الموت أفضل ألف مرة من حياة مع عصابة…انتحار الشباب للهروب من جحيم السيسي

- ‎فيتقارير

 

تزايدت ظاهرة الانتحار بصورة غير مسبوقة في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي خاصة بين شباب في عمر الزهور  فضل إنهاء حياته بأي وسيلة للهروب من الجحيم الذي فرضه السيسي على المصريين حيث غلاء الأسعار وتسريح العمالة وتراجع المرتبات ، بل وإلغاء المعاشات وتقليص الدعم التمويني وعدم قدرة الأسر على تلبية احتياجات أبنائها اليومية الأساسية حتى تلك التي تتعلق بالمأكل والمشرب.

تقارير أجهزة السيسي المضروبة ترجع ظاهرة الانتحار إلى أزمات نفسية أو اكتئاب، لكنها لا تكشف أسباب هذه الأزمات ومن المتسبب فيها لتبرئة نظام أجرم في حق جميع المصريين وجعلهم يفضلون الموت على حياة يفرضها السيسي عليهم ، أبسط معالمها القتل والتصفيات والاعتقالات وانتهاكات حقوق الإنسان

كانت النيابة العامة التابعة لنظام الانقلاب قد زعمت أنها تستشعر خطرا مُحدقا بالشباب لإقدام بعضهم على الانتحار في هذه السن الصغيرة، يأسا من ضائقة مادية أو خلافات عائلية .

وقالت نيابة الانقلاب في بيان لها – حاولت من خلاله تبرئة نظام السيسي من هذه الحوادث – إنها "تنادي الشباب من واقع الأمانة التي تتحملها وتمثيلها المجتمع، يا أيها الشباب لا تنخدعوا بمكر الشيطان بكم، وإياكم والاستهانة بحياتكم بصورة قليلة العلم، عظيمة الذنب والجرم عند ربكم، إياكم أن تنهوا حياتكم بسبب فشل أصابكم أو ضائقة حتما ستمر، فهذا من العبث والاستهانة بحرمة حياتكم التي جعلكم ربكم حراسا عليها وحماة لها، وانظروا فيمن حولكم ممن ابتلوا واختبروا بألوان المصائب والبلايا، فمنهم من رأى الله منهم صبرا ومغالبة لأسباب حياتهم، وهذا هو المراد من ابتلائهم، فأنالهم أجر الصابرين بغير حساب".

 

فقدان الأمل

 

حول الأسباب التي تدفع الشباب إلى الانتحار قال الدكتور علي عبدالراضي، استشاري العلاج والتأهيل النفسي، إن "المنتحر قبل الانتحار يفقد الأمل في المستقبل ويبدأ في الحديث باستمرار عن إنهاء حياته، وقد يقوم بأمور مؤذية غير محسوبة قبل إقدامه على التخلص من حياته، مشيرا إلى أن ما يحتاجه المقدم على الانتحار هو الدعم بأفكار جديدة عكس الأفكار السلبية والانتحارية التي تسيطر على تفكيره".

وأضاف «عبدالراضي» في تصريحات صحفية أن الدعم النفسي ضروري جدا للأشخاص المقدمين على الانتحار ودعمهم بالأفكار الإيجابية الجديدة، والتأكيد على أهمية حياة كل شخص، والتصدي للأزمات وإكساب الشباب مهارة حل المشكلات والتعامل مع هذه الأزمات بالشكل السليم المطلوب، واكتساب علاقات ذات معنى سواء مع النفس أو الأصدقاء أو بينهم وبين الله عز وجل، ومعرفة دافع الحياة وأهمية البقاء.

 

مكسب وخسارة

 

وأرجعت الدكتورة رحاب العوضي، أستاذ علم النفس السلوكي، الانتحار إلى الجزء المتعلق بالتربية والأسرة والمجتمع المحيط والتأثر بالدراما، مشيرة إلى أن هناك جزءا آخر وهو المرض العقلي مثل الاكتئاب ثنائي القطبين.  

وقالت رحاب العوضي في تصريحات نفسية إن "السبب النفسي أو الأسري المتأثر بالمجتمع والظروف المحيطة يدفع البعض للانتحار خاصة بين الفئات في السن ما بين ١٥ إلى ٢٩ عاما".

وأشارت إلى أن مرحلة المراهقة تجعل الشباب والفتيات مرهفين المشاعر لم يخوضوا التجارب الحياتية كثيرا، ولم يصطدموا بالحياة وأزماتها، مؤكدة أن الآباء والأمهات عليهم دور كبير في الدعم النفسي للأطفال وإخراجهم من دائرة المقارنة بالآخرين والتوقعات المرتفعة.

وحذرت رحاب العوضي من أن المشكلات الأسرية عامل أساسي للانتحار، والتربية غير السوية من الأصل، فيجب على الوالدين والمدرسين بالتعليم تهيئة الإنسان، خاصة المراهقين وإدراك أن الدنيا مكسب وخسارة ونجاح وفشل وسعي ووصول.

 

ضغوط ومشاكل

 

وأعرب الخبير النفسي الدكتور أحمد فخري عن أسفه لانتشار ظاهرة الانتحار بشكل ملحوظ خصوصا بين الشباب، مشيرا إلى أن أحدث التقارير عن الانتحار تكشف أن الفئة من سن ١٥ إلى ٣٠ سنة أعلى مرحلة عمرية لانتحار الشباب في مصر وأن الإناث أكثر ميلا لمحاولات الانتحار، لكن الانتحار الفعلي يقع بين الذكور أكثر من الإناث .

وقال «فخري»  في تصريحاته  "هناك عوامل متعددة ومتشابكة تدفع الإنسان للإقدام على الانتحار منها أسباب اجتماعية من خلافات أسرية وضغوط من الأهل ومشاكل في العمل ، وهناك أسباب اقتصادية مالية مثل فقدان أموال أو عدم وجود الأموال أو البطالة والفشل في العمل، وهناك أسباب أخرى نفسية منها اضطرابات نفسية والاكتئاب والإدمان واضطرابات التفكير والشعور بالاضطهاد، بجانب أسباب ترجع إلى البعد عن الدين وعدم اتباع المنهج الديني والالتزام به".

وأضاف أن خطوة الانتحار تسبقها العديد من الأفكار الانتحارية، وأحيانا نجد الشخص المكتئب يشير إلى أن الحياة ليس لها معنى وأنه لا يشعر بأهمية وجوده وأن وجوده مثل عدم وجوده وعبارات سلبية عديدة تشير إلى أن المحتوى الفكري للشخص هو أفكار سلبية انتحارية.

وأوضح «فخري»  أن المحاولات الانتحارية هي إيذاء الذات دون نية أو قصد في إنهاء الحياه أو الموت كنوع من التهديد وإعلان الضيق للمحيطين ، وغالبا ما يتم ذلك بوسائل وطرق مثل إساءة استخدام الأدوية أو إشعال النيران والتهديد بها أمام الآخرين، أما المقبلون على الانتحار الفعلي فيقومون بإحكام خطة الانتحار بعناية وتخطيط مسبق وينفذون الخطة في كتمان وسرية وبدون إعلام أي شخص.

وأكد أن طريقة الانتحار تشير إلى معنى ودلالة، فنجد الشباب المنتحرين الذين يلقون بأنفسهم من أماكن مرتفعة يرمزون إلى إشهاد العالم أجمع وأسرته أنه يحملهم الذنب والعار والإثم كله فهو يعلم العالم كله بانتحاره وأن الذنب يلقيه على المجتمع وتكون النهاية درامية يخبر بها كل الناس عن فداحة الأمر وعظمته، عكس الانتحار شنقا فهو عقاب للشخص وكراهية للذات وإشعال الحريق للتطهر من الذنوب والقتل بالرصاص للانتقام من نفسه.

 

دولة العسكر

 

ولفت «فخري»  إلى أن هناك علامات تحذيرية لابد للأسرة والمحيطين بالشخص المقبل على إيذاء الذات أو الانتحار الانتباه لها، منها التصريح بالأفكار السلبية حول الرغبة في إنهاء حياته أو أنه يشعر أن وجوده بلا قيمة أو معنى والانعزال عن الآخرين وتجنب المحيطين على غير العادة والتصريح قولا إنه يرغب في إنهاء حياته وأنه لا يرغب في البقاء في هذا العالم، ومحاولات انتحارية سابقة أو محاولات تهديد بانتحار سابقة، وهنا لا بد أن يطلب الشخص مساعدة متخصص نفسي لأنه يعاني من ضغوط أو مشاكل نفسية إذا لاحظ المحيطون إهمال ولامبالاة لدى الشخص، خاصة إذا لوحظ تغير في سلوكه وعاداته بشكل سلبي، وإذا وجد الشخص يتابع أفلاما أو فيديوهات أو عبارات على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن الموت والانتحار وترك الحياة فكل هذا مؤشرات وعلامات منذرة بالخطر.

وحمل دولة العسكر مسئولية انتحار الشباب مشيرا إلى أنه من المفترض أن يكون لها دور في التوعية والوقاية من الإقدام على الانتحار خاصة بين الشباب من خلال إنشاء قاعدة بيانات دقيقة ومراكز للوقاية وتقديم الإرشادات والدعم النفسي للشباب ، وأيضا دعم نفسي للأسرة وإنشاء خطوط ساخنة لتقديم معلومات على مدار ٢٤ ساعة عن الانتحار وعمل حملات توعية في أماكن تجمع الشباب ومن خلال الإعلام والجامعات والمدارس.

من ناحيتها قالت الدكتورة إلهام شاهين، أمين مساعد مجمع البحوث الإسلامية إنه "لا يجوز الحكم بالكفر على المنتحر وهذا أمر لن يفيد بشيء، فلا بد من حلول للأزمة مثل التحدث عن وضع عقوبة المنتحر بهدف ردع الناس عن الانتحار، لتتساءل هل المنتحر معاقب أم مغفور له أم خالد مخلد في النار وما عقوبته عند ربنا؟