«بتأدوا التحية العسكرية ليه؟».. ذلة شوبير تفضح معاتيه عصابة السيسي

- ‎فيتقارير

نجح منتخب كوريا الجنوبية ليس بالفوز على منتخب مصر بأربعة أهداف مقابل هدف فقط، خلال لقائهما على ملعب سول الرئيسي بالعاصمة الكورية ضمن استعدادات الفراعنة لتصفيات كأس الأمم الأفريقية واستعداد الجانب الكوري لكأس العالم 2022 بقطر، بل نجح منتخب كوريا دون قصد في استنزاع ذلة لسان من إعلامي مطبل شهير فضحت جمهورية العسكر بمصر.

أثناء تعليقه على المبارة وفي ذلة لسان تساءل الكابتن أحمد شوبير “هم لاعبو كوريا الجنوبية بيأدوا التحية العسكرية بعد كل هدف ليه؟ وأضاف الكلام ده ممكن يبقى طبيعي بس في كوريا الشمالية” وهو ما يعني أن شوبير في قرارة نفسه يعلم أن تقديس العسكر لا يوجد إلا في بلاد يحكمها المعاتيه فقط.

 

تخلوا عن مبادئهم

على الرغم من ابتعاد السياسة عن الرياضة منذ اختراع كرة القدم في القرن السابع عشر، إلا أنها أصبحت جزءا منها في القرن الـ21 وتحديدا مع انقلاب السفاح السيسي، الذي تسبب في حدوث العديد من الصراعات والانقسامات داخل الوسط الرياضي؛ بسبب الخلاف بين مؤيد ومعارض على دخول السياسة في الرياضة.

رياضيون كثيرون تخلوا عن مبادئهم في محاولة لإرضاء حكم العكسر، رغبة منهم في شرف منصب ما، فمنهم من يبحث عن كرسي وزير الرياضة، والبعض الآخر يرغب في الاحتفاظ بمقعده منهم أحمد شوبير.

يتمتع شوبير بشعبية جارفة في الوسط الإعلامي الرياضي، إلا أنه تناسى السبب الحقيقي الذي يظهر على الشاشة الصغيرة من أجله، ليحول برنامجه إلى مهرجان تطبيل للسفاح السيسي وأعوانه.

واستغل شوبير من بداية الانقلاب علاقته ببعض الإعلاميين سواء في الصحف أو المواقع الإلكترونية من أجل تأييد السفاح السيسي والسيطرة على عقول الشعب من خلال وسائل الإعلام.

وبحلول يوليو القادم، تكون قد مرت على مصر 70 سنة من الحكم العسكري، وباستثناء الفترة الانتقالية التي دامت سنة واحدة ما بين 2012 و2013 مع الرئيس المنتخب الشهيد محمد مرسي الذي أطاح به الجيش في انقلاب عسكري، تمتع الضباط في مصر بسلطة مطلقة وقبضة من حديد مسجلين رقما قياسيا كأطول حكم ديكتاتوري عسكري.

لكن هذه الاستمرارية السياسية للحكم العسكري لا تعزى إلى إنجازات ما وصفه المحلل يزيد صايغ بـجمهورية الضباط.

 في الواقع، تشهد التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية النسبية لمصر، سواء بمقارنتها إقليميا أو عالميا، حالة تدهور منذ فترة طويلة وإن كانت مستوياتها متفاوتة باختلاف الفترات الزمنية.

لقد انحدرت مصر من كونها الدولة العربية الأكثر تطورا في سنة 1952 القادرة على إبراز قوتها الصلبة والناعمة على الصعيد الإقليمي العالمي، إلى لاعب ثانوي في العالم بل وحتى في منطقة الشرق الأوسط.

في الوقت الحالي، باتت مصر تتأثر بما يحدث في البلدان المجاورة مثل لبنان وسوريا والسودان وليبيا، بعد أن كانت تضطلع بدور فاعل في تشكيل سياسة المنطقة.

تعاني الموارد البشرية المصرية، التي كانت الأكبر والأكثر تطورا في العالم العربي خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تدهورا قياسيا بعد فشل النظام التعليمي والصناعي وقطاع الخدمات في مجاراة الدول المنافسة لها على المستوى الإقليمي.

تعثر أداء جمهورية الضباط يثير عدة تساؤلات حول العوامل التي ساهمت في بقائهم في الحكم، خاصة بالنظر إلى أن الجيوش التي لم تُحسن إدارة السلطة في إسبانيا واليونان والأرجنتين والبرازيل وتشيلي ونيجيريا وكوريا الجنوبية وتايوان وأماكن أخرى جرى الإطاحة بها.

حتى الهزائم العسكرية الكارثية، على غرار تلك التي حفزت التمردات الشعبية ضد العقيد اليوناني والجنرالات في الأرجنتين، لم تُطح بجمال عبد الناصر أو أنور السادات في مصر على الرغم من اتعاظ كل من المخلوع الراحل مبارك والسفاح السيسي منها بعدم إشراك القوات المسلحة في أي معركة.

 

متى يسقط الانقلاب؟

هناك بديلان للوضع الراهن في مصر، إما استبدال الجيش للسفاح السيسي أو الإطاحة به هو وجيشه معا، وينطبق السيناريو الأول على مبارك، نظرا لأن مصلحة الجيش في ذلك الوقت اقتضت التخلص من الرئيس الذي أصبح هدفا للاحتجاجات الشعبية.

ربما يحدث انقلاب استباقي بقيادة الإدارة العليا، كما حدث في سنة 2011، أو انقلاب ينفذه فصيل منشق من الجيش يكون مستاء من سياسات السفاح السيسي والقيادة العليا.

لعل الهوة بين الضباط الملتزمين بالخدمة العسكرية وبين أولئك الذين هم عادة أعلى رتبة المسؤولون عن جني المكاسب من الاقتصاد العسكري تمثل أحد خطوط الصدع المحتملة.

يمكن أن تتفاقم التوترات بين هذه المعسكرات بسبب الفشل في التصدي بشكل مناسب لبعض التحديات العسكرية، التي قد تنشأ في الدول المجاورة مثل ليبيا والسودان وإثيوبيا.

يبدو السيناريو الأول أقل احتمالا، بالنظر إلى أن درجة تغلغل السفاح السيسي وسيطرته على سلك الضباط الذي أسسه خلال خدمته في المخابرات العسكرية واستخدامه لأبنائه وزملائه السابقين كعملاء للتجسس وتوظيفه للضباط على أساس المحسوبية يتجاوز إلى حد كبير ما فعله مبارك، ومن المرجح أن تظل القيادة العليا للسفاح السيسي موالية له، بينما من غير المرجح أن ينطبق ذلك على صغار الضباط.

من الصعب تصور تنحي السفاح السيسي والجيش عن السلطة، ولن يتكرر ما حدث في في سنة 2011، كما تبين في سنة 2013، فإن نظام السفاح السيسي كان مستعدا لإطلاق النار على المعارضين، وقام بتحييد الإسلام السياسي المنظم، على الأقل في المستقبل المنظور، وهذا يترك سيناريوهات أكثر راديكالية مثل الانهيار الشامل للنظام في ظل تنامي الأزمات الاقتصادية أو السياسية ، مما يؤدي إلى تفكك الأجهزة العسكرية والأمنية.

من بين التطورات التي قد تطرأ على هذا السيناريو ضلوع جهة خارجية في زعزعة استقرار عصابة السيسي، أما السيناريو شبه المستحيل، فهو أن يقرر السفاح السيسي التنحي لصالح حكومة مدنية، لكن المعطيات على أرض الواقع تشير إلى أن هذا لن يحصل.

تكمن المفارقة العجيبة في استمرار الحكم العسكري في مصر في الوقت التي تشهد فيه البلاد تدهورا نسبيا، وكلما استمر التدهور وازدادت الظروف سوءا، زادت قدرة الجيش على تبرير دوره باعتباره حامي الأمة.

ربما يكون هذا التناقض أفضل تفسير لطول مدة الحكم العسكري في مصر، ولو أنه نجح في دفع عجلة التنمية في البلاد كما فعل الحكم العسكري في كوريا  الجنوبية إلى حد ما لربما تولدت قوة ملتزمة بما يكفي لتحل محله، لكن للأسف، إن قصور الحكم هو السبب في قدرة عصابة الانقلاب على الصمود حتى الآن.