لماذا يخشى السيسي نشر صور قصوره الرئاسية؟

- ‎فيتقارير

في واقعة كاشفة لمدى الازدواجية التي يتعاطى بها السيسي مع الشعب المصري، حيث يطالبهم بالتقشف والصبر على شظف العيش الذي باتوا يعانونه ، منذ انقلابه على الرئيس مرسي، وتمكينه أصدقائه وأقاربه وعساكره من 60% من اقتصاد مصر، مجنبا ميزانية مصر الرسوم والضرائب والجمارك والرسوم المستحقة على تلك الشركات والمناقصات والمشاريع الضخمة، بما يعادل نحو 7 تريليون جنيه، لو أضيفت لميزانية الدولة لأصبحت مصر من أغنى الدول ولاستغنت عن القروض وسددت الديون.

وفي إطار رعب السيسي من انتشار حقيقة معيشته البذخية والرفاهية الكبيرة التي يعيشها بعيدا عن معاناة الشعب،

قررت نيابة أمن الدولة العليا، الإثنين الماضي، حبس شاب يدعى، كريم صفوت، 15 يوما على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1635 لسنة 2022  المتهم فيها بـ«الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي» وذلك بعدما التقط صورة ومقطع فيديو قصير في حديقة القصر الرئاسي، تحت الإنشاء، في العاصمة الإدارية الجديدة، حسبما قال شقيقه طارق صفوت، ومحاميان.

اﻷخ اﻷكبر، طارق، الذي يمتلك شركة مقاولات تباشر أعمالا داخل العاصمة الإدارية لصالح شركات أكبر، قال في تصرييحات صحفية، إن "شقيقه كريم، 20 عاما، الذي يساعده في العمل، رافق عمالا لمتابعة أعمال الزراعة في حديقة القصر الرئاسي، في 3 سبتمبر الجاري، واستمر عمله هناك ثلاثة أيام التقط في نهايتها صورة للقصر الرئاسي الجاري إنشاؤه".

وبعد تصوير الفيديو مباشرة ألقت قوات الأمن المتواجدة في محيط القصر القبض على كريم، واحتجزته بغرفة تابعة للأمن داخل القصر ، حسبما قال اﻷخ اﻷصغر لأخيه في مكالمة سريعة أبلغه خلالها أنه دخل في مشادة مع مسؤول أمني كبير في العاصمة الإدارية، تواصل الشقيق اﻷكبر مع المسؤول الأمني الذي قال له إن "شقيقه سيطلق سراحه بعد انتهاء زيارة مقررة للسيسي، في 7 سبتمبر".

استمر احتجاز كريم في الغرفة نفسها من 5 وحتى 7 سبتمبر، وبعد انتهاء الزيارة تم اصطحابه إلى جهة غير معلومة، دون أن يعرف شقيقه اﻷكبر أي معلومات عنه سوى عبر منشور فيسبوك كتبه المحامي، خالد المصري، عن عرض كريم على النيابة، الاثنين الماضي.

وفقا للمصري، احتُجز كريم في جهة غير معلومة لمدة 12 يوما قبل عرضه على النيابة، التي اطلعت على هاتفه، بخلاف صورته مع القصر، مقطع فيديو قصير يظهر لمدة ثواني القصر الخاضع للإنشاء، مع تعليقه «ده قصر الريس».

وأوضح المصري أن الشاب لم ينشر الفيديو على أية وسيلة تواصل، ورغم ذلك وجهت له تهم متعلقة بالنشر على السوشال ميديا.

بحسب طارق صفوت، بعد يوم من اختفاء شقيقه، ألقت قوات اﻷمن القبض على عامل آخر، عمره 17 عاما، بسبب التقاطه بدوره صورة للقصر الجاري إنشاؤه، وهو ما علموا به أثناء تفتيش هاتف كريم، قبل أن يطلق سراح العامل خلال أيام قليلة بعد التحقيق معه.

وفيما اعتبر محام اطلع على تحقيق النيابة أن كريم «ولد صغير، تصرف بشكل عفوي، والقصر أصلا تحت الإنشاء» أكد طارق أن شقيقه ليس لديه أي انتماء سياسي، مضيفا «إحنا مالناش في حاجة، بنشتغل ونأكل عيش، وبنأكّل غيرنا عيش، وبننتخب الريس».

الواقعة تحمل الكثير من المعاني وتكشف حجم الإسراف في البذخ الذي يعيشه السيسي ، في القصور والمميزات الكبيرة الفارهة، بينما يأكل الشعب  الطعام المستعمل وهياكل الدواجن والعظم، ولا يجد إكثر من 82% من فقراء مصر لقمة العيش في أتون ارتفاعات الأسعار الكبيرة في كل شيء ، وبات أغلب الشعب لا يجد قوت يومه.

ويواصل  السيسي بناء القصور الفخمة وافتتاح الاستراحات الرئاسية وتجديد أثاث تلك القصور  بملايين الجنيهات بلا رقابة أو محاسبة من أحد.

كما يتوسع السيسي في إسكات إي صوت حتى لو كان طفلا أو بالغا، سواء أكان مسيسا أم لا يعلم شيئا عن السياسة.

ويأتي اعتقال الشاب  ليشير إلى تواصل الرعب المتحكم في نظام السيسي من السوشيال ميديا ومن الإعلام والصحافة وغيرها.

ومؤخرا، قالت منظمة العفو الدولية، في تقرير، إن  "الحكومة المصرية مستمرة في انتهاكات حقوق الإنسان وتضييق الخناق على الحريات، رغم مرور عام على إطلاقها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي استغلتها السلطات كأداة دعائية لتُخفي قمعها الذي يزداد استفحالا ضد أي شكل من أشكال المُعارضة»، بحسب التقرير، وذلك قبل مؤتمر المناخ المُقرر انعقاده في نوفمبر القادم بشرم الشيخ.

ووفقا للتقرير، الذي أصدرته المنظمة تحت عنوان «مصر انفصال عن الواقع، الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر تتستر على أزمة حقوق الإنسان» لم تُبدِ السلطات المصرية «نية صادقة للاعتراف بأزمة حقوق الإنسان المتجذرة التي تشهدها البلاد، أو حتى معالجتها. ويرى التقرير أن السلطات المصرية تقدم صورة مضللة وزائفة أحيانا حول أوضاع حقوق الإنسان».