصويت على قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يقضي بتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، بسبب الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة والمنظمة لحقوق الإنسان في أوكرانيا.

ومع ذلك، طالب حزب نداء مصر بالمزيد ، داعيا مجلس وزراء الانقلاب إلى الترحيب بالمليارديرات الروس حتى تتمكن مصر من الاستفادة من نفيهم من الأسواق الأوروبية والأمريكية.

وقال رئيس الحزب، طارق زيدان، في بيان صدر في 20 مارس "على الحكومة التواصل مع المستثمرين الروس والحكومة الروسية وتقديم تنازلات لهم للاستثمار في مصر، وخاصة في الصناعة والطاقة والسياحة".

وأضاف لـ"المونيتور" "نحن لا نقف مع أي طرف في الأزمة الأوكرانية، فنحن في أزمة اقتصادية، والأمر المهم الآن هو اجتذاب هذه الاستثمارات".

وقال زيدان إن "على مصر وضع مجموعة من الإجراءات لجذب الاستثمارات الروسية، والخطوة الأولى هي ضمان الأمن والاستقرار السياسي، كما دعا الحكومة إلى تسويق المناطق الصناعية المصرية من أجل هروب المستثمرين الروس".

وأضاف "لقد أعددنا دراسة للصناعات التي قد نستفيد من الاستثمارات الروسية فيها، وسوف نبعث بها إلى الحكومة قريبا".

وترى الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس، أن حكومة السيسي ستختار تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع روسيا على الرغم من العقوبات، واستبعدت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى عدة مؤسسات مالية روسية من نظام  سويفت  الذي تستخدمه آلاف البنوك في أنحاء العالم كجزء من العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو.

وقالت الحماقي لـ"المونيتور" "لدينا تاريخ طويل من العلاقات الاقتصادية مع روسيا ، على سبيل المثال، في التسعينات، عقدنا صفقات تجارة مضادة تبادلنا فيها البضائع دون استخدام العملة الصعبة، وبوسعنا أن نفعل هذا مرة أخرى إذا ظهرت عقبات بسبب خروج روسيا من نظام سويفت".

ولم تأتِ الدعوات إلى أن تقوم حكومة السيسي بالمزيد من الاستثمارات مع روسيا من حزب نداء مصر فحسب، وهو اتجاه متزايد في الصحافة المحلية أيضا،  ففي 7 أبريل، طالب علي عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، في تصريحات لصحيفة الأهرام المملوكة للدولة، بإعادة عقد صفقات تجارة مع روسيا لتذليل العقبات التي تواجه المصدرين المصريين في السوق الروسية.

وأشار الحماقي إلى الاتفاق على إنشاء منطقة صناعية روسية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ، يمنح قانون المناطق الاقتصادية في مصر العديد من الامتيازات للمستثمرين الأجانب، ومن الممكن فتح الباب أمام المليارديرات الروس الذين يستثمرون أموالهم في جميع أنحاء العالم للمجيء والاستثمار هنا.

وذكر السفير الروسي لدى مصر جورج بوريشينكو في أكتوبر الماضي أن المستثمرين كانوا يناقشون تفاصيل المنطقة الصناعية الروسية، قائلا إنهم "يريدون جذب المزيد من الشركات الروسية إلى مصر، والعديد منها يريد العمل في مصر وإنتاج السلع لتلبية احتياجات الأسواق المصرية والأفريقية".

وبلغت الاستثمارات الروسية في مصر ثمانية مليارات دولار في نهاية عام 2020 ويتركز معظمها في قطاع الطاقة، إلا أن نيكولاي أصلانوف رئيس مكتب التمثيل التجاري الروسي في القاهرة قال لوكالة أنباء الشرق الأوسط في مايو الماضي إن "الحكومة الروسية تدرس إمكانية المساهمة في مجالات أخرى مثل صناعة السيارات وتكنولوجيا المعلومات والبنى التحتية وبناء السفن والصناعات المعدنية والكيماوية، متوقعا تدفقا كبيرا للاستثمارات الروسية في البلاد مع افتتاح المنطقة الصناعية الروسية، وتوقع أصلانوف تدفقا كبيرا للاستثمارات الروسية في البلاد مع افتتاح المنطقة الصناعية الروسية".

وتعتمد مصر بشكل كبير على روسيا لتلبية احتياجاتها من القمح، وتستفيد المدن الساحلية المصرية من السياحة الروسية على البحر الأحمر، كما تستثمر روسيا في مشاريع ضخمة في البلاد، مثل محطة الطاقة النووية في الشمال فضلا عن المنطقة الصناعية في قناة السويس، ولحماية هذه الاستثمارات، تجنبت مصر إدانة العدوان الروسي على أوكرانيا، كما شاركت مع دول عربية أخرى في الوساطة لإنهاء الصراع.

وكان مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة أسامة عبد الخالق انتقد الأسبوع الماضي قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان ، وأن مصر لا تعتبر مشروع القرار ذا صلة بأزمة أوكرانيا ،  بل يتعلق بالميل إلى تسييس أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة ، والموقف المصري المبدئي والدائم يرفض هذا النهج.

لكنه أوضح أن موقف مصر من الأزمة في أوكرانيا جاء قبل أسابيع من التصويت المصري في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما تحدث عبد الفتاح السيسي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 9 مارس.

ووفقا لبيان صادر عن الكرملين ونشرته "روسيا اليوم" فإن الجانبين أعربا أيضا عن اهتمامهما بمواصلة التعاون الوثيق في قطاعي السياحة والزراعة.

وناقشا التطور اللاحق للشراكة الإستراتيجية بين روسيا ومصر، بما في ذلك التقدم في تنفيذ مشاريع ضخمة مشتركة في قطاعي الطاقة النووية والإنتاج.

وأشارت الحماقى إلى أن المصالح الاقتصادية لدول كثيرة مثل الصين والهند وإسرائيل وتركيا تمنع اتخاذ موقف معاد لروسيا وأن هذه الدول ظلت محايدة.

وأشارت الحماقي، التي تعمل مستشارا في مجلس الشيوخ إلى أن حكومة السيسي تبنت حتى الآن موقفا متوازنا تجاه الغرب وروسيا، وشددت على أنه في حين أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شريكان إستراتيجيان لمصر، إلا أن هذا لا يمكن أن يكون على حساب مصالحنا، مشيرة إلى أن مصر أنفقت المليارات لتحسين خطط الأعمال، والتي تمر الآن بمرحلة حاسمة بالنسبة للاستثمار.

 

https://www.al-monitor.com/originals/2022/04/will-sanctioned-russian-oligarchs-find-haven-egypt