بعد توقف دام لشهرين، يتم شحن النفط الخام مرة أخرى من الموانئ الليبية، نتيجة لاتفاق برعاية دولية بين رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة ونجل المشير خليفة حفتر، صدام حفتر.
وكانت الآثار الأكثر إلحاحا للصفقة هي الإقالة القسرية لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، الذي يشغل المنصب منذ عام 2014 وحاول تجنب تسييس المصدر الرئيسي للإيرادات في البلد الغني بالنفط.
في 12 يوليو، أصدر دبيبة قرارا بإعادة هيكلة مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط وتكليف فرحات بن قدارة بقيادة المجلس الجديد، ورد صنع الله بعد يوم في خطاب غاضب رافضا القرار ووجه انتقادات لاذعة إلى دبيبة والإمارات العربية المتحدة اللتين قال إنهما يقفان وراء الاتفاق.
وحاول صنع الله منع بن قدارة من دخول المقر الرئيسي للمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، لكن دبيبة رد بإرسال قوة مسلحة إلى المبنى، وتمكن بن جدارة في نهاية المطاف من دخول المقر وسط إجراءات أمنية مشددة يوم الخميس.
ويعود الاتفاق بين دبيبة وحفتر إلى اقتراح إيطالي نوقش في روما يومي 28 و29 مايو من قبل دول مجموعة 3+2 (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا) بحضور ممثلين عن مصر وتركيا أيضا، وفقا لمصدر ليبي مطلع وكجزء من الاقتراح، سيجري دبيبة وحفتر مفاوضات لإعادة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والمؤسسة الوطنية للنفط، فضلا عن تعيين أشخاص مقربين من حفتر وأبنائه في عدد من الشركات التابعة لصندوق الثروة السيادية للبلاد كحل يتم من خلاله تفعيل عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي توقفت منذ فشل الانتخابات في ديسمبر يمكن استئنافها.
أصبح التدخل لجمع حفتر دبيبة أكثر إلحاحا، حيث أوقف حفتر الذي شكل تحالفا مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ووزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا لدعم حكومة منافسة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة باشاغا الصادرات من الهلال النفطي والعديد من الموانئ الرئيسية الأخرى في 16 أبريل بعد أن فشل باشاغا عدة مرات في دخول العاصمة وتأكيد أن حكومته شرعية جديدة.
وأدت تحركات حفتر إلى خفض إنتاج البلاد إلى النصف وتسببت في انقطاع مزمن للكهرباء، مما أثار الغضب الشعبي.
وفي مقابل التعيينات الرئيسية، سيستأنف حفتر عمليات إنتاج النفط وتصديره، ويسلم المكاتب الحكومية في شرق وجنوب البلاد إلى حكومة الوحدة الوطنية، وينسحب من حكومة الباشاغا.
ووفقا للمصدر، ومع الآمال في أن تتوج العملية التي ترعاها الأمم المتحدة بانتخابات بعيدة المنال على نحو متزايد، فإن القوى الغربية لا ترى جدوى من دعم تشكيل حكومة جديدة في الوقت الحالي، حسبما أوضح المصدر.
وأكد المصدر أن الاقتراح حظي بتأييد قوي من كل من المملكة المتحدة وإيطاليا، ولكن فرنسا ومصر عارضتاه.
من ناحية أخرى ، عرضت الإمارات العربية المتحدة المساعدة في التوسط بين الطرفين بسبب علاقاتها الوثيقة مع كل من دبيبة وحفتر.
ونتيجة لتزايد دفء العلاقات بين دبيبة والإمارات، توقفت أبوظبي عن تمويل ثلاث قنوات تلفزيونية ليبية موالية لحفتر في يونيو الماضي، كانت قد مولتها على مدى السنوات السبع الماضية، وهي 218 قناة إخبارية و218 قناة عامة، تم نقل مقرها إلى برشلونة بعد بثها في وقت سابق من عمان، وكذلك قناة ليبيا روح الوطن، يديرها السفير الليبي السابق لدى الإمارات عارف علي النايض.
وفي خطابه يوم الأربعاء، طعن صنع الله في قرار دبيبة بالإطاحة به من قيادة المؤسسة الوطنية للنفط على أساس أن المؤسسة محمية بموجب القانون الدولي والاتفاق السياسي، إنه محايد ولا ينتمي إلى الحكومة، كما هاجم بن قدارة، متهما إياه ب "التآمر" مع الإمارات العربية المتحدة والرغبة في تبديد "600 مليون دولار سنويا لإرضاء" البلاد.
في غضون ذلك، يؤجج المقربون من باشاغا، رئيس الوزراء المعين من قبل مجلس النواب، التوتر الأمني مع تحرك الدوريات المسلحة على طول الساحل في منطقتي ورشفانة وجعفرة، الواقعتين جنوب غرب العاصمة.
ويهدف باشاغا إلى تجنيد أسامة الجويلي الشخصية العسكرية الزنتانية المؤثرة التي لعبت دورا رئيسيا في الدفاع عن العاصمة من هجوم حفتر وترشحت على نفس قائمة التعيينات التي كان صلاح وباشاغا في منتدى الحوار السياسي الليبي بقيادة الأمم المتحدة لعام 2020 الذي أوصل دبيبة إلى السلطة إلى جانبه من خلال الاستفادة من التوتر بين الجويل ودبيبة.
وتوترت العلاقة بين دبيبة والجويلي منذ أن أنشأت الأولى منطقة عسكرية جديدة للساحل الغربي وفصلتها عن المنطقة العسكرية الغربية التي يقودها الجويلي الآن، وأدى القرار إلى اشتباكات خلفت قتيلا وخمسة جرحى، بحسب ما أعلنته بلدية طرابلس حينها، وفي مايو، أقال دبيبة الجويلي من منصبه كرئيس للمخابرات العسكرية.
وفي ليلة السبت إلى صباح الأحد، انتشرت معلومات على الإنترنت حول تحركات المركبات المسلحة على الطريق الساحلي الغربي والمناطق الواقعة جنوب غرب طرابلس، وقيل إن "المركبات تنتمي إلى المنطقة العسكرية الغربية تحت قيادة الجويلي وأنها حشدت جهودها لإعادة تنصيب صنع الله رئيسا للمؤسسة الوطنية للنفط والسماح لباشاغا بدخول العاصمة".
ومع ذلك، تقول مصادر مقربة من الجويلي إن "الرجل القوي في الزنتان أمر وحداته بالبقاء في ثكناتها ورفض التدخل في صراع بين المؤسسة الوطنية للنفط وأي مؤسسة أخرى".
وحتى الآن، لم يدل أي من باشاغا أو صالح بتعليق علني على التقارب بين دبيبة وحفتر والإطاحة بصنع الله.
ومع ذلك، تطرق دبيبة إلى الصفقة في خطاب ألقاه يوم الأحد، مشيرا إلى أن التغييرات في المؤسسة الوطنية للنفط تهدف إلى حل أزمة الكهرباء في البلاد، نافيا وجود اتفاق سياسي وراء هذه الخطوة.
وأضاف دبيبة أن القرار اتخذ من أجل تسهيل التقارب بين الليبيين، محذرا من أن كل من يحاول العودة إلى منصبه باستخدام العنف سيقابل بالقوة.
كما تطرق رئيس الوزراء إلى إنتاج النفط في خطابه يوم الأحد.
وقال دبيبة "نحن بحاجة إلى تسهيل دخول شركات النفط الكبرى، وخاصة الأوروبية منها، لمساعدتنا على زيادة الإنتاج وتطوير القطاع"، مضيفا أن صادرات الخام في طريقها للاستئناف الكامل.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط على تويتر يوم الأحد إن "ناقلة ترفع العلم الإيطالي دخلت محطة النفط في البريقة لتحميل شحنة".
https://www.madamasr.com/en/2022/07/18/news/u/internationally-sponsored-deal-uniting-dbaiba-haftars-has-libyan-oil-exports-flowing-again-but-raises-controversy/