في بلد يصنف على أنه ثالث سجان للصحفيين في العالم، كان موقع "مدى مصر" الإخباري المصري المستقل على الإنترنت من بين المنافذ القليلة المتبقية التي تحاول البقاء على قيد الحياة ضد حكم استبدادي.
وفي ضربة أخرى لحرية الصحافة في مصر، تم استدعاء صحفي من مدى مصر خلال عطلة نهاية الأسبوع للاستجواب أمام نيابة الأقصر في الجنوب حول قصة إخبارية عن فساد مشتبه به في حزب سياسي كبير، حسبما ذكرت الوسيلة الإخبارية المستقلة في بيان.
ويعتقد أن الصحفي، الذي لم يذكر اسمه في البيان، قد اتهم بنشر أخبار كاذبة من بين تهم أخرى، في أعقاب نشرة إخبارية صدرت في 31 أغسطس وشارك في كتابتها ثلاثة صحفيين: رنا ممدوح وبيسان كساب وسارة سيف الدين.
وجاء في النشرة المعنية أن "مدى مصر" تحدث عن اتهامات بالفساد ضد عدد من كبار أعضاء حزب "مستقبل وطن" الذين حققت معهم هيئات الرقابة الرسمية، ما أدى إلى اتخاذ قرار بطردهم من المشهد السياسي، بحسب البيان.
ونفى الحزب هذه الادعاءات بعد يوم واحد.
ونتيجة لذلك، قدم العديد من النواب، المنتسبين إلى الحزب، عشرات الشكاوى في جميع أنحاء مصر ضد الصحفيات الثلاث وكذلك الرئيس التنفيذي لمدى مصر، وفقا لأوراق قانونية ومصادر مقربة من الحزب تحدثت إلى مدى مصر شريطة عدم الكشف عن هويتها.
وأشار المنفذ إلى أن "مدى مصر يعتبر الاستدعاء للتحقيق تطورا متوقعا يتسق مع الضغط الكبير الذي تعرض له الصحفيون العاملون في مصر في السنوات الأخيرة".
وقال فريق الدفاع "هذا تكتيك قديم" لزيادة الضغط وإلزام أصحاب الشكاوى بالمثول أمام مدعين عامين مختلفين.
ويعتزم محامو المنفذ تقديم التماس إلى المدعي العام لدمج الشكاوى في تحقيق واحد لتجنب إجراءات موازية أمام هيئات تحقيق مختلفة.
تدهورت حالة الإعلام والصحافة في مصر بشكل حاد بعد أن انقلب وزير الدفاع آنذاك، عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد، الشهيد محمد مرسي، في 3 يوليو 2013.
تم حظر أكثر من 500 موقع محلي ودولي للمنظمات والمنافذ الإخبارية، بما في ذلك مدى مصر والعربي الجديد، في البلاد.
في عام 2021، صنفت لجنة حماية الصحفيين مصر ثالث أسوأ سجان للصحفيين في العالم، مع وجود 60 صحفيا على الأقل خلف القضبان.
كان مدى مصر من بين المنافذ القليلة المتبقية التي تحاول السباحة ضد المد الاستبدادي، حيث تقدم لقرائها صحافة عالية الجودة بما في ذلك الأخبار والتحليلات والمقالات والتقارير الاستقصائية باللغتين العربية والإنجليزية.
ومن بين التقارير المهمة التي يديرها المنفذ تقرير عن نجل السيسي، وهو ضابط كبير في جهاز المخابرات محمود السيسي، نشر في عام 2019.
ومنذ ذلك الحين، يعتقد أن الخلاف بين السلطات ومدى مصر قد تصاعد. وفي الشهر نفسه، نشر التقرير، وداهمت قوات الأمن بلباس مدني المكتب واحتجزت ثلاثة من كبار الصحفيين داخل المبنى، بمن فيهم رئيسة التحرير، لينا عطا الله، بعد مصادرة أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة الخاصة بهم، لعدة ساعات.
وبعد عام تقريبا، تعرضت عطا الله لعمل من أعمال الترهيب عندما احتجزت أثناء مقابلتها لأستاذة الرياضيات ليلى سويف، والدة الناشط البارز المسجون علاء عبد الفتاح، خارج سجن طرة شديد الحراسة في القاهرة.
وفي العام نفسه، منع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المعروف بولائه للنظام، الصحفيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من تغطية القضايا السياسية والاقتصادية الحساسة، وفرضت قيود أخرى على مدى السنوات التالية على الإبلاغ عن مواضيع مثل بيانات الجيش أو الدين.
وقال البيان إن "فريق الدفاع عن مدى مصر يعتزم اتخاذ الإجراءات القانونية لمطالبة النائب العام بالاستماع إلى قيادة المنظمة وشهادات الصحفيين في الشكوى المذكورة أعلاه وأي شكوى أخرى حول نفس الموضوع".
https://english.alaraby.co.uk/news/mada-masr-faces-crackdown-egyptian-government-once-again