انتقد خبراء الاقتصاد قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها اليوم برفع سعر الفائدة بنسبة 2% خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي ، ومسايرة لقرار الفيدرالي الأمريكي بهدف علاج ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد الخبراء أن رفع سعر الفائدة لن يكون له أي أثر على خفض معدلات التضخم ، موضحين أن التضخم الحالي ليس تضخم استهلاك ناتج عن ارتفاع في منحنيات الطلب عن العرض، ولكنه تضخم نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام، وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج وأيضا شلل منظومة النقل الدولي وارتفاع تكاليفه.
وقالوا إن "تكلفة رفع الفائدة كبيرة جدا وكل ارتفاع مقداره ١٪ يقابله عجز بمقدار٥٠ مليارا من الموازنه العامة".
وشدد الخبراء على أن الارتفاعات المتتالية لسعر الفائدة سوف تصيب الاقتصاد بالشلل؛ لأنها تمتص السيولة وتزيد معدلات الركود وستتوقف المصانع عن الإنتاج نتيجة عدم القدرة على ملاحقة ارتفاع أسعار المواد الخام من ناحية وارتفاع تكلفة التمويل من ناحية أخرى ، مما سيصيب الأسواق بحالة من الكساد العظيم.
كانت لجنة السياسة النقديـة بالبنك المركزي المصـري ، قد قررت في اجتماعها، اليوم الخميس، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 20 نقطة أساس أي بنسبة 2% ليصل إلى 11.25% و12.25%و11.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 11.75%.
يشار إلى أن التضخم ارتفع في أبريل الماضي إلى مستوى 14.6% مدفوعا بارتفاع مجموعة الطعام والشراب بأكثر من 29%، وهو ما دفع الخبراء وبنوك الاستثمار ليتوقعوا أن يتخذ البنك المركزي قرارا برفع سعر الفائدة أعلى من المتوقع لتصل التوقعات إلى حد 2% للسيطرة على التضخم والحفاظ على جاذبية سوق الدين للاستثمارات الأجنبية.
شلل اقتصادي
من جانبه قال محمد عبدالوهاب المستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية إن "الجميع انتظر نتائج اجتماع لجنة السياسات النقديه بالبنك المركزي اليوم وتوقع الاقتصاديون وحتي جمهور المتابعين أن يقوم المركزي برفع سعر الفائدة بعد ارتفاع معدلات التضخم لتتجاوز ١٤٪ على أساس سنوي في شهر أبريل الماضي بارتفاع تجاوز 3.7 ٪عن شهر مارس ، وياتي ذلك كله بعد أيام من قرار الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة ٥٠ نقطة أساس وما تبعه من ارتفاعات لأسعار الفائدة في مختلف الأسواق العربية والأوروبية".
وحذر عبدالوهاب في تصريحات صحفية البنك المركزي من الانسياق وراء ضغوط رفع الفائدة ، لأن الاقتصاد المصري سيعاني جراء هذا القرار ولن يكون له أي أثر على خفض معدلات التضخم ، موضحا أن التضخم الحالي ليس تضخم استهلاك ناتج عن ارتفاع في منحنيات الطلب عن العرض، وإنما تضخم نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام ، وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج وأيضا العجز أو الشلل في منظومة النقل الدولي وارتفاع تكاليفه.
وأكد أن تكلفة رفع الفائدة كبيرة جدا مشيرا الى أن كل ارتفاع مقداره ١٪ للفائدة يقابله عجز بمقدار ٥٠ مليارا من الموازنه العامة .
وأشار عبدالوهاب إلى أنه رغم رفع أمريكا وأوروبا لأسعار الفائدة إلا أنها ما زالت بالسالب لديهم، أما مصر فهي تقدم فائدة حقيقية بقيمة +4% ، محذرا من أن الإفراط في استخدام آلية رفع الفائدة سيصيب الاقتصاد بالشلل لأنه سيمتص مزيدا من السيولة المنخفضة في السوق وستزيد معدلات الركود وستتوقف المصانع عن الإنتاج نتيجة عدم القدرة على ملاحقة ارتفاع أسعار المواد الخام من ناحية وارتفاع تكلفة التمويل من ناحية أخرى ، مما سيصيب في النهاية الأسواق بحالة من الكساد العظيم.
الأموال الساخنة
وتوقع أن تكون النتيجة لرفع سعر الفائدة مزيدا من الارتفاع في معدلات البطالة وما لها من آثار اجتماعية سلبية سوف تضرب كل قطاعات الدولة، مؤكدا أن الاستخدام السيئ من قبل صانعي السياسات الاقتصادية في أمريكا وإفراطهم في استخدام الوسائل السهلة في حل مشكلاتهم الاقتصادية ودفع البنوك المركزية إلى الإفراط في استخدام سياسة التيسير الكمي والطباعة غير المنضبطة للدولار كل هذا هو السبب المباشر لما يعانيه العالم اليوم فالحالة التي نعيشها الآن هي حالة مؤجلة بفعل فاعل ، وفي النهاية لا يهتم الأمريكان إلا بأنفسهم فقط.
وأوضح عبدالوهاب أن رفع أسعار الفائدة هو في صالح الأموال الساخنة فقط والتي فعليا انسحب منها ٢٠ مليار دولار، من السوق خلال الفترة الأخيرة حسب تصريحات مسئولي الانقلاب ، متسائلا اذا كان هذا المبلغ تم تسريبه فكم تبقى ليتسرب؟
ودعا صانعي السياسات المالية والنقدية، إلى إعادة النظر في استخدام أدواتهم والاتجاه إلى حلول فعلية تعيد عجلة الإنتاج كخفض الضرائب وخفض تكلفة التمويل المستخدم في عمليات الإنتاج ودعم الطاقة المستخدمة في الإنتاج ودعم القطاع الزراعي والوقف الفوري للاستيراد الاستهلاكي وفرض الرقابة على الأسواق وتشجيع عمليات الاستثمار الأجنبي المنتج.
الفيدرالي الأمريكي
وتوقع الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بمدينة العلوم والثقافة، أن يرتفع الدولار خلال الفترة القادمة مع قرار الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة والذي أعقبه قرار مماثل من البنك المركزي المصري، مؤكدا أن سعر الدولار سوف يتجاوز الـ 20 جنيها .
وحذر «الإدريسي» في تصريحات صحفية من أنه في حالة ارتفاع سعر الدولار سينعكس على معدلات التضخم بشكل مباشر، قائلا إن "الفيدرالي الأمريكي سيصدر 5 زيادات أخرى خلال عام 2022 ، فهل سيتابعه المركزي المصري في ذلك ؟
وأشار إلى أن الدولار والذهب سيشهدان زيادات خلال الفترة القادمة، مؤكدا أن الدولار سيرتفع بسبب قرارات البنك الفيدرالي، والذهب سيرتفع بسبب الضبابية وعدم الاستقرار؛ نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
استثمارات الأجانب
وأوضح «الإدريسي» أن الدولار يرتفع أمام الجنيه أيضا بسبب تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وتراجع مصادر النقد الأجنبي والصادرات المصرية، مشيرا إلى أن هناك تراجعا ملحوظا في السياحة واستثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي.
وأكد أن هذا كله يؤثر على الاقتصاد وينعكس على سعر الصرف، ويرفع من التكلفة الاستيرادية ويقلل من قيمة الجنيه المصري، مشيرا إلى أن البنك المركزي قرر خلال اجتماعه رفع أسعار الفائدة نتيجة للتضخم الذي تشهده مصر عقب قرار الفيدرالي الأمريكي بحسب رؤية البنك .
وكشف «الإدريسي» أن رفع سعر الفائدة ليس فقط للسيطرة على التضخم، ولكن للحفاظ على استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي مطالبا بحوار وطني بين حكومة الانقلاب والاقتصاديين يشمل التحديات والمخاطر التي تواجه دولة العسكر خلال الفترة الحالية واستعراضها بشفافية وكيفية الخروج منها.
وحذر من أن هناك مجموعة من المستثمرين والمصانع لديهم أزمات تهدد بخروجهم من السوق ، لذلك يجب الاستماع إليهم وحل مشكلاتهم .