رفع البنك المركزي الخميس الماضي سعر الفائدة بمقدار 2٪ بهدف احتواء التضخم ، بسبب تداعيات الأزمة العالمية بالحرب بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات الغربية ورفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بشكل متتالٍ، في حين أن كل شعوب العالم تعاني من ارتفاعات الأسعار.
ومن جانبه، أكد المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق والخبير البترولي، أن زيادة متوقعة بتكلفة الدعم بنسبة 2٪، مؤكدا أن ارتفاع أسعار البنزين قريبا محاولة لتغطية فارق الموازنة.
وقال إن "الهيئة العامة للبترول تواجه مشكلة العجز الدولاري نظرا لإجراء عمليات الاستيراد بالأسعار العالمية".
وأبان في تصريحات صحفية أن الأسعار العالمية ستتأثر بارتفاع أسعار الاقتراض العالمي، موضحا أنه نظرا لقرار رفع أسعار الفائدة اليوم سيتأثر قطاع البترول ، حيث إنه يقترض من البنوك المحلية والمؤسسات الدولية لشراء مستلزمات الإنتاج من زيت خام ومنتجات بترولية من الخارج.
وأشار إلى أن المشكلة تكمن في توفير الدولار وارتفاع الفائدة على الاقتراض من المؤسسات الدولية والبنوك لسداد التزاماتها تجاه توفير الزيت الخام والمنتجات البترولية وقطع الغيار وخلافه.
3 تداعيات
ومن جانب آخر، توقع محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، ارتفاع معدلات التضخم ليتجاوز ١٤٪ على أساس سنوي في شهر أبريل الماضي وبارتفاع تجاوز 3.7٪عن شهر مارس يأتي ذلك كله بعد أيام من قرار الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة ٥٠ نقطة أساس وما اتبعه من ارتفاعات لأسعار الفائدة في مختلف الأسواق العربية والأوروبية.
وطالب "عبد الوهاب" البنك المركزي ألا ينساق وراء ضغوط رفع الفائدة لأن الاقتصاد المصري سيعاني جراء هذا القرار ولن يكون له أي أثر على خفض معدلات التضخم ، حيث إن التضخم الحالي ليس تضخما استهلاكيا ناتجا عن ارتفاع في منحنيات الطلب عن العرض، ولكنه تضخم نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام، وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج وأيضا العجز أو الشلل في منظومة النقل الدولي وارتفاع تكاليفه.
عجز 50 مليارا
ومن أحد التداعيات أشار "عبد الوهاب" إلى أن تكلفة رفع الفائدة كبيرة جدا فمن المعروف أن كل ارتفاع مقداره ١٪ للفائدة يقابله عجز تقريبا ٥٠ مليارا من الموازنات العامة، لافتا أنه رغم رفع أمريكا وأوروبا لأسعار الفائدة إلا أنها ما زالت بالسالب لديهم، أما مصر فهي تقدم فائدة حقيقية بقيمة + 4%.
ولفت في تصريحات صحفية إلى أن الإفراط في استخدام آلية رفع الفائدة سيصيب الاقتصاد بالشلل ، حيث إنه سيمتص مزيدا من السيولة المنخفضة في السوق وستزيد معدلات الركود وستتوقف المصانع عن الإنتاج نتيجة عدم القدرة على ملاحقة ارتفاع أسعار المواد الخام من ناحية وارتفاع تكلفة التمويل من ناحية أخرى ، مما سيصيب في النهاية الأسواق بحالة من الكساد العظيم.
معدلات البطالة
وأشار إلى توقعه أن يقود رفع الفائدة إلى رفع "معدلات البطالة وما لها من آثار اجتماعية سلبية سوف تضرب كافة قطاعات الدولة، مؤكدا أن الاستخدام السيئ من قبل صانعي السياسات الاقتصادية في أمريكا وإفراطهم في استخدام الوسائل السهلة في حل مشكلاتهم الاقتصادية ودفع البنوك المركزية إلى الإفراط في استخدام سياسة التيسير الكمي والطباعة غير المنضبطة للدولار ، كل هذا هو السبب المباشر لما يعانيه العالم اليوم فالحالة التي نعيشها اليوم هي حالة مؤجلة بفعل فاعل وفي النهاية لا يهتم الأمريكان إلا بأنفسهم فقط.
وأبان أن التداعي الرابع يتمثل في أن رفع أسعار الفائدة هو في صالح الأموال الساخنة فقط والتي فعليا انسحب منها ٢٠ مليار دولار، من السوق خلال الفترة الأخيرة حسب تصريحات المسؤولين فكم المتبقي ليتسرب؟
ارتفاع التضخم
وكان د.علي عبدالعزيز أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر توقع رفع الفائدة في علاقة اضطرادية مع التضخم، وقال "ارتفاع التضخم في أبريل 14.9% سيدفع باتجاه رفع سعر الفائدة وتحريك سعر صرف الدولار خلال مايو كمحاولة لكبح التضخم وللعمل على جذب استثمارات أجنبية جديدة في أدوات الدين المحلية والتي تشهد انخفاضا متزايدا منذ مارس الماضي بسبب الحرب في أوكرانيا وبسبب رفع فائدة الفيدرالي بنسبة 0.25% و 0.5% خلال شهري مارس ومايو، وفي نفس الوقت تحقيق شروط صندوق النقد بتطبيق مرونة سعر الصرف للحصول على قرض جديد قد تصل قيمته إلى 10 مليارات دولار".
توقع 2% أخرى
ووصلت الفائدة بعد رفعها في 19 مايو إلى 12.5% في حين أظهرت وثيقة ميزانية 2022-2023 أن مصر تتوقع بلوغ متوسط سعر الفائدة 14.5% في الميزانية الجديدة، من نحو 13.7% متوقعة في ميزانية السنة المالية الحالية.
كان المركزي المصري في اجتماع استثنائي خلال مارس 2022، قبل نحو شهر ونصف الشهر رفع أسعار الفائدة 1% (100 نقطة أساس)، في محاولة لامتصاص موجة التضخم، ولجذب استثمارات الأجانب بالدولار إلى أدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت مليارات الدولارات عقب الحرب الروسية-الأوكرانية.
الوثيقة حذرت من أن كل زيادة في أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس (1%) من شأنها أن تؤدي إلى زيادة العجز الكلي بالموازنة بواقع 28 مليار جنيه، وتبلغ فوائد الدين المتوقعة في 2022-2023 حوالي 690 مليار جنيه، ارتفاعا من 579.6 مليار جنيه متوقعة هذا العام.