ما زالت الأزمة بين الاحتلال الصهيوني وروسيا تراوح تصاعدها، فرئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد يصرح أنه يبحث اتخاذ خطوات للرد على القرار -المحتمل- بإغلاق الوكالة اليهودية، في حين ينفي مراقبون أن يتمكن قادة المؤسسة الصيهونية الحاليين من حل الأزمة ويطلبون تدخلا سريعا من رئيس الحكومة السابق لدى بوتين ولافروف لحل الأزمة.
وصباح الاثنين 25 يوليو، هللت الصحف الصهيونية بتصريحات تعلن التصاعد وليس اللملمة فقالت إن "قرار روسيا بوقف الوكالة اليهودية ضربة موجعة لإسرائيل، وإنه بمثابة العقوبة السياسية ضدها".
وبمستوى غير مسبوق في استعلاء التصريحات تجاه روسيا، قال مسؤول حكومي صهيوني بشأن الوكالة اليهودية في موسكو "لن نسكت نحن في معركة" بحسب موقع يديعوت أحرونوت.
غير أن سفير الكيان السابق لدى روسيا، لفت ضمنا إلى أن الأزمة ليست عابرة وأن لها خلفيات فقال "المشكلة الروسية ليست مع الوكالة اليهودية ، بل العلاقات مع إسرائيل.
وأضاف، لفترة طويلة يعمل بوتين على تفاقم العلاقات مع إسرائيل، قصة الوكالة ليست سوى واحدة من خطوات سلسلة التحركات السلبية ضدنا.
انحياز غربي
وتأكدت موسكو من أن تل أبيب تضعها بموقع هامشي مقارنة بالغرب وتحديدا الولايات المتحدة، حيث اتخذ رئيس الوزراء لبيد موقفا متشددا ضد الروس، وكان أول من انضم للغرب في معاداة موسكو، وإصدار إدانات شديدة ضد الرئيس فلاديمير بوتين، مما يجعل القرار الروسي سياسيا بحتا، ويأتي كنوع من الانتقام، رغم أنه تذرع بأسباب تتعلق بانتهاكات للقانون.
ويعترف الصهاينة بذلك فأعلنت هآرتس العبرية، وأن الموقف الإسرائيلي من حرب أوكرانيا، وتصريحات لبيد بخصوصها، مما أثار غضب الروس بشدة، لاسيما حين اتهمهم بارتكاب جرائم حرب، وأيدت الإدانة ضد روسيا في الأمم المتحدة، وتعليق عضويتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
لبيد لم يُجرِ أي محادثة مع بوتين، منذ توليه منصب رئيس الوزراء، كما لم يتصل الأخير به لتهنئته بتوليه منصبه الجديد، الأمر الذي يقطع الشك باليقين بأن موسكو بإغلاقها الوكالة اليهودية تنتقم من إسرائيل بسبب موقفها من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقال لابيد "حدثا خطيرا ويؤثر على العلاقات بين الطرفين، وشكّل كرئيس للحكومة وفدا قانونيا للتوجه إلى روسيا لبحث قرار إغلاق الوكالة اليهودية، لكن السلطات الروسية لم تمنحهم التأشيرات حتى الآن، وهو ما اعتبره حكوميون مماطلة متعمدة.
واعتبر مسؤولون صهاينة أن استمرار إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية في روسيا تشكل ذروة جديدة في التوترات بين تل أبيب وموسكو، خاصة مع استمرار القتال في أوكرانيا المستمر منذ خمسة أشهر.
وقالت صحيفة هآرتس العبرية "مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى موسكو سوف يتأخر لأن روسيا لم تعط موافقتها بعد.
ولفت إعلام الإحتلال إلى أن حكومة الاحتلال تستعد لاتخاذ خطوات تصعيدية مع روسيا في حال نفذت الأخيرة قرار إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية، ونقلت يديعوت أحرونوت عن مسؤول احتلالي قوله إن الخطوات قد تصل إلى استدعاء السفير في موسكو للتشاور، وأضاف موقع "والا" أن الرد قد يتراوح بين إصدار بيانات وإطلاق تصريحات شديدة اللهجة ضد روسيا، وإجراء مفاوضات سياسية مع روسيا في هذا الشأن، وقد يصل إلى إجراء سياسي انتقامي.
وقال الباحث والصحفي سعيد بشارات إن "تعليمات لابيد تتضمن حزمة عقوبات ضد روسيا؛ مثل عرقلة نقل ملكية الكسندر لروسيا، وخطوات جديدة لمساعدة أوكرانيا.
وألمحت "القناة 12" الصهيونية إلى أن الأزمة المحيطة بأنشطة الوكالة اليهودية في روسيا ليست قانونية لكنها سياسية.
وأضافت صحيفة هآرتس العبرية محتوى مؤكدا مضيفة أن رفض موسكو منح الوفد التأشيرات يمنع الأخير من إجراء المفاوضات مع الجانب الروسي، ولا سيما أن المحكمة العليا الروسيّة ستُناقِش القضية يوم الخميس القادم ".
سياسة عامة
وعلى مستوى الإجمال في هذه الأزمة السياسية، قال أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني د.صالح النعامي عبر (@salehelnaami) "روسيا تغلق مقر الوكالة اليهودية بحجة مخالفتها شروط العمل، الوكالة مسؤولة عن تهجير اليهود إلى إسرائيل، بوتين غاضب من موقف إسرائيل من غزو أوكرانيا، رغم أنها ظلت على الحياد خطوة لست سهلة، لكن أكثر ما يهم إسرائيل أن تواصل روسيا السماح لها بشن هجمات في سورية كما تريد".
وعن زيارة وزير الخارجية الروسي لافروف إلى القاهرة للقاء أمين عام جامعة الدولة العربية لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية ألمح الباحث والصحفي ياسر الزعاترة إلى ملف أوكرانيا وهو الذي يشهد تضامنا صهيونيا فقال الزعاترة عبر (@YZaatreh) "أحمد أبو الغيط يبحث مع لافروف تطوّرات القضية الفلسطينية، أي تطورات تلك التي سيبحثها أبو الغيط؟ لافروف يناكف الكيان بسبب مواقفه من حرب أوكرانيا، ولكن هل يجرؤ أبو الغيط على فعل ذلك؛ ومراجعه الكبرى تمضي بعيدا في التحالف مع الكيان، وتسعى لاستدراج دول أخرى، لم يفعل ولن يفعل".
مجمع كنسي بالقدس
الصهاينة هددوا بتعليق تسليم كنيسة الكسندر بالقدس المحتلة للروس وطرح وزير البناء، زئيف إلكين، خلال اجتماع الحكومة التلويح بتعليق إجراءات نقل ملكية الأرض الواقعة عليها كنيسة ألكسندر في مدينة القدس المحتلة إلى الحكومة الروسية، ضمن خطوات الرد على القرار الروسي.
وفي 19 أبريل الماضي، طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الصهيوني، نفتالي بنيت، بتحقيق الوعد الذي قطعه سلفه، بنيامين نتنياهو، وينقل إلى موسكو ملكية مجمع كنيسة ألكسندر نيفسكي، في القدس.
وأعقب مطالبة بوتين، تصريح لمسؤول روسي أن موسكو مستعدة لممارسة ضغوط لاستعادة موقع ألكسندر والكورتيارد المتنازع عليه، والذي وعد نتنياهو بتحقيقه لبوتين، لكن حكم محكمة صهيونية صدر في مارس الماضي، برفض اعتبار روسيا المالك الشرعي وعليه جاءت مطالبة بوتين لنفتالي بينيت في أبريل.
تدخل نتنياهو
وكون بنيامين نتنياهو، هو من وعد بوتين بنقل تبعية كنيسة إلكسندر، وأحد أبرز قادة الصهاينة قربا من الرئيس الروسي، طالب صهاينة بشكل علني النتن ياهو بالتدخل، والاتصال مع بوتين، لتلطيف الأجواء وإعادة ترميم العلاقة بين الجانبين، محذرين من انعكاس ذلك سلبا على يهود روسيا.
أنصح الحكومة الإسرائيلية عبر منبركم الكريم تكليف رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو بالاتصال مع الرئيس بوتين و تلطيف الأجواء واعادة ترميم العلاقة بين الدولتين لأهميتها البالغة… كي لا تنعكس سلباً على يهود روسيا و على الكثير من الملفات الأخرى ومنها ملف التنسيق الأمني في سوريا ..
— Cuore di Lion (@cuoredilion) July 24, 2022
ورأى آخرون أن بوتين الذي يلبي رغبات الصهاينة في المناطق التي تتخل بها قواته سواء في سوريا أو ليبيا، اعترف بالتنسيق مع نتن ياهو وصرح وقت أن كان رئيسا للحكومة من موسكو أن الضربات الصهيونية لسوريا تتم بالتنسيق مع روسيا.
وغنِم العسكر السوريون دبابة صهيونية من طراز باتون 48 في معركة السلطان يعقوب في البقاع اللبناني عام 1982، غير أن قيصر روسيا بوتين قرر إعادة الدبابة الإسرائيلية إلى أصحابها، استجابة لطلب صديقه نتانياهو، كهدية بمناسبة زيارة الأخير لموسكو في 2016.
https://twitter.com/i/status/1499364153697390596
المسؤولون الصهاينة ذوو الخبرة من عينة يوسي بيلين (الوزير السابق) قال إن "أوكرانيا لن تنتصر على روسيا حتى لو زودها الناتو بسلاح أذكى وأكثر كثيرا، دعوتها لبدء الانضمام للاتحاد الأوروبي لن تجلب وقفا للنار".
وتابع "من حق الرئيس اليهودي أن يبدل القميص ويعثر على وسيط مجرب قادر على وضع حد لسفك الدماء ، الصين كفيلة بذلك".
وزيارة نتن ياهو إلى موسكو مقررة بالفعل من المسؤول الصهيوني السابق، ورأى مراقبون أنه عندما يزور نتنياهو موسكو مجددا، فمن الواضح أنه مضغوط وبحالة أزمة سواء داخلية كانت أو على الحدود، بالتالي هو يلهث وراء حالة يمكن أن تحافظ له على ماء وجهه من جهة وعلى كيانه من جهة أخرى ريثما يصل الى طريقة أو مخرج أو أحد الحلول".
وفي 2018، حدث خلاف ألماني أمريكي بسبب التجسس على هاتف ميركل، تم تسجيل مكالمة بين ميركل ونتنياهو دامت ساعتين، تحدث نتنياهو عن تراجع الدور الأمريكي وصعود الروسي والصيني، وفي هذا العام زار نتن ياهو موسكو ٨ مرات في عام، ووقع صفقة استراتيجية مع موسكو.
في حين، زار نفتالي بينيت، رئيس الحكومة الصهيونية السابق، موسكو في مارس، لم يناقش الصفقة النووية مع إيران -بحسب تصريحات من نجل نتن ياهو على تويتر- والتي من شأنها أن تؤدي إلى تدمير إسرائيل، وقال "مجرد رحلة للمحتال المريض لأخذ صورة وعناوين في موضوع لا علاقة له بإسرائيل".
وعن ذلك قال التلفزيون الصهيوني إن "السفير الروسي لدى تل أبيب، أناطولي فيكتوروف، أجرى مباحثات مغلقة مع مسؤولين إسرائيليين نقل لهم خلالها موقف الكرملين من تعيين لبيد رئيسا للحكومة".
وأوضح أن "روسيا ليست راضية عن تعيين لبيد بسبب تصريحاته السابقة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، مُشددا على أن تولي لبيد للمنصب قد يخلق صعوبات في العلاقات الثنائية بين البلدين".