كل شيء مهدد بالضياع والنهب في زمن الانقلاب بقيادة السيسي ، لأن عصابة العسكر لا تترك كبيرة ولا صغيرة إلا وتحاول بيعها أو سرقتها أو الاستفادة منها ، ليس للبلد وإنما للمصالح الشخصية.
هكذا تتعامل عصابة العسكر مع الآثار والكنوز المصرية ، ما يهدد بخروج مدينة القاهرة التاريخية من قائمة التراث العالمي ، وهو ما حذرت منه منظمة اليونسكو عقب ما حدث في مسجد الحسين من جانب نظام الانقلاب .
عملية تدمير
كانت عصابة العسكر قد أعلنت عن افتتاح مسجد الحسين بعد ترميم وتوسعة الأجزاء الداخلية والخارجية للمسجد خلال 21 يوما، وفوجئ المصريون بالكارثة التي نفذها جهلة العسكر والتي وصفها خبراء الآثار بأنها عملية «تدمير» .
وقالوا إن "فصل المحيط العمراني للمسجد وعزله عن المدينة القديمة خطوة ندد بها جميع المهتمين بالتراث ، مؤكدين أن هذه الكوارث سوف تستمر طالما لا يتم الاستعانة بأصحاب الخبرات".
وانتقد الخبراء السور العالي الذي تم إنشاؤه حول ساحة المسجد ، مؤكدين أن السور يشوه المنظر الخارجي للمسجد ويضيق مساحته الخارجية ، مما يمثل صعوبة أمام الزوار.
يشار إلى أن فيديوهات كانت قد انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت انتقادات حادة لأعمال تجديد المسجد، وعلق رواد مواقع التواصل قائلين "إزالة الرخام والمحراب الأثري في ضريح الإمام الحسين والحجة، أننا بنجدد ونرمم ، حتى الحوائط المزخرفة التي كانت فوق الرخام خربوها، اكتب عندك يابني أثر تاني خرج من السجلات خلاص بعد مصيبة الجامع الأزهر .
القاهرة التاريخية
من جانبها اعترفت هيام فاروق عضو برلمان السيسي بأن المشروعات التي تقوم بها حكومة الانقلاب تسببت في تشويه القاهرة التاريخية ، مؤكدة أن الخطة المقدمة والمعلنة من حكومة الانقلاب لتطوير القاهرة التاريخية تهدد بفقد جزء كبير جدا من النسيج التاريخي للمنطقة والمسجل في قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1979 .
وحذرت هيام فاروق في تصريحات صحفية من أن هذه الأعمال تهدد باستبعاد هذا الموقع من قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو ، مشيرة إلى أن محافظة القاهرة كانت قد أعلنت عن مشروع لتطوير شارع صلاح سالم من محور جيهان السادات حتى حدائق الفسطاط بطول 6 كيلو متر، ويتخللها جبانات المجاورين وباب الوزير وسيدي جلال والسيدة نفيسة والطحاوية والإمام الشافعي وسيدي عمر، حيث يتم نقل المدافن بمعرفة لجنة من محافظة القاهرة إلى أطراف مدينة 15 مايو.
وكشفت أنه تطبيقا لهذه الخطة أعلنت محافظة القاهرة عن نقل مجموعة من المقابر في محيط الإمام الشافعي والإمام الليثي وهدم مجموعة من المقابر تقع في مسار كوبري السيدة عائشة الجديد الذي يربط ميدان السيدة عائشة ومحور الحضارات .
آثار مسجلة
وأشارت هيام فاروق إلى أن الجبانات الموجودة بالمنطقة كنز تاريخي وأثري، وهي جزء لا يتجزأ من النسيج التاريخي والتراثي العالمي مؤكدة أن تاريخ المباني أكثر من 120 سنة ، والموقع مسجل في قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو ، بالإضافة إلى القيمة المعمارية والفنية، حيث تتميز تلك الجبانات بطرز معمارية فريدة.
ولفتت إلى أن علماء التاريخ والتراث المصري أطلقوا على منطقة الجبانات بالقاهرة وادي ملوك وملكات العصر الحديث؛ بسبب وجود مقابر للعديد من الشخصيات التاريخية التي أثرت في تاريخ مصر في العصر الحديث مثل «الملكة فريدة – أمير الشعراء أحمد شوقي – على باشا مبارك – المقرئ محمد رفعت – حسن باشا صبري».
وأوضحت هيام فاروق أن الطريق المار في هذه المقابر في اتجاه مقابر الإمام الشافعي لا يوجد له احتياج حقيقي حاليا ، بل سيتسبب في هدم وإزالة آثار مسجلة على قائمة التراث العالمي، مما سينتج عنه حذف الموقع من قائمة التراث العالمي لليونسكو، وإعطاء انطباع على المستوى الدولي بأن نظام الانقلاب لا يحترم المواثيق الدولية.
وأكدت أن منظمة اليونيسكو أعربت عن قلقها إزاء إنشاء طريق يمر عبر المقابر والأضرحة؛ مما يهدد بحذف القاهرة التاريخية من قائمة التراث العالمي مطالبة بإعادة دراسة أعمال تطوير القاهرة التاريخية وإعادة تأهيل الجبانات باعتبارها متحفا مفتوحا على غرار وادي الملوك والملكات بمحافظة الأقصر.
قبة الحسين
وأعرب الدكتور محمد الكحلاوي، رئيس اتحاد الأثريين العرب وأستاذ الآثار والعمارة الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، عن اعتراضه على ما يسمى بعملية التطوير التي شهدها مسجد الحسين وما حدث في القبة والمقام الحسيني، قائلا « أنا معترض على التطوير الذي حصل وما حدث لقبة مسجد الحسين».
واعتبر الكحلاوي في تصريحات صحفية أن ما حدث لقبة الحسين تشويها وعدم فهم بمعاني آثار القاهرة التاريخية، مضيفا «التشويه واللعب وعدم الفهم في القاهرة التاريخية يخرجها من قائمة التراث العالمي».
وقال إن "ما يحدث من فصل الأثر عن بيئته لا يسمى تطويرا للآثار، مؤكدا أنه قدم خطابا لمسئولي الانقلاب بإمضائه وإمضاء ثلاثة آخرين اعتراضا على ما حدث في مسجد الحسين" .
تشويه بصري
وأضاف الكحلاوي، أما بالنسبة لقبة المسجد وتشويهها لوضع مكيفات، فهذا تشويه بصري وتشويه للأثر نفسه، متسائلا هل يعقل أن يتم تشويه القبة بهذا الشكل لتركيب مكيفات بالمسجد؟
وحذر من أنه عند حدوث «نشع» للمياه، ستحدث كارثة على الأثر لا يمكن التنبؤ بعواقبها ، وما معنى أن نضع أسوارا حول الأثر؟ نحن لا يجب أن نعامل الآثار وكأننا في حديقة حيوانات؛ لأنه لا يجوز أن نعزل المجتمع عن تراثه بأي شكل من الأشكال، ولا يمكن أن نضع على حرم الأثر سورا، وهذه أمور لا يمكن أن تحدث أبدا، فحتى الحيوانات حاليا باتوا ينزعون عنها الأقفاص الحديدية ونستعيض عنها بحدائق مفتوحة.
واختتم الكحلاوي قائلا "أرفض أن يتم وضع الآثار في أقفاص حديد؟ مؤكدا أن ما حدث يعبر عن رؤية غير واعية وغير مدركة، لأن هذه هي عملية فصل للمجتمع عن آثاره .