حذر خبراء اقتصاد من أن نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي يدفع مصر دفعا إلى إعلان إفلاسها خلال الشهور المقبلة بعد توريطها في مستنقع الديون الخارجية التي تقترب حاليا من 160 مليار دولار ، بددها على ملذاته واسترضاء عصابة العسكر وبعض الدول الخارجية ، ليسمحوا لنظامه بالاستمرار رغم جرائمه في حق الشعب المصري وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
وطالب الخبراء الشعب المصري بالانتفاض لإسقاط هذا النظام الخائن الذي بدد ثروات مصر وباع الأصول والممتلكات ما يهدد بمجاعة تجتاح البلاد.
يشار إلى أن الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية كان قد تراجع إلى 37.082 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، مقابل 40.99 مليار دولار بنهاية فبراير السابق عليه، نتيجة استخدام جزء من الاحتياطي لتغطية احتياجات السوق المصري من النقد الأجنبي وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية وكذلك لضمان استيراد سلع استراتيجية، بالإضافة إلى سداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية بحسب البنك المركزي المصري.
الدائرة الخبيثة
في هذا السياق كشفت دراسة أكاديمية نشرها المعهد المصري للدراسات بعنوان "الاقتصاد المصري وخطر الإفلاس، المؤشرات والمآلات" أن مصر في زمن الانقلاب انزلقت عمليا في الدائرة الخبيثة للقروض الأجنبية ، حيث بات تدوير القروض بأشكالها المتنوعة أمرا لا مفر منه، ومن المرجح أن يمتد هذا الأمر لعقود قادمة.
وأشارت الدراسة التي أعدها الدكتور أحمد ذكر الله أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، إلى أن نظام الانقلاب سيلجأ إلى أربعة مسارات، أولها التفريط بالأصول المملوكة للدولة بأبخس الأثمان، وخاصة لمشترين خليجيين، وثانيها محاولة استبقاء واسترداد أرصدة الأموال الساخنة عبر تسابق تنافسي محموم في رفع أسعار الفوائد.
وأضافت، أما المسار الثالث فسيشكل الاقتراض الخارجي بأشكاله المختلفة رافعة مهمة للاقتصاد المصري، حيث ستتوالى برامج الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وكذلك القروض الثنائية خاصة من الصين والسعي وراء الودائع الخليجية، وغير ذلك، فيما يكمن المسار الرابع في فرض سياسات تقشف الموازنة العامة لدولة العسكر والمزيد من الأعباء على المواطنين.
الاستثمارات الأجنبية
وقال أحمد أبو السعد عضو مجلس إدارة البورصة المصرية إن "تدفقات العملات الأجنبية تأثرت بشدة منذ شهر سبتمبر الماضي نتيجة خروج بعض الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين الحكومية، مع إعلان الفيدرالي الأمريكي عزمه تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، مما أدى إلى خروج الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الناشئة بصفة عامة، وعودتها مرة أخرى للدول المتقدمة".
وأضاف أبو السعد، في تصريحات صحفية أن مصر كانت من أكثر الدول الناشئة تضررا من خروج الاستثمارات الأجنبية ، مما أدى إلى انخفاض صافي الأصول الأجنبية بالبنوك المصرية، ووصل بالسالب مما أثر سلبا على الوضع الخارجي لمصر.
وأوضح أن أزمة خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، تزامنت مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا خلال شهر فبراير الماضي، والتي تسببت في التأثير سلبا على السياحة واستيراد القمح والنفط من الخارج، مما أدى إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد وزاد من الضغط على موارد الدولة من العملات الأجنبية، مما اضطر حكومة الانقلاب إلى البحث عن مصادر جديدة للنقد الأجنبي مثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمساعدات والودائع الخليجية، والاتجاه لصندوق النقد الدولي.
صندوق النقد
وقال الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية إن "الحرب الروسية على أوكرانيا أثرت سلبا على الاقتصاد المصري، سواء من ناحية تراجع إيرادات السياحة بعد توقف السياحة الواردة من روسيا وأوكرانيا والبالغة نحو 5 ملايين سائح سنويا، أو من ناحية رفع فاتورة استيراد مصر من الحبوب والقمح بعد ارتفاع الأسعار عالميا، وكذلك النفط الذي سجل مستويات ضعف المقدر له في الموازنة العامة لدولة العسكر، حيث يقدر برميل النفط في الموازنة خلال العام المالي 2021/2022 حوالي 68 دولار للبرميل في حين يتجاوز مستوى 110 دولار".
وأضاف السيد، في تصريحات صحفية أن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا بالإضافة إلى رفع البنك الفيدرالي الأمريكي الفائدة 0.25% أثر سلبا على حجم تدفقات النقد الأجنبي ، حيث اتجهت الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية للخروج من الأسواق الناشئة ومنها مصر.
وأشار إلى أن حكومة الانقلاب تعمل على الحصول على تمويل إضافي من صندوق النقد الدولي وطرح سندات في الأسواق العالمية، وبدأت بالفعل في الاتفاق مع الصندوق للحصول على تمويل إضافي، كما يتوقع أن تطرح قريبا سندات ساموراي بقيمة نصف مليار دولار، لإعادة هيكلة الدين الخارجي لمصر، من خلال تنويع أدوات الدين، وتوزيع سلة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وعدم ن فقط على الدولار، وجذب سيولة إضافية لسوق الأوراق المالية، في ظل الضغط على طلب الدولار.
وتوقع السيد أن تحصل مصر على تمويل من صندوق النقد الدولي لا يزيد عن 2 مليار دولار خلال الفترة المقبلة، وهذا التمويل بجانب سندات الساموراي لن يتمكن من إعادة التوازن في السوق المحلي لسد احتياجاته من الدولار اللازم للاستيراد.
رحيل السيسي
وأكد الخبير الاقتصادي محمود وهبة أن مصر تتجه نحو الإفلاس بسبب سياسة الاقتراض التي يتبعها نظام الانقلاب ، معتبرا أن الحل يتمثل في رحيل عبد الفتاح السيسي.
وقال وهبة في تصريحات صحفية إن "الاقتصاد المصري يعاني بسبب ارتفاع الاقتراض من الخارج ، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي في مصر يشبه الوضع في سريلانكا بسبب ارتفاع الدين الخارجي".
وكشف أن هناك تقارير تضع مصر في الترتيب الخامس في قائمة الدول المهددة بشكل جدي بالإفلاس ، متوقعا أن تعجز مصر عن سداد ديونها الخارجية خلال الفترة المقبلة بسبب كثرة القروض وفشل دولة العسكر في توفير السيولة لذلك.
وأشار وهبة إلى أنه خلال آخر مرة قام فيها نظام الانقلاب بسداد قرض أجنبي، وجد نفسه مجبرا على دفع ذلك من الاحتياطي في البنك المركزي، الذي من المفترض ألا يحدث باعتبار أن الاحتياطي ينظم السياسة النقدية ويضمن شراء الأكل.
وأضاف أن نظام الانقلاب قال في أول مرة انخفض فيها الاحتياطي إن "ذلك يرجع إلى سداد الديون، وفي المرة الثانية لم يكشف عن السبب لكن من المرجح أن يكون للسبب ذاته ، مؤكدا أن صندوق النقد الدولي والدعم الخارجي وتلك الأشياء لا يمكن لها أن تحل المشكلة، لأنها فقط مسكنات، قائلا إن هذه المرة لن تكون هناك حلول اقتصادية لمصر باعتبار أن شروط النقد الدولي ستكون صعبة أكثر".
ودعا وهبة نظام السيسي إلى الانسحاب من مفاوضات صندوق النقد الدولي لأنه لن يكون قادرا على سداد ديونه، موضحا أنه في هذه المرحلة، التوقف عن سداد الديون يعني عمليا إعلان الإفلاس رغم أن القانون الدولي لا يتحدث عن إعلان الدول لإفلاسها.
وقال "نظام الانقلاب لن يعلن إفلاس الدولة، وسيلجأ إلى جميع أنواع الخدع والألاعيب من أجل أن يغطي على ذلك، لكنه في الأخير لن يقدر على سداد ديونه".
وتابع وهبة، الإفلاس معناه أن النظام المصرفي سيتضرر، وقيمة الجنيه ستنخفض والغلاء سيكون أسوأ، مثل سريلانكا ولبنان والأرجنتين واليونان ، مشيرا إلى أن سريلانكا ليس لها حلول، لكن مصر لها حل بسيط يتمثل في رحيل النظام، سواء برضاه أو غصبا عنه.
وأضاف، رحيل النظام يعني التوقف عن أخذ الديون، والحاكم الجديد سيبلغ الدول الدائنة أن النظام كان فاسدا، ولو استقال السيسي فإن مصر ستكون في وضع أفضل بكثير.