هل انتهى دور وزارة الهجرة  بعد حشد  أقباط المهجر وراء السيسي؟

- ‎فيتقارير

 

 

 في إهدار للمال العام من أجل دعم شخص واحد  منقلب سفيه يدعى السيسي وحشد الدعم الدولي له بالخارج، وتهميش ملايين المصريين العاملين بالخارج، المفترض خدمتهم ودعمهم، بات دور وزارة الهجرة والعاملين بالخارج، محل تساؤلات واستنكار  سياسي، خاصة بعدما حققت الهدف الذي استحدثت من أجله، وهو الترويج للسيسي بالخارج ووقف حملات أقباط المهجر ضد مصر.

تلك الأدوار التي جاءت على حساب ملايين العاملين المصريين بالخارج، والذين يعدون الممول الاقتصادي الأول لميزانية مصر بتحويلاتهم الدولارية التي تساند مصر.

وتشهد الفترة  الأخيرة جدلا واسعا حول جدوى استمرار وزارة الهجرة المصرية والعاملين بالخارج، التي ترأسها السفيرة نبيلة مكرم عبيد، أو إلغائها وإعادة دمجها مع وزارة القوى العاملة كما كانت قبل إنشاء وزارة مستقلة عام 2015، أو تضمينها في وزارة الخارجية ، بحكم تشابه الأدوار التي تقوم بها الوزارتان تجاه المصريين المقيمين في الخارج.

 

برلمانيا، الجدل انتهى إلى تمرير ميزانية الوزارة دون تغيير مع إصدار توصية برلمانية للحكومة بضرورة النظر في دمج وزارة الهجرة مع وزارة الخارجية، لكن سبقت الموافقة على الميزانية نقاشات حادة بين أعضاء لجنة الخطة والموازنة حول تقييم فعالية دور الوزارة مقارنة بميزانيتها التي تضخمت من 3 ملايين جنيه مصري فقط حينما كانت قطاعا من قطاعات وزارة القوى العاملة لتصل إلى 128 مليون جنيه في الميزانية التي تم إقرارها دون نتائج حقيقية تبرر هذا الارتفاع المخيف في التكلفة.

ووفق مراقبين وسياسيين، فإن استمرار وزارة الهجرة بمثابة إهدار للمال العام نتيجة توجيه هذه الأموال نحو إطلاق المبادرات والمؤتمرات ومكافآت مالية للجاليات بالخارج لغض الطرف عن مشاكلهم، والتعاقد على برنامج تلفزيوني للوزارة مقابل 3 ملايين جنيه شهريا على إحدى القنوات لا جدوى منه.

 

كما أنه على مستوى البرلمان، فإن هناك ما يشبه الرفض الجماعي لاستمرار السفيرة نبيلة مكرم عبيد في منصبها بسبب جملة من المشاكل؛ آخرها تورط ابنها رامي هاني فهيم في قتل اثنين من أصدقائه في أمريكا حيث يقيم ويعمل هناك.

 

وسبق ذلك تصريح الوزيرة قبل عامين تقريبا، خلال اجتماعها مع أعضاء الجالية المصرية في كندا، حين قالت باللهجة العامية "مصر بلدنا ملناش بلد غيرها، وأي حد يتكلم عنها بره بالسوء يتقطع" وأشارت بعلامة الذبح وهي تنطق الجملة الأخيرة، ما تسبب في تفجير موجة من السخط على الوزيرة والنظام المصري كله بوصفه  نظاما دمويا لا يعرف سوى تصفية المعارضين له، وأن تصريحات الوزيرة تتضمن تهديدا مباشرا لأفراد الجاليات المصرية في الخارج، إذا انتقدوا الأوضاع في مصر أو شاركوا في فعاليات تناقش سجل حقوق الإنسان في البلاد.

 

pic.twitter.com/Dr6XBabGRk

 

— Kuwait News (@24_kuwaitnews) July 24, 2019

 ورغم نفي الوزيرة لتصريحاتها المنشورة بالفيديو، وزعمها أن جماعة الإخوان المسلمين قامت بتحريفها عن سياقها، إلا أنها تورطت مجددا في تأليب السلطات المصرية على الباحثين المصريين المقيمين في الخارج، حين رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تصريحات أطلقتها في يوليو من العام الماضي، حول هؤلاء الباحثين، حذرت فيها ‏من أن الدارسين المصريين بالخارج هم أخطر شريحة من المهاجرين، نتيجة عدة عوامل على رأسها الأفكار المغلوطة التي يتعرضون لها من أصحاب التوجهات المعادية لمصر.

 

وذكرت المؤسسة في تقرير لها صدر في ديسمبر من العام الماضي أن خطاب الكراهية والتحريض الذي تمارسه مكرم ضد الدارسين المصريين بالخارج، خاصة أولئك الذين يحملون آراء نقدية لسياسات الحكومة المصرية، ويعبرون عنها بأي من طرق التعبير المختلفة تحول إلى إستراتيجية يجري العمل على تطبيقها على قدم وساق، مشيرة في تقريرها إلى تعرض الباحثين المصريين من دارسي الماجستير أو الدكتوراة وكذلك ‏الحاصلين على منح تعليمية مختلفة لأشكال متعددة من التضييقات والانتهاكات التي لم تتوقف منذ أكثر من 5 سنوات تقريبا.

 

 

ورغم سقطات  نبيلة العديدة ، إلا أنها ما زالت تحظى بدعم المخابرات العامة والإمارات ومحمد دحلان وثيق الصلة بها، وقتما كانت تعمل بسفارة مصر بالإمارات.

 

فيما تسعى الوزيرة والوزارة المهددة بالإلغاء في التعديل الوزاري المرتقب ، عقب مسرحية الحوار الوطني الدائرة بمصر، للترويج لدورها بتنامي تحويلات المصريين بالخارج بشكل لافت منذ إنشاء الوزارة عام 2015؛ حيث ارتفعت التحويلات من 18.3 مليار دولار في عام 2015 إلى 31.5 مليار دولار بنهاية العام الماضي 2021، مع توقعات بزيادة إضافية في العام الحالي خصوصا بعد بيان البنك المركزي المصري الذي كشف أن التحويلات تجاوزت 3 مليارات دولار خلال شهر مارس الماضي، ، إلا أن نسب زيادة التحويلات إلى وزارة الهجرة يعده مراقبون تزويرا واضحا، إذ أن

 سبب الزيادة  الأساسي هو ارتفاع أعداد المصريين المغتربين في السنوات الأخيرة؛ نتيجة الصعوبات المعيشية المتزايدة في مصر، حيث ارتفعت أعداد المهاجرين بحسب إحصاءات غير رسمية إلى 15 مليون مصري مغترب، وأغلب هؤلاء من أفراد العمالة البسيطة الذين يسافرون بمفردهم تاركين خلفهم أسرهم، وبالتالي يقوم هؤلاء بتحويل أموال شهرية إلى أسرهم في مصر لتدبير احتياجاتهم المعيشية منها.

إضافة إلى تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، ثم رفع أسعار الفائدة في البنوك المصرية بشكل متتابع ، ما شجع العديد من المصريين المقيمين بالخارج على زيادة تحويلاتهم إلى بلدهم الأم طمعا في الاستفادة من فرق العملة عند التحويل إلى الجنيه المصري، ثم الاستفادة مجددا من سعر الفائدة المرتفع الذي لا يوجد مثله في دول الخليج التي تمثل تحويلات المصريين المقيمين هناك أكثر من 68% من إجمالي التحويلات، مثلما لا يوجد سعر الفائدة المرتفع في الدول الغربية التي تمثل تحويلات المصريين المقيمين فيها نسبة 28% من إجمالي التحويلات.

وتأسست وزارة الهجرة، لأول مرة في عام 1981، ولم تحدد لها أية مهام واضحة مثل باقي الوزارات الأخرى، وإنما تم الاكتفاء بعبارات فضفاضة مثل أن الوزارة هي الجهة المختصة بإدارة ورعاية شؤون المصريين المقيمين خارج الحدود الجغرافية للدولة المصرية فى إطار من التنسيق والتعاون مع الوزارات والهيئات والجهات التي تهتم بالشأن ذاته في ظل رعاية مجلس الوزراء.

 

وتعتبر الجهة الرئيسية للتواصل مع المصريين بالخارج، فهى وزارة جاءت تلبية لنداءات المصريين بالخارج بهدف تكوين رأي عام وطني يساند القضايا الوطنية والقومية، والاستفادة من خبرات المصريين في الخارج في شتى مجالات التنمية، وتدعيم الروابط القومية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بينهم وبين الوطن الأم وبينهم وبين بعضهم، ولكي تضع سياسة شاملة لهجرة المصريين للخارج في ضوء أهداف التنمية القومية وصالح البلاد، وهذه العبارات تحديدا هي التي تصف بها الوزارة دورها وعملها على الموقع الإلكتروني الخاص بها.

 

فيما يرجع مراقبون غياب الدور والرؤية للوزارة، إلى أنه أمر طبيعي في وزارة أنشئت في الأساس دون حاجة ضرورية لإنشائها، مشيرين إلى أن الأمر بدأ في آخر أيام الرئيس الراحل أنور السادات باستحداث منصب وزير دولة للهجرة، وهو وزير دون حقيبة كما يعلم الجميع، وكان الهدف من ذلك محاولة لامتصاص غضب أقباط المهجر من تغول التيار الإسلامي داخل مصر،  وهو ما أدى لاندلاع مظاهرات ضد السادات نفسه في أمريكا، قبل أن يكمل الرئيس الراحل إزعاج الأقباط بتنحية البابا شنودة الثالث وتعيين مجلس خماسي لإدارة شؤون الأقباط في مصر.

كما إن الوزارة، التي تم تعيين ألبرت برسوم سلامة وزيرا لها، لم تقم بأي دور، سواء للتواصل مع المهاجرين المصريين في الخارج أم حتى في تهدئة أقباط المهجر واستيعابهم في إطار الدولة المصرية الرسمية كما كان السادات يأمل وكذلك مبارك، لهذا تم إلغاء الوزارة عام 1990، وبلغ عدم اهتمام الدولة بها أن قرار الإلغاء الرسمي صدر عام 1996، أي بعد 6 سنوات كاملة، وتم دمجها في وزارة القوى العاملة، لكن أعيد إطلاقها مجددا عام 2015 كوزارة مستقلة وكاملة بحقيبة وزارية وليست وزارة دولة، بموجب رؤية لدى الدولة بضرورة جذب المصريين المهاجرين نحو النظام القائم، وإبعادهم عن تأثير جماعة الإخوان والموالين لها الذين يتمتعون بوجود قوي ومؤثر خصوصا في أمريكا وأغلب دول أوروبا الغربية.

 

وكان الدور الأساسي للوزارة وقت إنشائها هو حشد دعم المصريين بالخارج للسيسي، في لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين في العديد من الدول الغربية.

 

يشار إلى أن الوزيرة أنفقت عشرات الملايين لدعم اتحادات المصريين في عدة دول لحشد الناخبين وإظهار دعمهم للسيسي، لكن المحصلة كانت مخيبة للآمال؛ حيث حضر ما يقرب من 157 ألف ناخب فقط للتصويت في الانتخابات الرئاسية 2018 من إجمالي 15 مليون مصري مغترب، وحتى هذا العدد يقل عمن صوتوا في انتخابات 2014 الرئاسية والذين بلغ عددهم  318 ألفا.

 

 

كذلك لم تقم الوزارة، التي تتباهى برعايتها للمصريين المقيمين في الخارج، بأي دور في الدفاع عن المصريين بالخارج والداخل أيضا.

وأيضا الوزارة لم تنجح حتى في استيعاب الطلاب المصريين العائدين من الدراسة في أوكرانيا بعد اندلاع الحرب فيها، رغم وجود بروتوكول تعاون بينها وبين وزارة التعليم العالي، حيث أصرت الأخيرة على خضوع الطلاب العائدين لاختبار قدرات قبل التحاقهم بالجامعات المصرية، وهو اختبار أخفق أكثر من 90% من الطلاب في اجتيازه، ولم يجدوا أي دعم أو مساندة من وزارة الهجرة التي تركتهم ليواجهوا المجهول؛ حيث لا يوجد أمامهم سوى انتظار انتهاء الحرب والعودة لأوكرانيا، أو البحث عن جامعات في دول أخرى لاستكمال دراستهم.